الصفحة الأساسية > البديل الوطني > جبنيانة في مواجهة الحصار
جبنيانة في مواجهة الحصار
30 أيلول (سبتمبر) 2010

شهدت مدينة جبنيانة خلال فترة الصيف حصارا من قبل الدكتاتورية مسّ عديد الفضاءات (فروع الأحزاب...) ومراقبة شملت بعض الوجوه المناضلة والديمقراطية ممّا خلق جوا من الخوف والاحتقان في أوساط الأهالي.

وتواصل الحصار ليضرب أرزاق الناس فقام بتهديد مالك مقر فرع الحزب الديمقراطي التقدمي، المناضل الطلابي هيثم المحجوبي ومحاولة الضغط عليه لفسخ عقد التسويغ ثم إيقافه وبعدها تقرر غلق محل للإعلامية الموجهة للطفل الذي يمتلكه.

وقد مثل الاعتصام الذي نفذه هيثم المحجوبي في مقر الحزب الديمقراطي التقدمي مناسبة لأن تتجمّع عديد الوجوه النقابية والحقوقية والطلابية والتلمذية لتدارس ما تعيشه المنطقة من تواجد أمني كثيف والتعبير عن سخطها من ضرب الحريات ومنع النشاط الحزبي المستقل والديمقراطي والتنديد بالسلوك الهمجي الذي أرعب الأهالي.

وقد تم التأكيد على ضرورة وضع حد لانتهاك الأرزاق وتكتيل الجهود للدفاع عن الحق في العمل السياسي والحزبي، وطرح هموم ومشاغل الناس من انعدام التنمية والبطالة والانحراف...

وفي الحقيقة، فإن المدينة شهدت في المدة الأخيرة حركية على المستوى السياسي خاصة انطلقت خلال الانتخابات البلدية وشهرت بتزوير الانتخابات، وتحدثت عن معاناة البلدة، ثم تكوّنت لجنة محلية للدفاع عن الطلبة المساجين ساهمت بعديد الأشكال في إعانة المساجين وعائلاتهم وطرح قضية حرية العمل النقابي والسياسي داخل الجامعة. كما دفع بعث فرع للحزب الديمقراطي التقدمي في هذا التنشيط وخلق فضاء ديمقراطيا آخر للتحاور والبحث عن محاور العمل المشترك.

ولقد أثر هذا الديناميك النضالي على السلطة وسلوكها وبدأت تكشر عن أنيابها باحثة عن كل إمكانيات وأد هذه الحركة وقتلها في المهد. ولا نبالغ إن قلنا على قدر ما يتوحّد المناضلات والمناضلون على قدر ما ستزيد السلطة من قمعها وحصارها.

هذا السلوك مردّه خوف ورعب كبيران من طرف السلطة من إمكانية انتفاض المدينة التي ترزح تحت وطأة البطالة التي ضربت بطميمها خاصة لدى أصحاب الشهادات والذي عبّر البعض منهم عن رفضه لسياسات وتوجهات الحكومة وطالبوا بالحق في التشغيل وفي منحة بطالة.

كما تعاني المنطقة من تنامي الجريمة والانحراف والكحولية وترويج المخدرات خاصة لدى الشباب دون أن تحرك جحافل الأمن وعديد أنواع الفرق البوليسية ساكنا والتي تركز فقط على من يتكلم عن الحريات والحقوق والمعارضة بصفة عامة.

ومن الطبيعي أن ترتفع الأصوات المناهضة لهذه السياسات وأن تتواجد المبادرات الداعية للعمل المشترك للتشهير والنقد وهذا ما لا تقبله السلطة.

إن ما تشهده المدينة من حصار وقمع، يجب أن يدفع المناضلات والمناضلين للحذر والتنبه من مؤامرات السلطة للإجهاز على هذا الحراك ومحاولاتها لاختراقها وبث الفرقة بين المكوّنات وإلهائهم بالخلافات الثانوية إلى جانب تعميق التشاور والنقاش حول كل مشاكل المدينة وتنويع الأساليب النضالية وتكثيفها والابتعاد عن الانعزالية والسكتارية في خوض النضالات.

إن أهم خطوة يجب أخذها هي عزل السلطة وأجهزتها الأمنية وحزبها الحاكم بكسب تعاطف أكثر ما يمكن من الناس وخاصة بتبويب المطالب التي تمس بشكل مباشر الفئات الاجتماعية المفقرة وذلك بإقناعها بحقوقها وتبسيط النقاش معها والتحلي بالصبر وطول النفس.

ونعتقد أن المسألة الاجتماعية بكل ما تتضمن من قضايا بطالة الشباب وحقهم في منحة بطالة إلى جانب المئات الذين يعانون العلاقات الشغلية الهشة ومشكل تأهيل القطاع الصحي، هي محاور بإمكانها أن تكون نقاط عمل مشترك وأيضا قوة دفع لتعبئة أكثر ما يمكن من الجماهير.

من جانب آخر، فإن مثل هذه الحركات، يجب أن تأخذ حيزا مهمّا في عمل الأحزاب والمنظمات على مستوى مركزي سواء في بياناتها أو في إعلامها. فقد لاحظنا في تجارب سابقة (الحوض المنجمي، فريانة..) كيف أن الإعلام المستقل لم يكن منتبها لانطلاق عديد الاحتجاجات ولم يهتمّ بها بالشكل المطلوب الأمر الذي خلق استياء من أهالي هذه المناطق.

إن مثل هذه القضايا تصبّ دون أي أدنى شك في معركة الديمقراطية ضد نظام الحكم والإعداد للإجهاز عليه وتأسيس النظام الديمقراطي والوطني المنشود. فعزل أيّ حركة احتجاجية لن يفيد إلا الدكتاتورية ويسهّل عليها سد الطريق كي لا تتطور وتتصدر إلى مناطق أخرى تحضيرا للقضاء عليها فيما بعد.

إن عملا كبيرا ينتظر الأحزاب والمنظمات الديمقراطية في طرح قضايا التنمية الجهوية والحوار فيما بينها لاختيار المطالب السليمة للنضال من أجل تنمية عادلة تضرب أسس الفساد وبإمكان هذا العمل أن تشترك فيه كل المكونات التي تعاني الخلافات المقيتة إلى جانب كسر الحواجز بين المنظمات والأحزاب للنضال المشترك فيما بينها.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني