الصفحة الأساسية > البديل النقابي > لقد جعلت القوانين لتخترق
رسالة مفتوحة إلى الأخ الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل:
لقد جعلت القوانين لتخترق
7 حزيران (يونيو) 2009

لست أدري من صاحب القولة ولكن ما أدريه أنها قيلت لتمكين المعنيين بالقوانين - واضعوها ومنفذوها ومستخدموها... - من الحيل القانونية للخروج عن القانون أو لعدم تنفيذه أو لتطويعه وفق المصالح والرغبات، معوّلين دوما على ما في القوانين من ثغرات وفراغات وتعميم تقبل التأويل.

ذكرت ذلك في علاقة بما يحدث في الاتحاد العام التونسي للشغل في مناسبات عديدة من محاولات للتفصّي من تطبيق القانون عبر التأويل والفتاوى والاجتهادات غير الموفقة أحيانا لملء فراغ قانوني أو لتفسير غموض أو تضارب بين القوانين.

وهذا ينطبق مع قضية الحال ؛ قضية توزيع المسؤوليات في الاتحاد الجهوي للشغل بسليانة التي بدأت ملامح التطويع والتأويل تتشكل حتى يتسنّى توزيع المسؤوليات على المقاس.

وقد اعتمد أصحاب هذه المحاولة على النقاط التالية:

(1) التساوي في الأصوات: ظهر بعد التصويت، الذي لم يجر داخل القائمات وفق الالتزامات والتعهدات، أن الأخوين بوبكر الفرشيشي وفاروق المليتي، وهما من قائمتين مختلفتين (الثاني ينتمي إلى قائمة السيد المولدي السياري الكاتب العام السابق) قد تساويا في الأصوات (44 صوتا لكل منهما) وكان لا بدّ من العودة إلى النصّ القانوني لحسم هذه المسألة ولحسن الحظّ فالقانون قد حسم ذلك بوضوح غير قابل للتأويل، إذ ينصّ الفصل الحادي والستون من النظام الداخلي للاتحاد العام التونسي للشّغل "في صورة تساوي الأصوات في الانتخابات فالأولوية للأقدم من عدد سنوات المسؤولية، فالأقدمية في مدّة الانخراط، فالأكبر في السنّ".

ويتكرّر الوضوح في الفصل الثاني والستون في الفقرة الثانية عند الحديث عن توزيع المسؤوليات أو النيابات: "في صورة تساوي عدد الأصوات المصرّح بها عند توزيع المسؤوليات أو النيابات فالأولوية للأقدم من حيث عدد سنوات المسؤولية، فالأقدمية في مدّة الانخراط فالأكبر في السنّ". فالمبدأ منطلق من نفس الروح أي اعتماد الأقدمية في المسؤولية وفي الانخراط ثمّ السن وليس هناك من قاعدة أخرى أكثر موضوعية من هذه القاعدة. وإنّ التلميح من النظام الداخلي ودسّ اسم الأخ فاروق الملّيتي ضمن التسعة الناجحين على أعمدة جريدة الشعب يعدّ محاولة يائسة للتمهيد لتأويل لا أساس قانوني له وسنحاول لاحقا الردّ عليه. لأنّ الأخ بوبكّر الفرشيشي قد تحمّل المسؤولية منذ بداية الثمانينات وكان سنة 1989 عضو النقابة الجهوية للتعليم الابتدائي وتحمّل سنة 2001 مسؤولية منسّق لجنة النظام الجهوية للاتحاد الجهوي بسليانة، أمّا الأخ فاروق الملّيتي فلم يباشر العمل إلاّ سنة 1994 ولم يتحمّل المسؤولية النقابية إلاّ في بداية الألفية الثانية لدورتين فقط في النقابة الأساسية للتعليم الثانوي.

(2) شرط الترشح الإقامة: ينصّ الفصل الرّابع والعشرون في النقطة ج الفقرة الرابعة: "أن يقيم المترشح بمركز الولاية في مدّة لا تتجاوز ثلاثة أشهر بعد انتخابه باستثناء تونس الكبرى، وباستثناء بعض الحالة التالية (أرجو ملاحظة الخطأ اللغوي) حسب خصوصيات الجهات (ما هي هذه الخصوصيات ؟)
- أن لا تعوق إقامته خارج مركز الولاية مساهمته في النشاط النقابي العادي للمكتب. وفي كل الحالات يجب أن لا يشمل هذا الاستثناء أكثر من عضوين إثنين من المكتب الواحد". إن النصّ أعلاه قد يتضمّن أربعة مفاصل متكاملة:
العنصر الأوّل: إن قاعدة الإقامة لا تطبق إلاّ بعد ثلاثة أشهر من انتخاب العضو المعني أي بعد توزيع المسؤوليات وإمضاء الحالة المدنية لا قبل ذلك.
العنصر الثاني: ثمّة استثناءات متصلة بخصوصيات بعض الجهات ولمّا سكت النصّ عن ذكر هذه الخصوصيات فيمكن في هذه الحالة تصوّرها مثلا بعلاقة بالتوزيع الجغرافي للجهة كأن يكون مركز الولاية وسطيا وغير بعيد عن المعتمديات التابعة له فيشكّل بالتالي المركز والولايات المحيط وهو ما ينطبق على ولاية سليانة.
العنصر الثالث: اشترط أن لا تعيق الإقامة خارج مركز الولاية المساهمة في نشاط المكتب. ومن يقيّم ذلك؟ بالتأكيد المكتب المعني الذي من حقه ضبط نشاطه وتوزيعه بين أعضائه ومعرفة قدرة كل عنصر على الإيفاء بمسؤولياته وهذا لا يتمّ إلاّ بعد توزيع المسؤوليات والبدء في النشاط النقابي.
العنصر الرّابع: مكّن الاستثناء عنصرين إثنين على أقصى تقدير وسهّل بالتالي على المكتب المعني التصرّف في إقامة عنصرين من عناصره. وهو ما هو مطبّق في حالات بعض القطاعات والجهات. فلا يمكن أن نحرم سليانة من ذلك فقط لأنّ نتائج الانتخابات جاءت عكس ما كان الكثيرون يراهنون.

(3) آجال توزيع المسؤوليات: ينصّ النظام الدّاخلي في الفصل الثاني والستون في فقرته الأولى على: "يتمّ توزيع المسؤوليات لكلّ التشكيلات النقابية مباشرة بعد إعلان (أرجو ملاحظة الخطأ اللغوي)عن نتائج الفرز من قبل رئيس المؤتمر وإذا تعذر ذلك (كأن يؤجّل للتثبت من الأقدمية إذا تضاربت تصريحات المترشحين المتساويين في عدد الأصوات، أو عند فرار أحد الفائزين أو أكثر في التصويت كما هو الحال بالنسبة لسليانة) يقع وجوبا خلال الثماني والأربعين (48) ساعة الموالية"

وهو ما حدث فعلا إذ تمّت دعوة الأعضاء المعنيين عن طريق برقية بريدية وحضر من التسعة أعضاء خمسة وتغيّب أربعة وكان على رئيس المؤتمر أن يوزّع المسؤوليات على الحاضرين بعد 48 ساعة وجوبا بعد التثبت من أن سبب غياب الأربعة أعضاء المتبقين لا يرجع إلى أسباب قاهرة (وهو ما تأكّد منه الأخ المنصف الزّاهي رئيس المؤتمر عندما اتصل هاتفيا بالأخوة المتغيّبين وتبيّن له على لسانهم أنّ مانع الغياب ليس مانعا قاهرا بل هي تعلاّت من قبيل ادّعاء امتلاك طعون حول بعض المترشحين سنوضّح مسألة الطعون لاحقا).
وبعد توزيع المسؤوليات على الحاضرين وجوبا خلال 48 ساعة وبعد التأكد من سبب غياب المتغيبين يتولّى دعوة المترشحين الموالين المرتبين في مثال سليانة العاشر 10 والحادي عشر 11 والثاني عشر 12 والثالث عشر 13 ببرقية ليتم توزيع المسؤوليات المتبقية بينهم. والقول بتأجيل توزيع المسؤوليات إلى موعد ثان لا يستند إلى أيّ نصّ قانوني لأنّ لفظة وجوبا مانعة للتأويل ولا تتضمّن استثناءات بعدها. ولذلك نستغرب التأجيل ونستغرب الغمزات التي أشار إليها الأخ الأمين العام المساعد المسؤول عن النظام الدّاخلي في اتجاه التأويل.

الأخ الأمين العام يحقّ لنا نحن نقابيو سليانة أن نعبّر عن مخاوفنا من محاولات التلاعب بالقانون ونحذر من ذلك. ونعبّر عن حقنا في مطالبتكم باحترام القانون واحترام إرادة العمّال ومراعاة مصلحة الجهة ومصلحة الاتحاد. ونعلن للذين يراهنون على الوقت أو على المحاولات اليائسة لشراء الأصوات أو على رداءة تأويل القانون أنهم غير قادرين على الرجوع إلى الوراء وأن ما يحاك خارج الاتحاد سيضرّ بمصلحة الاتحاد وباستقلاليته وبديمقراطيته. الأخ الأمين العام قد نتفهّم الضغوطات المسلّطة عليكم في موضوع توزيع المسؤوليات في سليانة لكن لا نفهم ولا نقبل ولن نقبل ما يعوّل عليه البعض من أوهام ضربة السّاحر لتبديل مجريات ونتائج المؤتمر.

ونقول في الأخير: لقد جعلت القوانين لتطبّق

ودام الاتحاد منظّمة ديمقراطية مستقلّة

نقابي من سليانة

ملاحظة

ملاحظة حول الطّعون: ينصّ الفصل 56 في الصفحة 105: "تقدّم كلّ الطعون أثناء المؤتمرات النقابية في نسختين إلى رئيس المؤتمر الذي يمضي في إحداها وجوبا ويعيدها للمتقدّم بالطّعن ولا تقبل الطعون المقدّمة بعد الإعلان عن نتائج الفرز إلاّ التي تعلّقت بالشروط القانونية للترشح" ولمّا كانت الإقامة لا تدخل ضمن شروط الترشح كما بينّا فإن مسألة الطعن التي تعلّل بها الطاعنون واهية بل حيلة لكسب الوقت والضحك على الذقون.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني