الصفحة الأساسية > صوت الشعب > العــــــدد 231
حزب العمال يجدد نداءه بمقاطعة المهزلة الانتخابية
13 أيلول (سبتمبر) 2004

لم تعد تفصلنا عن مهزلة أكتوبر القادم الانتخابية سوى بضعة أسابيع. وقد حدّدت بَعْدُ مختلف القوى السياسية مواقفها النهائية من هذه المهزلة. فإذا كانت قوى المعارضة باستثناء "الحزب الديمقراطي التقدمي" و"حركة التجديد"، قررت مقاطعتها لانتفاء أبسط الشروط التي تجعل منها انتخابات حرة وفي مقدمتها حرية التعبير والتنظّم والترشح فضلا على حياد الإدارة واستقلالية القضاء وسن العفو التشريعي العام فإن الأحزاب الإدارية قررت كالمعتاد، المشاركة فيها دون تحفظ بل إن بعضها (ح.د.ش) لم يتورع، مغالاة في الولاء والتأييد، عن إعلان بن علي "مرشحه" للرئاسة. وقد التحق في نهاية شهر أوت رموز الفساد في البيروقراطية النقابية بجوقة"الموالين والمؤيدين" بإعلانهم هم أيضا تزكية ترشح بن علي، دون استشارة للقواعد النقابية ولا حتى عقد المجلس الوطني وهو الهيئة المؤهّلة أكثر من غيرها للنظر في مسألة سياسية بمثل تلك الخطورة.

ومع اقتراب موعد 24 أكتوبر تزداد المهزلة وضوحا. فبعد الحملة التي شنّتها أجهزة البوليس السياسي خلال هذه الصائفة ضد حرية التعبير والتنظّم والاجتماع والتي طالت بهذه الدرجة أو تلك وبهذا الشكل أو ذاك كل الأحزاب والجمعيات والمنظمات الديمقراطية، المعترف بها وغير المعترف بها على حد السواء وكذلك الشخصيات الديمقراطية وقدماء المساجين السياسيين لتأمين تمرير المهزلة دون "ضجيج كبير"، مرت الدكتاتورية النوفمبرية خلال الأيام الأخيرة إلى إعداد الفصل الأخير من هذه المهزلة لتشريع نتائجها. فقد بعث بن علي "مرصدا وطنيا للانتخابات" عيّن على رأسه أحد المقربين منه واختار له من الأعضاء وجوها لا يشك أحد في ولائها للقصر. وليس لهذا المرصد من مهمة سوى تقديم شهادة زور بأن "الانتخابات تمت في إطار الشفافية والقانون" وبأن "نتائجها صحيحة".

كما انطلقت مباشرة إثر إعلان ترشح بن علي يوم 3 سبتمبر الموافق لعيد ميلاده الثامن والستين حملة بيانات وإرسال برقيات ولاء وتأييد لـ شكر بن علي "قبول" البقاء في الحكم "تلبية لنداء الواجب". وليس خافيا أن الهدف من هذه الحملة هو أولا: تقديم ترشح بن علي لولاية رابعة تفتح له الباب للبقاء رئيسا مدى الحياة على أنه ترشح "شرعي" يُحظى بدعم "المجتمع بأسره" والحال أنه ترشح غير شرعي، ناجم عن تلاعب بالدستور ولا تؤيّده فعليا سوى الأقلية الفاسدة المنتفعة من حكم بن علي والتي يمثل بقاؤه في السلطة ضمانا لمصالحها وحماية لها من المحاسبة والمقاضاة عما اقترفته وتقترفه من جرائم على حساب تونس وشعبها. وهو ثانيا: إيجاد تبريرات من الآن لنتائج المهزلة المعروفة مسبقا: فوز ساحق لبن علي "الضامن للحاضر والمستقبل" بنسبة 99,99% على "منافسيه" الذين اختارهم بنفسه ليقوموا بدور "التياس"، و"فوز ساحق لحزب بن علي "المؤتمن على التغيير وعلى مصير البلاد والعباد" بنسبة 100% بمقاعد البرلمان التابعة للدوائر الانتخابية والتي يكون "الفوز" فيها للقائمة التي تحصل على "أغلبية الأصوات". وصفر من المقاعد لقائمات "المعارضة" بسبب "ضعفها" و"عدم تمثيليتها". وكالمعتاد سيتولى القصر ووزارة الداخلية فيما بعد توزيع الثلاثين مقعدا ونيفا المتبقية في البرلمان على الأحزاب الإدارية في شكل "منّة رئاسية" لتواصل أداء دور الديكور الموكول لها لإضفاء طابع ديمقراطي زائف على نظام دكتاتوري بوليسي.

وأمام هذا الوضع فإن حزب العمال إذ يجدد نداءه إلى مقاطعة هذه المهزلة الانتخابية لتعميق عزلة الدكتاتورية ومزيد فضحها أمام الرأي العام الداخلي والخارجي، يتوجه مرة أخرى بنداء إلى المناضلين الديمقراطيين المنساقين وراء وَهْمِ "مشاركة احتجاجية" في "انتحابات" يقابلها الشعب بلامبالاة تامة لعلمه مسبقا بنتائجها، كي يراجعوا موقفهم حتى لا تستخدم السلطة الماسكة بكافة خيوط اللعبة مشاركتهم غطاء للتلاعب بالدستور والتشريع للرئاسة مدى الحياة والانتهاك المنهجي لمبدأ سيادة الشعب وفرض استمرار احتكار الحزب الحاكم للحياة العامة احتكارا مطلقا. وكذلك حتى لا تستخدمها أحزاب الديكور غطاء لإمعانها في دعم القمع والاستغلال والفساد والعمالة وفي التنكر لأبسط حقوق الشعب وعلى رأسها الحق في حياة سياسية ديمقراطية.

لنقاطع جميعا مهزلة أكتوبر القادم ونعلن بوضوح وجرأة أن لا حق لبن علي في الترشح وأن لا رئاسة مدى الحياة وأن لا احتكار للحياة العامة.

لنطالب فورا وبدون تردد بالعفو التشريعي العام وبإلغاء ترسانة القوانين الفاشية التي تحرم الشعب التونسي من التمتع بحقوقه ومن ممارسة سيادته، وبفك الارتباط بين الحزب الحاكم والدولة وبضمان استقلالية القضاء باعتبارها الشروط الدنيا لانتخابات حرة.

لنصرخ عاليا: كفى انتهاكا لكرامة الشعب وتلاعبا بخيراته وثرواته.

لنرصّ الصفوف من أجل تكوين جبهة ديمقراطية واسعة تضع حدّا للدكتاتورية وتحقق البديل الديمقراطي المنشود.

في هـذا العـدد
أخبار
مقالات



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني