الصفحة الأساسية > البديل الوطني > الحجاب والدكتاتورية
رأي:
الحجاب والدكتاتورية
17 كانون الثاني (يناير) 2007

شغلت ظاهرة الحجاب الناس في الشارع التونسي بعد أن عمد البوليس لإيقاف المتحجبات في كل مكان والتحقيق معهن ومطالبتهن بنزع الحجاب/ الخمار ومنعهن من الدخول إلى مواطن عملهن وإلى المدارس والمعاهد والكليات. هذا السلوك ليس غريبا عن النظام التونسي الذي يصادر الحريات والحقوق رغم كثرة المقالات التي تكتبها الصحف التونسية الرسمية والخطابات التي تبثها وسائل الإعلام المرئية والسمعية التابعة للسلطة عن حقوق الإنسان وما تحظى به "من عناية".

إن المتتبع لانتشار ظاهرة الحجاب يجب عليه تنزيلها في إطارها الموضوعي ومعالجتها بتجرد. إن الحجاب هو مظهر من مظاهر التدين. والتدين يندرج ضمن حرية المعتقد، والمعتقد موصول أساسا بحرية الضمير، وحرية الضمير تندرج ضمن الحريات الفردية. والحريات الفردية جزء من حقوق الإنسان، وهذه الأخيرة منعدمة في بلادنا. لكن ما نجده عند بعض الناس أفرادا أو جماعات من تخوف من "خطورة" هذه الظاهرة وما ينجر عنها من نتائج تعود سلبا على المجتمع وعلى آفاق تطوره يدفعني إلى التوضيح التالي: إن انتشار الحجاب وما شابهه من مظاهر التدين المبالغ فيه ليس إلا نتيجة لغياب الوعي البديل وسيطرة الفكر الخرافي والأسطوري وهو نتاج لأزمة اقتصادية واجتماعية تعصف بالبلاد مما أدى إلى تردي الأوضاع في كل المجالات. إذ وفي هذه الوضعية وفي غياب البدائل التقدمية تلجأ العامة أو هي تعود إلى الميتافيزيقا لتحقق نوعا من الطمأنينة تعبيرا عن عجزها عن فهم الواقع وملابساته وخوفها من وطأة نظام الحكم الذي يكمم الأفواه ويصادر، بل ويضرب كل فكر تقدمي نير.

إن نظاما دكتاتوريا وفاشيا غاشما بهذا الشكل لا يمكنه إتاحة الفرصة للشعب لكي يمارس طقوسه وعباداته بكل حرية وبدون قيد أو شرط. ولا أن يعبر عن آرائه وأفكاره كما يشاء؟ بل لا يريد إلا قطيعا أو عبيدا أو دمى يحركها مثلما يشاء. إنه لا يأبه بمشاعر الشعب. ولا بعاداته وتقاليده ولا بحقوقه وحرياته. إذ أن كل هذه الصعوبات التي تعترض المواطن التونسي في حياته اليومية من مصادرة لحرياته وضرب لحقوقه، علينا أن نفهم كيف نتغلب عليها انطلاقا من إيماننا بأننا نحن من بأيدينا صنع التاريخ مثلما نبهنا إلى ذلك سارتر:"أيها الإنسان إنك لست إلا أنت، إنك لست إلا ما صنعت". وبأن التاريخ من صنع الجماهير الواسعة لا من صنع مجموعة من الأفراد. فالمطلوب إذن هو أن يهبّ كافة التونسيات والتونسيين لوقف مثل هذه الممارسات والتي لا سبيل إلى دحرها إلا بالنضال، الكفيل وحده بضمان الكرامة الوطنية وإرساء الحريات الفردية والجماعية وفي ذلك خطوة نحو تحقيق الحريات السياسية للخروج من حالة الانغلاق الذي تعيشه البلاد. فمزيدا من الجرأة ومزيدا من النضال.

س.س



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني