الصفحة الأساسية > البديل الوطني > من أجل وحدة الشعب وقواه الثورية ضد القوى المعادية للثورة
بيان المجلس الوطني لحزب العمال الشيوعي التونسي (13 و14 أوت 2011):
من أجل وحدة الشعب وقواه الثورية ضد القوى المعادية للثورة
14 آب (أغسطس) 2011
صوت الشعب - العدد 12 الخميس 18 أوت 2011

تمرّ ثورة الشعب التونسي بمرحلة دقيقة من مراحل تطورها، فبعد أن نجحت الجماهير الثائرة في إجبار الدكتاتور على الفرار وفرض تعليق العمل بدستور 1959 والدعوة إلى انتخاب مجلس تأسيسي يسنّ دستورا جديدا وحل مجلس النواب والمستشارين الصوريين و"حل التجمع الدستوري" والبوليس السياسي، عادت القوى المعادية للثورة إلى تنظيم صفوفها من جديد مستفيدة من تواصل سيطرتها على عديد أجهزة الدولة في المركز والجهات من حكومة وقضاء وأمن وإعلام وإدارة... ومستغلة فرصة تراجع الحركة الشعبية نتيجة "الانفلاتات الأمنية" المبرمجة وإذكاء النعرات والصراعات الجانبية (الجهوية، العروشية، العقائدية...) والحملات الإعلامية والأمنية الرامية إلى ضرب وتشويه التحركات الاحتجاجية وكذلك تشتت القوى السياسية والاجتماعية والمدنية المنحازة للثورة.

وقد تكثفت في الآونة الأخيرة المؤشرات الدالّة على أن القوى الرجعية تقدمت بشكل واضح في مسار الالتفاف على الثورة وتتمثل خاصة في التواطؤ الواضح من الحكومة في تسهيل إفلات من أجرموا في حق الشعب من المحاسبة والعقاب وتسترها على العناصر الفاسدة في القضاء والإدارة والإعلام والأجهزة الأمنية بل وترقيتها وتعيينها في مناصب عليا، وكذلك في تكثيف عمل البوليس السياسي بنفس وجوه ونفس أساليب عهد بن علي من اعتقالات تعسفية وتعذيب واعتداءات جسدية ومعنوية ومراقبة وتنصّت. ومن جهة أخرى تعمل بقايا "التجمّع" المنحلّ والأحزاب الجديدة المتفرّعة عنه على التكتل وتوحيد صفوفها للانقضاض على الثورة والعودة إلى الصدارة عبر مؤسسات الثورة وشعاراتها ومن غير المستبعد إذا تواصلت الأمور على حالها تمكنها من الدخول إلى المجلس التأسيسي بنسبة هامة خاصة وأنها تتمتع بإمكانيات مالية وسياسية هامة جرّاء ارتباطها بأوساط المال، وتواصل وضع يدها على أموال "التجمّع" والمواقع التي كان يحتلها في أجهزة الدولة. ولم تعد أزلام "التجمّع" هذه تعمل في الخفاء بل أصبحت تتحرّك بشكل سافر ووقح مستعملة الميليشيات المنظمة للاعتداء على المناضلين وجماهير الشعب.

وفي سياق آخر، شهدت الفترة الأخيرة ارتفاعا هائلا في الأسعار وخاصة أسعار الموادّ الغذائية الأساسية في عام "صابة " استثنائية ممّا انعكس بشكل سافر على الأوضاع المعيشية للطبقات والفئات الشعبية وحتى المتوسّطة. ولم تتخذ الحكومة إجراءات جدية وملموسة لحماية المقدرة الشرائية لهذه الفئات وتحسين ظروف عيشها والتصدي لأعداء الشعب من محتكرين وسماسرة، بل تواصل حملاتها العدائية تجاه أيّ تحرّك شعبي أو عمّالي احتجاجي أو مطلبي وتجاه النقابات هادفة من وراء ذلك إلى تحميل الطبقات والفئات الشعبية وحدها كلفة الخيارات الاقتصادية والاجتماعية الفاشلة والظالمة التي انتهجها بن علي والتي تواصل الحكومة المؤقتة اتباعها في حين تقدّم إلى الأقلية الميسورة والدوائر الرأسمالية المحلية والأجنبية كلّ التطمينات والامتيازات لمواصلة نهب ثروات البلاد واستغلال شعبها وكادحيها.

إن الشعب التونسي لم يثر من أجل إسقاط بن علي والطرابلسية فقط ليعوّضوا بعصابة جديدة بل من أجل تقويض أركان النظام الدكتاتوري بالكامل وإقامة نظام ديمقراطي على أنقاضه يحقق للشعب حريته ويحفظ له حقوقه. كما أنّ الشعب لم يقم بالثورة من أجل الحرية السياسية فقط بل من أجل تفكيك النظام الاجتماعي القائم على الاستغلال الفاحش والتقفير والتهميش والتمييز الاجتماعي والجهوي بهدف إقامة نظام اقتصادي واجتماعي جديد يحقق للتونسيات والتونسيين العدالة والكرامة ويوفر لهم شروط الانعتاق والتحرر الوطني والاجتماعي والنهضة الشاملة.

إن حماية ثورة الشعب والمضيّ بها إلى استكمال جميع أهدافها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والوطنية والثقافية تفرض على جماهير الشعب وقواه الثورية والديمقراطية مزيدا من اليقظة ومواصلة التعبئة وخوض التحركات الميدانية السلمية بكل الأشكال المتاحة من أجل محاصرة قوى الثورة المضادة والتصدّي لمخططاتها الرامية إلى الالتفاف على المكاسب التي حققتها الجماهير الثائرة من أجل تعميق المكاسب التي حققها الشعب وتعزيزها بأخرى جديدة وكذلك من أجل كشف ما تقوم به بعض القوى، التي كانت في المعارضة قبل 14 جانفي وارتدّت عن الثورة، من مناورات تسعى إلى الانقضاض على السلطة مستعملة نفس أساليب نظام بن علي بما في ذلك التذيّل للقوى والدوائر الأجنبية الاستعمارية والرجعية وكذلك شراء الذمم عن طريق المال السياسي الذي يتراكم دون معرفة مصادره. إن هدف هذه القوى لا يتجاوز ترميم نظام بن علي والحفاظ على أجهزته وعلى قاعدته الاقتصادية والاجتماعية وعلاقاته وسياسته الخارجية.

إن انتخابات المجلس الوطني التأسيسي تمثل استحقاقا أساسيا في هذه المرحلة إذ يمكن لهذه الانتخابات أن تكون محطة لدفع المسار الثوري إذا تمكنت جماهير الشعب وقواه الثورية والديمقراطية والتقدمية من عزل القوى المعادية للثورة وغلق الباب أمام تسللها إلى المجلس التأسيسي وانتخاب مجلس يعكس الإرادة الشعبية ويعمل على استكمال مهام الثورة.

إن تحديات المرحلة الحالية تفرض على القوى المنحازة للثورة من أحزاب وتيارات سياسية ومنظمات وجمعيات اجتماعية ومدنية ومستقلين ومثقفين ومبدعين وشباب ونساء، تكتيل جهودها من أجل التصدّي لمخططات الثورة المضادة والأطراف السائرة في ركابها والمهادنة لها وتأطير جماهير الشعب المتحفزة لمواصلة النضال من أجل حماية ثورتها واستكمال مسارها. إن المجلس الوطني لحزب العمال الشيوعي التونسي يتوجه بنداء إلى هذه القوى قصد تكثيف المشاورات بينها والالتقاء على برنامج موحّد سياسي واقتصادي واجتماعي منسجم مع إرادة شعبنا ونابع من أهداف ثورته من أجل التقدم في تحقيقها ومن أجل المواجهة المشتركة لاستحقاق المجلس التأسيسي حتى يترجم إرادة الشعب التونسي وطموحاته.

إن الظرف يقتضي منّا جميعا تحمّل مسؤولياتنا التاريخية تجاه نضالات شعبنا وتضحياته ودماء شهدائه حتى يتمكن من الانتصار النهائي على نظام الاستبداد والاضطهاد ومن بناء النظام الديمقراطي الشعبي المنشود الذي يكرس الحرية والمساواة والديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

إن حزب العمال يدعو القوى المتمسكة بالثورة إلى عقد ندوة وطنية في أقرب الآجال لاتخاذ الإجراءات التي يتطلبها الوضع ولمواجهة تكتل القوى الرجعية بتكتل للقوى الثورية والديمقراطية في جبهة صلبة ومناضلة.

حزب العمال الشيوعي التونسي
تونس في 14 أوت 2011

بيان المجلس الوطني لحزب العمال الشيوعي التونسي

titre documents joints



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني