الصفحة الأساسية > بديل الشباب > فلنرفع وتيرة النضال ضد واقع القمع والتهميش
العودة الجامعية:
فلنرفع وتيرة النضال ضد واقع القمع والتهميش
تشرين الثاني (نوفمبر) 2008

عاد منذ منتصف شهر سبتمبر قرابة 450 ألف طالبة وطالب إلى مقاعد الدراسة وسط ظروف مادية وأكاديمية متدهورة باستمرار نتيجة انسحاب الدولة المطـّرد من تحمل مسؤولياتها تجاه نفقات التعليم العالي ومنظومة التعليم العمومي بصفة عامة، ملقية بذلك الحمل على كاهل الطلبة وعائلاتهم المثقلة أصلا جراء الارتفاع الجنوني للأسعار والتجميد غير المعلن للأجور. ففي حين ارتفع عدد الطلبة بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية لم تواكب نسبة الطلبة المنتفعين بالسكن الجامعي هذا الارتفاع بل إنها انخفضت بشكل حاد كما انخفضت عدد سنوات الإيواء الجامعي إلى سنة واحدة للذكور وسنتين للإناث مما جعل الأغلبية الساحقة من الطلبة يواجهون مصاريف إضافية مشطه نظرا للارتفاع المتواصل لمعاليم الإيجار ويقعون فريسة لابتزاز أصحاب المبيتات الجامعية الخاصة والتي علاوة على تمتعها بامتيازات وتسهيلات من الدولة تفرض على حرفائها معاليم مرتفعة مقابل ظروف إقامة غالبا ما تكون متدهورة. كما يتواصل تجميد قيمة المنحة الجامعية رغم ارتفاع الأسعار بنسب عالية، وتراجع نسبة الطلبة المنتفعين بها وسط اتجاه الدولة لاعتماد آلية القروض الجامعية العمومية والتي بدورها تنتفع بها نسبة ضئيلة من الطلبة. وفي نفس السياق واصلت بقية الخدمات الجامعية (أكلة، نقل، صحة... ) التراجع باستمرار كمّا وكيفا. كما انعكس الانسحاب التدريجي للسلطة من دورها إزاء التعليم العالي بشكل واضح على الأوضاع الأكاديمية داخل المؤسسات الجامعية، فتفاقمت ظاهرة الاكتظاظ بشكل مستمر وتقلصت بشكل ملحوظ نسب التأطير العلمي وتهالكت البنية التحتية للمؤسسات الجامعية وأصبحت تعاني نقصا فادحا في التجهيزات (مكاتب، مخابر، تجهيزات إعلامية...). وتضاف إلى كل هذا برامج تعليمية مسقطة ومرتجلة مرفوضة من قبل الأساتذة والطلبة على حد السواء لتؤدي إلى انهيار المستوى التعليمي داخل الجامعة وانحدار متواصل للقيمة العلمية والتشغيلية للشهائد التي تسندها...

ولم تجد السلطة من حلول لتمرير هذه البرامج المتناقضة مع مصالح الجامعيين والمرفوضة من قبلهم سوى الالتجاء إلى الحلول القمعية، فعملت على تهميش دور الهياكل الممثلة للطلبة سواء كانت أطرا علمية أو منظمات نقابية حيث همّشت مداولات وقرارات المجالس العلمية وحافظت على آلية تعيين أغلب رؤساء المؤسسات الجامعية رغم المطالبة المتكررة بتطبيق مبدأ الانتخاب. كما واصلت التدخل السافر في الشؤون الداخلية للمنظمات النقابية للطلبة والأساتذة (الإتحاد العام لطلبة تونس، النقابة العامة للتعليم العالي) فعطلت انجاز مؤتمر إتحاد الطلبة بحرمانه من التمويل العمومي ومن المقر. وواصلت تجاهل مطالب النقابة العامة للتعليم العالي مقابل التعامل مع أطراف غير ممثلة للجامعيين. وفي نفس السياق، صعّدت السلطة من إجراءاتها القمعية تجاه المناضلين والمسؤولين النقابيين طلبة كانوا أو أساتذة جامعيين حيث ما انفكت قائمة المطرودين من مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس تتعزز في كل سنة جامعية بعناصر إضافية يحالون على مجالس التأديب الصورية بقضايا مفتعلة أو متعلقة بنشاطهم النقابي. وكما تصاعدت وتيرة الإيقافات والمحاكمات في السنة الجامعية الفارطة التي شهدت إيقاف ستة من مناضلي الاتحاد بجهة سوسة لمدة أكثر شهر ومحاكمة سبعة من مناضلي الاتحاد وإيداعهم بالسجن بأحكام تصل إلى 10 أشهر، فإن السلطة استهلت العودة الجامعية لهذه السنة بإيقاف المناضلين أنيس بن فرج وزهير الذويدي.. وإلى جانب ذلك مازال عدد من مناضلي الاتحاد موقوفين بالسجن أو ملاحقين في مختلف قضايا الحوض المنجمي وعلى رأسهم عضو اللجنة الوطنية من أجل المؤتمر الموحد "حفناوي بن عثمان". كما طالت موجة القمع عددا من الأساتذة النقابيين الذين تمت إحالتهم على "مجالس التأديب" و"معاقبتهم" على خلفية نشاطهم النقابي وعلى رأسهم الأستاذ بكلية الصيدلة بالمنستير "الشملي" والأستاذ بكلية الاقتصاد والتصرف بنابل "نور الدين الورتتاني".

ولم تكتف السلطة بذلك بل دفعت في الآونة الأخيرة ﺑ"منظمة طلبة التجمع" (ذراعها داخل الجامعة والذي لفظته الأجيال المتعاقبة من الطلبة لانكشاف دوره التخريبي والبوليسي) لإصدار بيان يتهجم فيه على مسار توحيد المنظمة وإعادة بنائها ويحاول من خلاله الاندساس في صفوفها - بعد أن فشل طيلة عقود من العمل الموازي - في محاولة من السلطة لتدجين الجماهير الطلابية التي ظلت مستعصية وخاصة في اللحظات الكبرى عليها.

إن هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها الجامعة التونسية - وهي تحتفل بذكرى خمسينيتها - والتي تهدف فيها السلطة نسف كل المكاسب –على محدوديتها– التي ضحت من أجلها أجيال متعاقبة من الجامعيين طلبة وأساتذة وأنفق لأجلها الشعب التونسي من جهده وعرقه طيلة خمسين سنة حتى تكون الجامعة عمومية ومفتوحة أمام أبناء الشعب نطلب من كل الجامعيين على حد السواء الالتفاف وتصعيد النضال من أجل جامعة شعبية وتعليم ديمقراطي. كما نطلب من الحركة الطلابية على وجه الخصوص مزيد تحمل مسؤولياتها والتسريع بعقد المؤتمر الموحد حتى يكون خير منطلق لإعادة بناء الاتحاد العام لطلبة تونس مناضلا، مستقلا وملتحما بجماهير الطلبة والشعب ومدافعا دون هوادة عن مصالحهم.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني