الصفحة الأساسية > البديل النقابي > الإتفاق المميز (!)..... يتأكد يوما بعد يوم
وجهة نظر:
الإتفاق المميز (!)..... يتأكد يوما بعد يوم
3 أيلول (سبتمبر) 2007

بقلم : نقابي من قطاع التعليم الثانوي [1]

"اتفاق مميز أنهى الخلاف بين وزارة التربية والتكوين ونقابة التعليم الأساسي !" كان هذا هو عنوان المقال الذي صدر بجريدة الشعب عدد 930 ليوم 11 أوت 2007 وهو مقال عندما قرأ وعندما يقرأ الآن لا يمكن لكل غيور على انتمائه النقابي وعلى كرامة النقابين وعلى استقلالية المنظمة النقابية وعلى جريدة من المفترض أن تكون لسان العمال ومعبرة عن همومهم ومشاغلهم الحقيقية إلا أن يشعر بمرارة كبيرة بل و إستفزاز لمشاعره وكرامته كنقابي واكب بوعي، وعلى الأقل في السنوات الأخيرة، النضالات الكبيرة التي خاضها المدرسون في الأساسي والثانوي والعالي والمدعومة بإشكال مختلفة من باقي الشغالين دفاعا على مطالب مشروعة وعلى حق نقابي لم يدخر وزير التربية الحالي جهدا لضربه ولمحاصرته.

ولكي لا يبدو فيما قلناه تجن على أحد نسوق للجميع الملاحظات الأساسية التالية تاركين للقارئ حرية التقييم:

1) اعتبر المقال والمروجون له أن الاتفاق أنهى الخلاف )وليس خلافا من بين العديد من الخلافات !( بين وزارة التربية والتكوين ونقابة التعليم الأساسي حيث، وإضافة إلى العنوان، وردت في المقال تقييمات للإتفاق من قبيل: "فاتحة لعلاقة أكثر إشراقا !" و"نقطة انطلاق لمناخ جديد قوامه الثقة المتبادلة بعيدا عن كل توتر !" و" فاتحة لصفحة جديدة قوامها علامات متميزة !". لنحاول الإجابة على السؤال الذي يفرض نفسه : ما هو جوهر الخلاف )المنتهي حسب رأي الإتحاد !( الذي احتد في السنوات الأخيرة مع وزارة التربية؟ ألم يكن ببساطة هو الحق النقابي بما يعنيه من حرية نشاط المسؤول النقابي وحمايته وحق الاجتماع في المؤسسات والاعتراف بحق النقابات والاتحاد في المشاركة في صياغة ووضع الخيارات التربوية؟ ألم يتبلور جوهر الخلاف هذا كمطلب أساسي لدى نقابات التعليم ولم يغب عن أي من لوائحها المطلبية؟ ألم يكن شعار "الحق النقابي واجب كدعامة أساسية لاستقلالية القرار النقابي" حاضرا في جميع التصريحات والخطب في الإجتماعات والتجمعات النقابية؟ ومن جهة أخرى أليس الحق النقابي هو ما استهدفه بالأساس وزير التربية الحالي )الذي فتحت له جريدة الشعب صفحاتها برحابة صدر( في علاقته بنقابات التربية وبالاتحاد عموما؟ يكفي أن نذكر في هذا الإطار بما قام به ولا يزال من تهميش للنقابات وللإتحاد من خلال الإجراءات الأحادية الجانب والمرتجلة التي يقررها )مواصلة فرض مجالس المؤسسة، تركيز مدارس إعدادية تقنية ونموذجية دون استشارة أحد، تغيير البرامج والمواد المدرسة بصورة أحادية، الترفيع في رسوم التسجيل بالامتحانات الوطنية والجهوية(. كما نذكر بحملة الإحالات على مجالس التأديب للنقابين ورفض رخصهم النقابية، حتى بمناسبة حضورهم الهيئات الإدارية، والسماح بتعنيفهم أمام مقرات الوزارة وحتى في دور الاتحاد بل ووصل الأمر بمسؤوليه الكبار في الوزارة إلى حد نعت المعلمين "بالكركارة !". هل يصح بعد هذا الحديث، "عن انتهاء الخلاف مع وزارة التربية !"، أن نقول هذا؟ دون أن ننسى بقية بنود الاتفاق التي جاءت دون طموحات المعلمين، بل في مطالب حركة النقل، لن نجانب الحقيقة حين نقول أن ما تم إمضاؤه لا يختلف في الجوهر عما عرضه وزير التربية قبل الإضراب الأخير للمعلمين.

2) عند التمعن في المقال فانك لن تجد )ودون مبالغة( ما يوحي إلى أنه مقال نقابي يتناول اتفاقا أحد الأطراف فيه منظمة عريقة اسمها الاتحاد العام التونسي للشغل ولا هو اتفاق )بغض النظر عن مضمونه( جاء بعد سلسلة من النظالات والتحركات شغلت بزخمها وأبعادها الرأي العام النقابي والعمالي بل وحتى الوطني لفترة أمتدت لسنتين، إذ لا حديث، في ذلك المقال، إلا عن "الهدف من المفاوضات... ومن ثمارها إنما هو الإرتقاء بمكانة المنضومة التربوية التي تعز علينا جميعا !" هذا الكلام لعلي رمضان الذي يضيف: "أتمنى أن يكون الاتفاق فاتحة لعلاقة أكثر إشراقا لفض العديد من الإشكاليات الأخرى والارتقاء بالمنظومة التربوية في كنف التعاون والطمأنينة !". أما المسؤول على الوظيفة العمومية فقد علق: "الأهم أن يكون الاتفاق نقطة انطلاق لمناخ جديد قوامه الثقة المتبادلة بعيدا عن كل توتر فلا مجال لذلك ما دام المنطلق واحد حب البلاد والروح الوطنية راجيا السعي المشترك لصد كل المؤامرات الممكنة والساعية إلى إفساد العلاقة بين الأطراف الاجتماعية !". هل يمكن لأي كان أن يفرق بين كلام وتقييم أعضاء المكتب التنفيذي وتعليقات الوزراء الواردة في نفس المقال؟ أين الفرق بين موقفين مرجعية أحدها السلطة ومرجعية الأخر يفترض أن تكون عمالية؟ أين الخصوصية والمسحة النقابية التي يجب أن تطغى على جميع المقالات التي ترد في جريدة اسمها جريدة الشعب؟ أما آن الأوان أن تكف هذه الجريدة عن لعب دور فوق الشعب؟

3) لعل الأشد إثارة في هذا المقال هو ما جاء في تصريحات وزير التربية الذي قال: "إن في الخيار النقابي أيما إثراء للحياة الاجتماعية وإذا غاب النقابي يوما من الساحة فسنبحث عنه ونوجده !". كما أضاف عند حديثه عن المفاوضات: "عرفنا خلالها )المفاوضات( رجالا بأتم معنى الكلمة وعلى رأسهم السيد علي رمضان !". سأكتفي بالقول لمن أورد هذا بجريدة الشعب: "رجاء شيئا من الاحترام للعمال والنقابين وكفى نفاقا وازدواجية في الموقف على حساب مصالح الشغالين".

4) أما الملاحظة الرابعة، وهي الأهم، فستؤكد بما لا يدحض أن الاتفاق مميز وأن الخلاف انتهى مع الوزارة التي بادرت مباشرة بعد إمضاء الإتفاق وفي إطار التعبير عن حسن النوايا إلى:
أ) إحالة عضو النقابة العامة للتعليم الأساسي سليم غريس على مجلس التأديب بتهم أقل عقوبة مفترضة لأي منها هي العزل وأكثرها طرافة هي: "قيامه بإفشال جلسة مفاوضات مع الوزارة !". لنرفع نصيحة للإخوة أعضاء المكتب التنفيذي: "تجنبوا إفساد أي جلسة مفاوضات مع الحكومة، حتى ولو طلب منكم خلالها التنازل بالكامل على مطالب العمال، لكي لا تحالوا على مجلس التأديب بل ولربما تدخلوا تحت طائلة قانون الإرهاب !".
ب) دائما في نطاق حرص وزير التربية على الحق النقابي تم إنهاء تفرغ عضو النقابة العامة للتعليم الأساسي حفيظ حفيظ حتى يتفرغ للإرتقاء بالمنظومة التربوية!
ج) سارعت، الوزارة، بتطبيق طلب عبد السلام جراد بإنهاء تفرغ عضوي النقابة العامة للتعليم الثانوي الطيب بوعائشة وفرج الشباح وهو طلب سيشرع لها مستقبلا مطالبة الإتحاد بإنهاء تفرغ كل من لا ترى فيه نقابيا صالحا !

نقابي من قطاع التعليم الثانوي

هوامش

[1المصدر: ضدّ التجريد


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني