الصفحة الأساسية > البديل النقابي > الوزارة تتراجع والمعلمون يطالبون بالتغيير
في الندوة الوطنية حول المقاربة بالكفايات الأساسية:
الوزارة تتراجع والمعلمون يطالبون بالتغيير
13 أيلول (سبتمبر) 2004

نظمت النقابة العامة للتعليم الأساسي ندوة حول المقاربة بالكفايات الأساسية وذلك يومي 28 و29 جوان 2004 بالمنستير دعت إليها مدير المرحلة الأولى من التعليم الأساسي السيد محمد كرو والأستاذ نجيب عياد مدير المركز الوطني للتجديد البيداغوجي والبحوث التربوية إضافة إلى نخبة من المعلمين النقابيين من مختلف الولايات. فما هي أهم محاور هذه الندوة وما هي نتائجها؟

1) كيف جاءتنا المقاربة بالكفايات:

يقول الأستاذ نجيب عياد أنه بعد خمس سنوات من الإصلاح التربوي 89/91 أي في منتصف مرحلة التعليم الأساسي طرح السؤال التالي: هل مكّن الإصلاح التربوي من تحريك سواكن المدرسة التونسية وتغيير واقعها؟ وقد أفضى هذا التساؤل إلى تقييم شامل للواقع التربوي بهدف دعم ما هو مجد ومراجعة ما يستوجب المراجعة خاصة بعد النجاح في تحقيق نسبة تمدرس بلغت نسبة 99,01% وقال أن نتائج هذا التقييم كانت مفزعة إذ بلغت نسبة الرسوب بالتعليم الأساسي 18,3% حيث يرسب في مختلف الأقسام بهذه المرحلة 263405 تلميذا. كما ارتفعت نسبة الانقطاع المبكر لتصل إلى 3,4% أي أن 49585 تلميذا يغادرون المدرسة، 50% منهم لا يصلون إلى الخامسة أساسي. كما ارتفع عدد السنوات المقضاة في التعليم الأساسي بالنسبة لكل تلميذ ليبلغ 10,4 سنوات لمرحلة يفترض أن تدوم 6 سنوات فقط وهو ما يشكل حسب رأيه إهدارا للإمكانيات لأن هذه الرسوبات كلفتها 192 مليون دينار أي 20% من ميزانية وزارة التربية وهكذا لم يكن بالإمكان السكوت أمام هذه الأرقام المخيفة فانكبّت الوزارة على دراستها للوقوف على أسبابها فتبين من نتائج البحث أن برامج الدراسة مثقلة ويغلب عليها المنحى الكمي وتؤدي إلى حشو الأدمغة لا إلى تنوير العقول وأن الممارسات البيداغوجية مكبلة للمعلمين لا مجال فيها للمبادرة. وقد اجتمعت مختلف اللجان المشاركة في التقييم على وجوب التخلي على طريقة بيداغوجيا الأهداف واعتماد المقاربة بالكفايات الأساسية القائمة على الإدماج والتقييم والعلاج الفوري خاصة وقد أثبتت نجاحها في الكندا وسويسرا وبلجيكا. وأكد المحاضر أن المقاربة بالكفايات طريقة بيداغوجية لا يجب الخروج بها عن هذا الإطار أو القول أنها ولدت في المصانع ومراكز البحث الرأسمالية كما ذهب إلى ذلك عضوا النقابة العامة الناجي البستاني وحفيظ البدوي وأغلب المتدخلين من النقابيين الذين بينوا أنها تجربة مفروضة من الدوائر المالية النهابة في خطوة نحو خوصصة التعليم.


2) ما هي الصعوبات التي تواجه هذه المقاربة وما هي مستلزمات نجاحها:

أما السيد محمد كرو مدير المرحلة الأولى من التعليم الأساسي وبعد مقدمة مطولة حول سعادته بالحوار بين سلطة الإشراف والطرف النقابي وتثمينه لمبادرة النقابة العامة فقد تحدّث عن المقاربة بالكفايات ومستلزماتها مؤكدا على طابعها البيداغوجي المحض معتبرا أنها إحدى التقنيات التي اعتمدتها الوزارة بهدف إصلاح التعليم معددا التجارب التي مرت بها المدرسة التونسية منذ إصلاح سنة 1958 كما يلي:
-  تقنيات المدرسة العصرية
-  أنشطة الإيقاظ
-  الطريقة الحوارية
-  بيداغوجيا الأهداف
-  الوثائق المنهجية
-  المقاربة بالكفايات الأساسية

كما تعرض لظروف كل طريقة ومبررات اختيارها. وقد أقر بأن المقاربة بالكفايات تواجه صعوبات وتخضع لتقييم متواصل معتقدا أن نجاحها رهين توفير مستلزماتها، مقسّما المستلزمات إلى ما يلي:
-  مستلزمات بيداغوجية وتتمثل في: مراجعة صياغة البرامج الرسمية، تحسين دليل المعلم، طبع كتب مدرسية جديدة، إعداد مدونة القسم، العناية بالتكوين وتجويده.
-  مستلزمات مادية، تتمثل فــي: توفير الآلات الناسخة في كل المدارس، توفير وسائل الطبع من ورق وحبر..إلخ.
-  مستلزمات تنظيمية تتمثل في: المتابعة والتقييم حيث تم بعث لجان وطنية وجهوية ومحلية إضافة إلى لجنة اليقظة والرصد والمتابعة.
-  مستلزمات بشرية إبداعية تتصل بالمعلم وما يبديه من حماس للانخراط في المقاربة والإقبال على البحث والتجديد واعتماد التقييم والنقد الذاتي.

وقد توصل المحاضر في الأخير إلى القول بأنه إذا ثبت فشل هذه المقاربة رغم توفير هذه المستلزمات فإننا لسنا ملزمين بمواصلة تطبيقها.


3) كيف ينظر النقابيون إلى المقاربة بالكفايات؟

بانطلاق النقاش توالت تدخلات النقابيين وتعمّقت في المشاكل التي يسببها اعتماد المقاربة بالكفايات وانعكاساتها على التلميذ والمعلم والتي يمكن تلخيصها في ما يلي:
-  تنظيمات بيداغوجية مجحفة في حق المعلمين والتلاميذ بحكم إسناد السنة الأولى والسنة الثانية لمعلم واحد.
-  تراجع ضوارب المواد الأساسية والترفيع في ضوارب مواد أخرى (المواد الاجتماعية والتنشئة الفنية والبدنية أهم من المواد العلمية)
-  إعداد الروائز وتمريرها وإصلاحها وتخصيص فترات للدعم والعلاج لم تساهم في تحسين مستوى التلاميذ بل كانت على حساب تقدم الدروس.
-  ارتفاع كلفة الطبع بعد الاستغناء على عدد كبير من الكتب وهو ما فتح الباب أمام جشع أصحاب دور النشر الخاصة لإصدار الكتب الموازية باهظة الثمن والمقسّمة أحيانا إلى 3 أجزاء على عدد ثلاثيّات السّنة الدراسية.

أما أكثر الانتقادات فكانت تتعلق بتدني مستوى التلاميذ خاصة في الإنتاج الكتابي واللغة الفرنسية وقد عبّر عديد المعلمين عن امتعاضهم من تفاهة نصوص القراءة. لقد تجلّى رفض المعلمين للمقاربة بالكفايات الأساسية في اليوم الثاني من الندوة الذي خصص لأشغال الورشات حيث أجمع المتدخلون على فشل هذه التجربة فطالبوا بالتخلي عنها والبحث عن بديل مناسب لها يكون حصيلة نقاش ودراسة معمقة يشارك فيها الطرف الوزاري والنقابة والمعلمين والأولياء والمجتمع المدني خلال مدة زمنية مناسبة.


4) نتائج الندوة:

لقد دارت أشغال الندوة في جو من الاحترام والمسؤولية تمكّن خلالها المعلمون من تحقيق النتائج التالية:
-  إقرار الوزارة أنها أصبحت تنظر للنقابة بوصفها شريكا فاعلا لا معارضا لذلك لن تتوانى في تشريكها في كل ما يهم القطاع.
-  لم تعد الوزارة تنظر للكفايات الأساسية على أنها خيار وطني من ينتقده خارج عن الإجماع بل صارت بالنسبة لها طريقة بيداغوجية فيها جوانب إيجابية وأخرى سلبية، بل هي مستعدة للتخلي عنها إذا ثبت فشلها.
-  الوعد بإصدار توصيات بتجنب إسناد لغتين لمعلم واحد مستقبلا.
-  الترخيص للمدارس في اعتماد معلم المجال إذا لم تتعارض مع إمكانياتها.
-  الوعد بانتداب كل النواب الحاصلين على شهادة Bac+2
-  الوعد بتقسيم السنة الأولى والسنة الثانية على معلمين اثنين
-  الإقرار بمساوي تجربة نظام الفرق (قسمين أو ثلاثة في قاعة واحدة وأمام معلم واحد).
-  الإقرار بأنه لا تراجع في عمومية ومجانية وإجبارية التعليم.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني