الصفحة الأساسية > البديل النقابي > حول تحوير المسؤوليات في الإتحاد الجهوي للشغل بسوسة
حول تحوير المسؤوليات في الإتحاد الجهوي للشغل بسوسة
8 كانون الأول (ديسمبر) 2010

ليست هذه المرّة الأولى التي تدعو فيها أغلبية المكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي للشغل بسوسة لتحوير المسؤوليات. فقد كادت الهيئة الإدارية الفارطة أن تخطو خطوة عملية في هذا الإتجاه وطلّت بمثابة الورقة الصفراء التي وجهت لبعض أعضاء المكتب التنفيذي وعلى رأسهم الكاتب العام والكاتب العام المساعد المكلف بالمالية، على قاعدة الخلافات في تسيير دواليب الإتحاد الجهوي الذي أفرز قيادة جهوية أفضل من سابقاتها لكن ضعيفة التماسك والإنسجام بل متنافرة في أكثر الأوقات. وما لبثت البيروقراطية النقابية أن لملمت طرفي النزاع وأوهمت أعضاء الهيئة الإدارية بالوحدة النقابية الظرفية والهشة وتجاوز الخلافات حتى قفزت الصراعات من جديد وبدأت في التراكم أثناء الجلسات الدورية اللاحقة للمكتب التنفيذي على أكثر من محور.

ومثل التسيير المالي الذي يؤاخذه المحتجون على أنه غير شفاف ومعطل للأنشطة النقابية محورا هاما لا يقل أهمية عن محور استقلالية قرار المكتب التنفيذي الجهوي الذي ظل حسب بعضهم مرمى للتدخلات والإملاءات الخارجية سواء من قبل السلطة (الموافقة على قرار التزكية في الإنتخابات الرئاسية الفارطة، التوسيم الرئاسي، برقية المساندة في 7 نوفمبر، الخضوع لضغوطات السلطة الجهوية...) أو من قبل العناصر المتنفذة من كواسر البروقراطية النقابية (الموقف من الحوض المنجمي، تحوير المسؤوليات في الإتحاد المحلي بالنفيضة، إضعاف التعبئة الحضورية في الدعاية للمناسبات النضالية: مثال 5ديسمبر، معالجة الملفات الجهوية)، علاوة على بعض الخلافات حول الدور المنوط بالإتحاد الجهوي والإلتفاف على الإتفاقات وعدم القدرة على إدارة الصراع الديمقراطي الداخلي فيما بين أعضاء المكتب وغيرها من المسائل النقابية التي يرددها النقابيون.

وممّا لا شك فيه أن البيروقراطية النقابية مارست ولا تزال تمارس ضغوطا شتى من أجل أن يبقى الإتحاد الجهوي للشغل بسوسة تحت رقابتها ولا يخرج عن طاعة آل البيت، وهي إذ تفعل ذلك تساهم بصورة مباشرة في تأجيج الصراع وتعمل جاهدة في مثل هذه الأوقات بالذات على ربط مصير الإتحاد الجهوي بمصير البيروقراطية النقابية لضمان اصطفافه بالكامل حول دعاة التمديد والتوريث، الشيء الذي خلف امتعاضا واستياء شديدين من قبل شرائح واسعة من القطاعات النقابية والإطارات المنادية بالإستقلالية والديمقراطية التي تدعم بصورة مباشرة أو غير مباشرة أصحاب مبادرة تحوير المسؤوليات، حتى وإن احتوت هذه المبادرة على بعض العناصر التي لا تحظى بالإجماع وتحوم حولها عديد المآخذ، فالمسألة هنا تتحول إلى تبيان ما هو الرئيسي وما هو الثانوي في مثل هذه المعركة الدقيقة التي تقاطعت فيها - مثلما هو الشأن في المؤتمر الفارط - عديد المصالح الإنتخابية والوقائع الظرفية المتحركة.

ولقد تعطلت لغة الحوار نهائيا في الشهرين الأخيرين وأصبحت مداولات المكتب عبارة عن حوار الطرشان، فسارع 06 أعضاء من المكتب الجهوي وحسموا أمرهم بالإمضاء في مراسلة رسمية للمركزية النقابية يطالبون فيها بتحوير المسؤوليات في مستوى الكتابة العامة وأمانة المال. فيما ردّ أنصار الكاتب العام وأمين المال ومسؤول قسم الإعلام على هذا الإجراء بترويج عريضة بين أعضاء الهيئة الإدارية بغاية تحضيرها للمطالبة بمجلس جهوي يتولى البتّ في الموضوع وقد يلوّح بالمؤتمر الإستثنائي في صورة عدم التوصل إلى حل يرضي الطرفين.

من جهة أخرى نشطت ماكينة السلطة والبيروقراطية في اتجاه التأثير على الإطارت النقابية كي يحافظوا على الوضع القائم بالإمضاء في العريضة وحشد الدعم للكاتب العام وأمين المال، فيما تكثفت الإتصالات بين مكونات الحلف النقابي الديمقراطي للتشاور والإهتداء للتكتيك السليم ومراكمة ما أنجزوه جماعيا في المؤتمر الفارط مع الحرص الشديد على وحدة الموقف وتسبيق معايير الإستقلالية والديمقراطية والنضالية التي دفعوا الكثير من أجلها دون أن يترجم ذلك على مستوى التمثيل النقابي.

وتشير عديد الأوساط النقابية أن الأغلبية المطالبة بالتحوير تستمد قوتها من الجانب القانوني المتوفر ( ثلثي أعضاء المكتب حسب النظام الداخلي) كما تستمد قوتها من دعم عديد القطاعات الهامة والإطارات النقابية الديمقراطية التي لا تنظر بعين الرضى إلى الأداء العام للمكتب التنفيذي الجهوي وخصوصا الثلث المعطل داخله، الذي كان بلا ريب دون طموحاتهم ومحل انتقادات شديدة.

وفيما لا تزال الصورة غامضة نسبيا ومفتوحة على عديد الإحتمالات فإن مصير الجهة يتوقف بدرجة كبيرة على الدور الذي يمكن أن تلعبه القوى النقابية الديمقراطية في هذه المعركة التي حطت أوزارها في ظرف غير مناسب. لكن الجميع يدرك أن الثوريين لا يختارون دائما توقيت المعارك بل يجيدون إدارة المعارك التي تفرض عليهم أحيانا. فهل يحسن النقابيون الديمقراطيون إدارة هذه المعركة ويخرجون منها بمكاسب للطبقة العاملة وعموم الشغالين؟

ذلك ما سنعود إليه لاحقا وما ستنبئنا به الأيام القادمة.

سوسة في 8 ديسمبر 2010
إطار نقابي مستقل


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني