الصفحة الأساسية > البديل الوطني > خواطر حول عودة المغتربين
خواطر حول عودة المغتربين
24 كانون الأول (ديسمبر) 2008

لا خلاف في أن ظواهر الإغتراب القسري هي إحدى نتائج القمع الواسع والمنهجي الذي مارسته السلطة البوليسية بتونس ضد خصومها السياسيين على مدى عشريتين كاملتين مما اضطر العشرات منهم إلى الهجرة للإخلات من بطش النظام خاصة وقد أكدت تقارير المنظمات الحقوقية الدولية انعدام شروط المحاكمة العادلة في جميع الإحالات على القضاء المتذيل للسلطة والمنفذ لتعليماتها.

فقرار العودة هو قرار سياسي من وجه أن أهدافه سياسية، فبالنسبة للسلطة التي مارست عقيدتها بأن السياسة تختزل في قمع السياسيين ومحادبتهم، تنتظر أن تجني ثمرة ذلك الخيار بلوغ الهدف الذي رسمته له وهو استسلام المغترب والقبول بشروط عودة مذلة يرتبها البوليس السياسي عادة ما تقترن بالتعبير عن التوبة والإنسلاخ عن المجموعة التي انتمى إليها ويصل الأمر بالبعض إلى حدّ تلميع حذاء القمع وهو ما تطلبه سلطة تحصى "المكاسب" بعدد الجثث السياسية التي استقبلهم. في حين لا يطرح المناضل الشريف العودة إلا في إطار أنها جولة من معركة مع السلطة وأن يحمل من طول المعان والحرمان من الأهل والوطن عنصر شحذ لإرادته وتصميم على التمسك بحقوقه وصون كرامته وألا يقايضها بعودة تتم طبق شروط مذلة.

ووفق هذا التصور فإنه لا بد من رسم خطة عملية توفر شروط النجاح وبلوغ الهدف المأمول وذلك عبر فرض معالجتها معالجة جماعية باعتبارها قضية سياسية وليست مجرد حالات تعالج قضائيا مثلما تريده السلطة، وهي لذلك لا بد أن يجند لها الرأي العام الداخلي والخارجي وتكسب تأييد العديد من القوى الفاعلة والمؤثرة، كذلك لا بدّ من التفكير في ترتيب العودة لتكون جماعية بالقدر الممكن ولا نغفل طبعا الإستعداد الذاتي لتحمل المغترب كلفة هذه العودة، وما تتطلبه من تضحية. وفي الجانب القانوني الإجرائي فمن المنتظر أن تلجأ السلطة إلى إعادة محاكمة العائدين، إذ تقتضي أحكام مجلة الإجراءات الجزائية أنه يمكن الطعن في الحكم الصادر غيابيا بطريقة الإعتراض ويتولى كاتب المحكمة ذات النظر تعيين الجلسة بعد تلقى المطلب في الموضوع في ظرف شهر كما نصت أحكام الفصل 180 م.إ.ج على أن الإعتراض يوقف تنفيذ الحكم الغيابي- باستثناء الصورة التي ينص فيها الحكم على النفاذ العاجل.

وتجدر الملاحظة أنه بالنسبة لمن حوكم من أجل جنحة فإن سقوط العقاب يكون قد حصل بمرور الزمن (الفصل 349 م.إ.ج) في حين أن المحكوم من أجل جناية فإن سقوط العقاب هو 20 سنة كاملة. لذلك لا بدّ من الإطلاع على الأحكام الصادرة غيابيا في حق كل مغترب- وفي صورة سقوط العقاب بمرور الزمن فإن الإعتراض يرفض شكلا من طرف المحكمة بعد انتفاء الموضوع ( النظر في أصل التهمة) وبعض إخلاء سبيل المعترض.

لذلك لا بدّ من دراسة كل حالة على حدة بالإطلاع على نسخ الأحكام للتعرف عما إذا كان الحكم قد صدر من أجل جنحة أو جناية.

وفيما يتعلق بجواز السفر فإن الفصل 13 من القانون عدد40 لسنة 1975 كما جرى تنقيحه بموجب القانون 6 لسنة 2004 المؤرخ في 03/02/2004 يكرس حق كل تونسي في الحصول على جواز سفر وتجديده أو التمديد في صلوحيته عدا بعض الإستفتاءات التي تهم صورة المغترب.

عبد الرؤوف العيادي


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني