الصفحة الأساسية > البديل الوطني > غصن الزيتون وورقة التوت
غصن الزيتون وورقة التوت
15 أيلول (سبتمبر) 2009

على خلاف توقعات وانتظارات كل الواهمين، وكلما اقترب موعد المهزلة الانتخابية القادمة إلا وازدادت عصا القمع شدة وشمولا لتطال المضايقات والمحاصرة الجميع بما في ذلك الأحزاب والجمعيات والمنظمات المعترف بها وحتى "حركة التجديد"، الحزب البرلماني، الذي كثيرا ما تذكره السلطة ورموزها والمدافعون عن سياساتها لرد تهمة "البرلمان ذي اللون الواحد" الذي فصّل على القياس لينظم أحزاب السلطة (التجمع الدستوري الديمقراطي والأحزاب الإدارية المتواطئة...) ويزكي الاختيارات اللاوطنية والاديمقراطية واللاشعبية للدكتاتورية الحاكمة. فخلال الصائفة المنقضية لم يسلم نشاط "حركة التجديد" وشبابها والمبادرة الوطنية ولا جريدة "الطريق الجديد" من العرقلة والمنع والاعتداء، ناهيك أن لافتة الترحيب بالأمين العام للحركة بمناسبة تدشينها مقر المنستير رأت السلط الجهوية أنه لا مجال لتعليقها. وكل يوم يمر يتضح أكثر أن الدكتاتورية مصممة على تنظيم انتخابات على قياسها، نتائجها محسومة مسبقا ولا مجال للمشاركة فيها إلا لمن ليس له مشكلة حقيقية مع رئاسة بن علي مدى الحياة. ومن يبدي نوعا من الامتعاض من ذلك لا يسلم من القمع والمحاصرة ومجرد الحديث عن منافسة بن علي "الندّ للندّ" ن قبل السيد "أحمد إبراهيم" لم يرق للسلطة ولزبانيتها وتم بسببه احتجاز "الطريق الجيدد".

وقد لاحظ الجميع أن وتيرة المنع والمضايقات ازدادت حدتها على حركة التجديد وأنشطتها منذ إعلان المبادرة الوطنية ترشيح السيد أحمد إبراهيم للانتخابات الرئاسية المقبلة والحديث عن "المشاركة النضالية" و"ضرورة ضمان تكافؤ الفرص بين المرشحين". فبالنسبة للسلطة لا مجال لغير القبول بالأمر الواقع والاكتفاء بالمقابل (منة الـ25 بالمائة في البرلمان) فإما مشاركة بشروط الدكتاتورية القائمة وفي ظل هيمنتها وسيطرتها المطلقة وإما مقاطعة مفروضة أكثر مما هي مختارة. هذه المعادلة يرفضها البعض ويرون أن مشاركتهم ستكون "نضالية واحتجاجية".

نحن لا نكر وجود هذا التوجه عند البعض منهم لمن الرغبات وصدق النوايا شيء والواقع شيء آخر، فالواقع عنيد وقد اصطدم به السيد أحمد نجيب الشابي فأعلن انسحابه رغم اقتناعه واقتناع حزبه بالمشاركة وتبنيها الراسخ لثقافة المشاركة. والسيد أحمد بن غبراهيم ذاته أكد أكثر من مرة أن مواصلة التضييق عليه وعلى حزبه يهدد مصداقية الانتخابات (هذه المصداقية المفقودة أصلا – وأعاد صرخة ياسر عرفات الشهيرة:" لا تيقطوا الغصن الأخضر من يدي". فما عساه يفعل لو أسقط هذا الغصن من يده؟ هل سيضطر إلى ما اضطر إليه غيره من قبله؟ أي المقاطعة، أو الانسحاب؟ ولكن هل سيضطر إلى المقاطعة من اعتبر على الدوام أن لا خير يرجى من ورائها؟ اللهم غلا إذا ارتبط غسقاط غصن الزيتون بإسقاط ورقة التوت الت تستر بها الدكتاتورية عورتها وتزين بها انتخاباتها المهزلة. ففي تلك الحالة وتلك الحالة فقط ربما تضطر السلطة إلى عدم إسقاط غصن الزيتون من يد السيد أحمد بن ابراهيم فتتنازل بعض الشيء وهي مقتنعة أن لا خيار أمامها غير ذلك لتمرير بضاعتها الكاسدة وإضفاء نوع من المشروعية على الرئاسة مدى الحياة وعلىالبرلمان الصوري المنصّب ذي اللون الواحد.

فليسقط غصن الزيتون ولتسقط معه ورقة التوت.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني