الصفحة الأساسية > البديل الوطني > لا للمتاجرة بصحّة الشّعب
نظام التأمين على المرض:
لا للمتاجرة بصحّة الشّعب
25 أيار (مايو) 2008

تـُقدم السلطة على تطبيق نظام التأمين على المرض في مرحلته الثانية بداية من جويلية 2008 وتدعو الأجراء وغير الأجراء إلى اختيار أحد المنظومات الثلاث (العمومية، الخاصة عن طريق الطرف الدافع، منظومة استرجاع المصاريف). فما هي حقيقة هذا المشروع؟

1/ السلطة تتخلى كليا عن دورها الاجتماعي في مجال الصحة:

منذ بداية الثمانينات وتطبيقا لتوصيات الصناديق الامبريالية النهابة (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي) ابتدأ العمل ببرنامج الإصلاح الهيكلي بقروض تشجيعية مقابل التخلي عن القطاعات الإستراتيجية الحساسة مثل التعليم والصحة إلخ..

كان التداوي أواخر السبعينات بأسعار رمزية (طابع العصا البيضاء) ثم شهدت نسبة تدخل الدولة في الكلفة الإجمالية للصحة تدنيا من 44 بالمائة سنة 1987 إلى 22 بالمائة سنة 2004 وبالمقابل ارتفعت نسبة مساهمة العائلة من 42 بالمائة سنة 1987 إلى 55 بالمائة سنة 2004.

2/ صندوق التأمين على المرض: الجنة الموعودة لمن؟

تدّعي الدعاية الرسمية أن الصندوق "يوفـّر الصحة للجميع". وللمنخرط "حرية اختيار القطاع العام أو القطاع الخاص" مقابل الترفيع في نسبة المساهمة من 2% حاليا إلى 6،75% (تدريجيا على سنتي 2008 و2009) 4% منها للمؤجر و2،75% للأجير يتحملها كليا من حسابه الخاص. كما ارتفعت نسبة مساهمة المتقاعد، المعرّض أكثر من غيره للأمراض، من 1% على 4%.

هذا هو بيت القصيد: تحميل مصاريف العلاج لمن أفنى عمره في البذل تنخره الأمراض بسبب الاستغلال الفاحش وظروف العمل المزرية والبيئة الملوثة إلخ... أما العاطلون والمسرحون ومن ليس لهم مورد رزق وخريجي الجامعة المعطلين وهم يعدون بعشرات الآلاف فإن مصيرهم في ظل النظام الجديد للتأمين على المرض هو التجاهل والموت...

إن الفئات الميسورة تجد الرعاية الصحية والتـّداوي بالمصحات الخاصة التي تضاعف عددها عديد المرات في العشرية الأخيرة أو بالخارج، ويأتي هذا الإجراء الجديد ليكرس حقيقة ازدادت استفحالا في عهد بن علي وهي أن هناك "صحة" للفقراء وأخرى للأغنياء.

2/ صيغ التكفل بمصاريف الخدمات الصحية غير عادلة:

إن نسبة مساهمة المنخرط بـ6،75% من الأجر الشهري أو الدخل تخوّل له الانتفاع بالخدمات الصحية مقابل معلوم تعديلي في حدود سقف أجرة شهر ونصف من معدل أجوره المصرّح بها في منظومة العلاج. وينطبق هذا السقف على العامل مهما كان عدد من بكفالته (3أو8أو10)، كما أن الزوجين المنخرطين بالصندوق يتمتعان بسقف واحد بينما يقتطع منهما معا وهو إجراء غير قانوني. ويتفاوت السقف بين السميقار (300 دينار) والموظف الإطار (3000 دينار). فهل يمكن أن نتحدث بعد هذا عن عدالة النظام الجديد للتأمين على المرض؟

ولما نعرف ما عليه الخدمات الصحية بالمؤسسات العمومية من اكتظاظ وطول المواعيد وتردي الخدمات ونقص الإطار وقلة الآلات.. فإن هذا النظام يدفع بالمنخرطين إلى هجرة القطاع العمومي في اتجاه المنظومة الخاصة بفرعيها.

4/ الاختيار المبني على المجهول

لم يحدد سقف استرجاع المصاريف بالمنظومتين الثانية والثالثة. كما حددت نسبة استرجاع مصاريف الدواء على أساس ثمن الأدوية الجنيسة وهي أدوية مشكوك في جدواها. وعلى المنخرط اختيار طبيب العائلة الذي يوجهه لطبيب الاختصاص. كما أن استرجاع المصاريف لم يحدد بأجل.

5/ القطاع العمومي في خطر:

من مطالب اتحاد الشغل والأجراء تأهيل القطاع الصحي العمومي حتى يقدر على مزاحمة القطاع الخاص وذلك بـ:

- توفير البنية التحتية والآلات الطبية بكل الجهات على غرار القطاع الخاص.
- انتداب أعوان صحة وأطباء اختصاص
- توفير الأدوية اللازمة والضرورية في الصيدليات التابعة للمستشفيات.

لكن هذه المطالب لم تتحقق رغم طول فترة التفاوض (عشرة سنوات) لأن القيادة النقابية لم تخض حولها النضالات بل اقتصر دورها على عقد ندوات جهوية وقطاعية تتمخض على الشجب والمزايدة بالشعارات، لتصطف في النهاية وراء السلطة وتمضي على الاتفاقية بكل مساوئها. مثلما فعلت مع ملفات المناولة ومرونة الشغل: السلطة تنفذ المشاريع المعادية للشعب والبيروقراطية تكتفي باللوم ثم تتواطأ معها.

لكن على الأجراء رغم هذا الواقع الصعب والمرير أن يتمسكوا بالقطاع العمومي كقطاع استراتيجي يشغّل 50 ألف موظف وهو الضمانة لتوفير العلاج الناجع. ولا يعني ذلك طمس علات ونقائص هذا القطاع. بل لا بد من خوض النضال من أجل مجانية الصحة ومن أجل خدمات صحية أفضل وأرقى. على النقابيين أن يعوا ذلك للتصدي لهدف السلطة البعيد وهو تفليس المؤسسات العمومية لخوصصتها بالكامل. هذه هي حقيقة المشروع الواجب مقاومته حتى لا يلحق بركب الخوصصة التي شملت عديد المؤسسات التي شيّدها الشعب على مدى أجيال.

6/ "الكنام" خطوة في اتجاه ابتزاز أطباء الممارسة الحرة:

ومن بين أهداف هذا المشروع أيضا إجبار الأطباء على التعاقد مع الصندوق لأنه الخيار الوحيد أمامهم لضمن الشغل وبذلك يمكن للصندوق ومن ورائه السلطة معرفة حقيقة مداخيلهم وتشديد الخناق الجبائي عليهم فتلحقهم بالأجراء الذين تخصم الأداءات من مرتباتهم مباشرة وهو من بين الأسباب التي جعلت أغلبهم يرفض التعاقد. وقد قام أطباء الاختصاص بإضراب ناجح لفرض مطالبهم.

- من أجل مجانية الصحة للجميع

- لا للمتاجرة بصحة الشعب.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني