الصفحة الأساسية > البديل الوطني > الانتفاضة تطرد جلاديها.. !
الانتفاضة تطرد جلاديها.. !
15 أيلول (سبتمبر) 2009

تداول الشّارع السياسي والحقوقي في جهة قفصة خبر إعفاء المدعو سامي اليحياوي مدير إقليم الأمن بقفصة وتعيينه ملحقا بالسفارة التونسية بمصر، وتنحية المدعو محمّد اليوسفي من منصبه كرئيس لفرقة الإرشاد بمنطقة الشرطة بقفصة وتعيينه في وظيفة إدارية أخرى في نفس المؤسسة. وقد ذهب بعض النّشطاء إلى ربط هذا الإجراء بجملة الإجراءات الشّكليّة التي ما انفكّت تتّخذها السّلطة في الجهة تحت يافطة تهدئة الأوضاع في الحوض المنجمي أسابيع قليلة قبل انتخابات رئاسيّة وتشريعيّة لا يوجد ما يؤكّد أنّها ستجري في ظروف انفراجيّة، في حين ذهب البعض الآخر إلى اعتبارها الخطوة الأساسيّة التي تسبق العفو على المعتقلين الذين كانت لهم حكايات قاسية مع المسؤوليْن الأمنييْن.

وقد لعب الجلادان أدوارا بالغة الخطورة في قمع الحركة الاحتجاجية في الحوض المنجمي وفي إشاعة أجواء من القمع الأعمى في كلّ الجهة رغم مرور أكثر من سنة على ضرب تلك الحركة والتنكيل بقياداتها ونشطائها ومسانديها وأهاليها. وارتبط اسميهما بكلّ الجرائم التي حصلت في المنطقة إبّان المنعرج الأمني الأوّل يومي 07 و08 أفريل 2008، أو عند اغتيال هشام بن جدّو، أو عند المنعرج الأمني الثاني يوم 06 جوان 2008 وما لحقه من مداهمات واعتقالات وتعذيب وحشي، وصولا إلى محاصرة المدن المنجميّة وخنقها، وملاصقة النشطاء السياسيين والحقوقيين بمدينة قفصة والاعتداء عليهم وترهيبهم في منحى أمني متشدّد لم يكن له مثيل منذ أوائل التّسعينات. وقد ذكر أغلب المعتقلين في قضيّة الوفاق أنّ المدعووَيْن لم يشرفا على عمليّات اعتقالهم واستجوابهم والتنكيل بهم فقط بل شاركا فعليّا في عمليّات تعذيبهم وبالغا في ذلك في استخفاف تامّ بحرمتهم الجسدية وبكرامتهم.

وإن لم يتأكّد الخبر بعد فإنّ سرعة تبادله على ذلك الشّكل مرفوقا بجملة من التّحاليل المختلفة والمتناقضة التي لم تلغ سبب الفساد المالي والإداري، تؤكّد ثقل حضور الشّخصيّتين في نفسيّــة النشطاء والنّاشطات، ومدى السّخط من سلوكهما الإجرامي وتهافتهما على العنف الهمجي لأتفه الأسباب اتّخذ في بعض الأحيان مبالغات شخصية، كما تؤكّد الوضعيّة المأساويّة التي تعيشها مدينة قفصة وحزامها المنجمي في ظلّ استباحتها التّامّة من قبل كافّة التشكيلات الأمنيّة التي امتدت همجيّتها تقريبا إلى كافة الفعاليات السياسية والنقابية والجمعويّة.

وإن تأكّد ما يروّج فإنّ انتفاضة المناجم التي اندلعت منذ الخامس من جانفي 2008 تكون قد أطاحت تقريبا بالأغلبيّة السّاحقة من المسؤولين الجهويين والمحلّيين دون أن نسمع عن فتح أي تحقيق في شأن تقصيرهم أو جرائمهم في تأكيد للمعالجات القاصرة لمشاغل المواطنين المزمنة وسعي لتأبيد المؤسّسات الفاسدة والظّالمة. ويبدو الأمر أكثر إثارة للتساؤل حين يتعلّق بمسؤولين تعلّقت بهما اتّهامات مؤكدة بتجاوز سلطات واختطاف مواطنين وتعذيبهم والأمر بالقتل والتحرّش الجنسي والتهديد بالاغتصاب وقع تدوين بعضها رسميّا في ختم البحث التحقيقي أو في محاضر جلسات المحاكمات.

وسواء تأكّدت هذه الأخبار أو كذبت فإن الدعوات التي صدرت عن المعتقلين و النشطاء و المحامين، أو عن جمعيات حقوقية محلية ودولية لمسائلة المسؤولين عن جرائم التّعذيب أمرا وتنفيذا في قضايا الحوض المنجمي لا يمكن أن تخفت مهما كانت المغازلات السياسية والإجراءات الإدارية في ظلّ منحى دولي وإنساني للمساءلة والمتابعة ومحاربة الإفلات من العقاب في جرائم لا تسقط بالتّقادم.

وإن كان الجلاد بلقاسم الرابحي الرئيس السابق للفرقة المختصة الثانية ما يزال يهنأ بتقاعد مريح رغم تلوث يديه بدماء المنجميين مثلما يهنأ المجرم فاكر فيّالة بمنصبه رئيسا لمنطقة الشرطة رغم تاريخه الدموي ورغم القضيتين التين رفعتهما الناشطتين عفاف بالناصر وغزالة المحمدي في شأنه، فإنّ ما يروّج في شأن اليحياوي واليوسفي يدفع أكثر للعمل على التعجيل بمحاكمتهم وطنيا أو دوليّا لخطورة الجرائم التي ارتكبوها، ومن أجل إنصاف الضحايا الذي تعرّض بعضهم لسقوط دائم إضافة إلى عاهات نفسيّة مدمّرة.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني