الصفحة الأساسية > البديل العربي > الزرقاوي..! ورقة بوش الأخيرة
الزرقاوي..! ورقة بوش الأخيرة
14 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005

أثارت تفجيرات عمّان التي وقعت ليلة التاسع من الشهر الجاري والتي تبناها "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" بقيادة "أبو مصعب الزرقاوي"، عديد التساؤلات حول قدرة هذا التنظيم على نقل المعركة ضد الاحتلال خارج العراق، وذهب بعض المحللين إلى حد التشكيك في كل ما ينسب إليه من عمليات داخل العراق وخارجه، خاصة وأن عديد الأطراف لها مصلحة في النفخ في قوته، أولهما الامبريالية الأمريكية بقيادة فريق بوش والكيان الصهيوني بزعامة شارون.

وهذا التشكيك له ما يبرره، فجماعة الزرقاوي التي تدّعي الولايات المتحدة أنها تقف وراء أغلب العمليات في العراق، لا يمكنها نقل المعركة إلى الخارج مهما بلغت من قوة. كما أنه ليس من مصلحتها القيام بعمليات خارج العراق في وقت تشتد فيه العمليات العسكرية التي يشنها الجيش الأمريكي على مناطق متعددة من العراق. إذن من الذي له مصلحة في "تصدير الزرقاوي" إلى الدول المجاورة وحتى البعيدة عن أرض المعركة؟

للإجابة عن هذا السؤال لا بد من رصد بعض التصريحات للقادة العسكريين الأمريكيين قبيل وقوع تفجيرات عمان الأخيرة. فقد صرّح جنرال أمريكي بارز بأن "عمليات الزرقاوي ستمتدّ خارج العراق". وتزامن هذا التصريح مع بث القنوات الفضائية لرسالة صوتيّة نُسبت إلى الزرقاوي يتوعّد فيها بعض دول الجوار وكل الأنظمة العربية المتعاونة مع الاحتلال الأمريكي. وكالعادة فإن هذه الرسالة لم يقع التأكّد من صحتها من أي جهة مستقلة، شأنها في ذلك شأن كل ما ينسب إلى جماعة الزرقاوي من بيانات وعمليات وغيرهما.

ومن جهة أخرى فإن شارون، ذراع بوش في منطقة الشرق الأوسط، كان أكّد عديد المرات أن تنظيم القاعدة ينشط في غزة وفي مناطق أخرى من الأراضي المحتلة. ومن هنا يتّضح أن هناك مصلحة مشتركة، أمريكية وصهيونية، في تضخيم الزرقاوي وتصديره إلى الخارج.

ومن المعروف أن إدارة بوش التي غرقت في المستنقع العراقي باتت تلوّح بورقة الزرقاوي وتنظيم القاعدة في وجه الانتقادات الداخلية والخارجية لاحتلال العراق والتي ما انفكت تتصاعد خاصة مع النقلة النوعية التي تشهدها حاليا المقاومة العراقية وتزايد عدد القتلى في صفوف الجنود الأمريكيين وعدم قدرة عصابة بوش على كبح جماح هذه المقاومة رغم الدمار والتقتيل.

فكلما اشتدّ الخناق على بوش وزمرته إلا وتخفى وراء ورقة الزرقاوي والقاعدة. فتارة يدعي أن "معلومات استخباراتية تشير إلى إمكانية حدوث هجوم إرهابي وشيك!" وتارة يطلق صيحة فزع حول "حصول القاعدة على مواد تسمح لها بصنع أسلحة دمار شامل تقليدية"... والهدف من ذلك هو صرف النظر عن هزائمه في العراق وأفغانستان وتعثر سياسته الخارجية بشكل عام وتفاقم مشاكله الداخلية وتنامي حركة الرفض للحرب وللسياسة العدوانية التي ينتهجها تجاه الشعوب الأخرى.

لذلك لا غرابة أن يقع إلصاق كل العمليات التي تنفذ في العراق، وخاصة منها تلك التي تستهدف المدنيين بشكل مباشر، بجماعة الزرقاوي! ولا غرابة أيضا أن نسمع الاستخبارات الأمريكية تسارع إلى التأكيد إلى أن الزرقاوي وراء تفجيرات عمّان وهي بذلك توجه رسالة إلى كل الأنظمة العربية مفادها أن "الفوضى" الدائرة في العراق يمكن "تصديرها" إلى كامل المنطقة العربية إذا لم تتحرّك هذه الدول وتتعاون بالكامل مع المحتل الأمريكي للقضاء على الزرقاوي المزعوم قبل أن تنتقل عدواه وتصيب الجميع!

ومن غير المستبعد أن تكون المخابرات الأمريكية متورطة بشكل مباشر أو غير مباشر في الأعمال الإرهابية التي تطال المدنيين في العراق وفي خارج العراق باعتبار وأن زمرة بوش هي المستفيدة الأولى من مثل هذه الأعمال. خاصة وأن الواقع أثبت أن الامبريالية الأمريكية مستعدة لفعل أي شيء من أجل الخروج من المستنقع العراقي وإنقاذ سياستها الخارجية الفاشلة. يكفي أن نذكر في هذا الإطار فضيحة السجون الأمريكية السرية في بعض بقاع العالم والتي أثارت ردود فعل مستنكرة زادت في عزلة بوش داخليا وخارجيا.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني