الصفحة الأساسية > بديل الشباب > محمود ذويب يوجه رسالة الى مسانديه
بعد 150 يوما من السجن:
محمود ذويب يوجه رسالة الى مسانديه
25 آب (أغسطس) 2009

السجن المدني بصفاقس
الثلاثاء 25 أوت 2009
جناح الموقوفين، غرفة رقم7

الإهداء: إلى كلّ من مهّدوا لنا الدرب و فرشوا لنا الطريق بدمائهم الطاهرة..

قاوم سلاسل البرنز، قاوم مخالب القاتل القاسي... إلى أعلى إلى أعلى إلى أعلى........

آثرت أن أفتتح رسالتي بهذه المقولة لأسوق لكم تحيّة نضال، نضال من أجل الحرية والكرامة الوطنيّة، نضال من أجل الانعتاق من الظلم والاستبداد والفساد وجور الحكّام..

أكتب اليوم من السجن المدني بصفاقس إلى كلّ من يحبّونني و يفكّرون بي، أكتب لكم و لكلّ من نبض قلبه في لحظة ما متسائلا "كيف حال رفيقي أو صديقي أو ذاك الشاب محمود..؟"

….يومها حضر البوليس ولم يريدونني أن احضر، أرادوا أن يقتلوا في الإنسانية وانحدر، لكن تشفيهم في زادني إصرارا على مواصلة الطريق مع رفاقي دربي ...لكنني تساءلت ألاف المرات ألا يحق لنا أن نعيش كالآخرين، ألا يحق لي أن أودع جثمان أبي الحزين الذي بكى لشدة ما شاهده من قسوة المعاملة في وطننا وودعها صامتا كما لو انه يقول "ابني في سجن صغير ونحن في سجن اكبر فلماذا الحياة".

فلن أنسى ذلك اليوم أبدا ووداعا يا أبي........ وان لم تكسرني تلك اللحظات فقد أعطتني طاقة جديدة ملؤها الكبت والحقد والكفاح لتنفجر في وجه مغتصبي أرضي ولأواصل الكفاح مع من تقاسمت معهم اللحظات الجميلة وأحلك الفترات التي تكون بالتفافنا هينة.

أبدأ بتحيّة تلك المرأة التي حملتني 9 أشهر بلياليها وأرضعتني من ثديها الأيسر حليب الحماسة وأبت أن ترضعني حليب النجاسة، إلى أغلى امرأة في حياتي، تلك التي ضحّت بالغالي والنفيس لتوفر لي مقوّمات العيش الكريم..

إليك يا من أحنّ إلى خبزك و قهوتك و لمستك كلّ الشكر وألف قبلة و قبلة على جبينك الذي ملأته التجاعيد، تلك التجاعيد التي كتبت فيها أحلامي منذ كنت رضيعا، و مناي أن يأتي ذلك اليوم الذي أردّ لك فيه الجميل و أثأر للدموع التي ذرفتها منذ سجني..

إلى أختي ورفيقتي أماني،

شكرا رفيقتي على زياراتك التي لم تنقطع أسبوعا رغم عناء السفر واستفزازات البوليس ورغم ثقل حمل المسؤوليّة التي أصبحت ملقاة على عاتقك منذ دخولي السّجن و بعد وفاة والدنا العزيز.

شكرا يا عيني التي أرى بها حال بلادنا العزيزة من وراء القضبان، أعلم أنّك ثابتة على المبادئ و لكن تذكّري دوما أنّ الحرّية هي القوت الذي ينبغي على الشعوب أن تكتسبه بعرق الجبين و بأنّ الجبناء لا يصنعون التاريخ..

إلى رفاقي و أصدقائي وكلّ من ساندني ولا يزال،

علمت باتساع رقعة المساندة وحالة التعاطف التي تلقاها قضيّتي، وهنا أؤكّد لكم مجدّدا أنّ قضيّتي لم تكن يوما قضيّة محمود ذويب الشخص بل هي حلقة من حلقات الاعتداء على منظمتنا النقابيّة الاتحاد العام لطلبة تونس والتنكيل بمناضليه خاصّة ونحن لا نزال عاقدين العزم على انجاز مؤتمرنا الموحّد.

وهنا أدعو القوى الديمقراطيّة والتقدميّة إلى مزيد الالتفاف حول الاتحاد العام لطلبة تونس ومؤازرة مناضليه ليسترجع مكانته على الساحة الطلابية والوطنيّة ويستردّ أنفاسه بعد فترات الجزر التي عرفتها الحركة الطلابيّة ويكون من جديد خير سند للمجتمع المدني المناضل.

أشكركم مجدّدا وأشكر أيضا كلّ من ساندني لعدالة قضيّتي من خارج تونسنا الحبيبة وأخصّ بالشكر المحامين الذين تطوّعوا للدفاع عنّي وأقول:

يا دامي العينين والكفين إن الليل زائل
لا غرفة التوقيف باقية ولا زرد السلاسل
نيرون مات ولم تمت روما بعينيها تقاتل
وحبوب سنبلة تموت ستملأ الوادي سنابل
"محمود درويش "

محمود ذويب



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني