الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > من أجل فنّ ثوري!
مسألة للنقاش:
من أجل فنّ ثوري!
4 تموز (يوليو) 2010

اليوم، حيث توجد الرأسمالية في مأزق لا مخرج منه، وحيث بلغ انحطاطها حدوده القصوى، تصيب أزمة هذا النظام جميع جوانب الحياة وكل مظاهرها. فقوى الإنتاج جامدة، ملايين البشر محكوم عليهم بالبطالة والتشغيل المحدود (sous-emploi)، واللامساواة ترتفع إلى مستويات غير مسبوقة. وليست الحروب والإرهاب ظواهر استثنائية بل صارت هي القاعدة. وقد بدأت حتى بعض عناصر البربرية تظهر في البلدان الأكثر ازدهارا و"حضارة".

ما هو دور الفنان في عصرنا؟

من الأسهل أن نقول ما ليس هو دور الفنان. ليس دور الفنان أن يبقى على الحياد، في الوقت الذي تخاض فيه المعارك الكبرى التي ستقرر مستقبل الإنسانية. لا يمكن للفن الذي ينفصل عن المجتمع والذي لا يبالي بمصيره أن يتطلع إلى المجد. إن فنا من هذا القبيل ليس في مستطاعه سوى أن يتمرّغ في مستنقعات التاريخ وحضيضه. لن يصل أبدا إلى القمم.

يجب على الفن العظيم أن يهتم بالقضايا العظمى. لا يمكن للفنان الحقيقي ألا يبالي بمصير الرجال والنساء الآخرين. إن الخاضعين والموافقين على كل شيء الذين يكتفون بأن يتبعوا، مثل الغنم، آخر صيحات الموضة، لا يمكنهم أبدا أن ينتجوا فنا أو أدبا عظيما.

على الفن مسؤولية الاحتجاج بقوة وشجاعة ضد جميع مظاهر الاضطهاد، الاستغلال، الكذب والنفاق. يجب عليه أن يشير إلى إمكانية تحقيق حياة أفضل في عالم أفضل. ليس هنالك من مشكلة كبيرة في أن تكون الرسالة مفتقدة للوضوح، وغير مكتملة وناقصة، وألا تتناول إلا هذا الجانب أو ذاك من الأشياء. فالفن ليس هو العلم أو السياسة. إن لديه هويته الخاصة ويتكلم بصوته الخاص به. فمع تبنيه لموقف مهتم بالمشاكل التي تواجه الإنسانية، يجب عليه دائما أن يبقى وفيا لنفسه.

يمكن أن يكون الفن ملتزما وثوريا دون أن يتحوّل إلى مجرد دعاية خالصة. يجب أن يكون الفن متحررا من جميع الاكراهات. يجب أن لا يعترف بأيّ سيّد سواء كانت الكنيسة أو الدولة أو الرأسمال الكبير. يجب أن يكون الفنان حرا في اتباع مشاعره الخاصة ومعتقداته الخاصة. إن مثل هذه الحرية الفنية مناقضة للنظام الرأسمالي حيث تقرر البنوك والاحتكارات، لما فيه مصلحة الربح، في كل شيء ابتداء من إنتاج الأقمشة إلى الرسم والموسيقى وكذلك الأدب.

لن يصبح الفن حرا إلا في ظل مجتمع يكون فيه جميع الرجال وجميع النساء أحرارا، حيث ستُعوَّض علاقات المال بعلاقات إنسانية حقيقية: أي في ظل الاشتراكية. في ظل مجتمع مبني على التخطيط المتوازن والديمقراطي لقوى الإنتاج، سيتمكن الرجال والنساء أخيرا من التحكم بعقلانية في مصيرهم. عندها فقط سيفقد الفن ميزات العبودية وسيرتقي إلى مكانة الفن الإنساني. للفن في مجتمع طبقي، طابع طبقي. يميل إلى الانفصال عن المجتمع، ويعتبره أغلبية الناس شيئا غريبا ومفارقا. من أجل تدمير سور الصين العظيم الذي يفصل الفن عن المجتمع، يجب أولا القضاء على الأسس المادية لهذا الاستلاب.

كيف ستكون طبيعة الفن في المجتمع الاشتراكي؟

من المستحيل أن نقول، كما أنه لا يجب علينا أن نعطي الدروس للأجيال المستقبلية. سوف ينضبط الفن دائما لقوانينه الخاصة والداخلية، التي لا تنضبط لأي نظرية مسبقة، لكنها تعكس حاجيات وتطلعات كل جيل. لكن بإمكاننا أن نكون متأكدين من شيء واحد هو أن الفن لن يفتقر آنذاك إلى التنوع. سوف تتبارى مئات التيارات الفنية فيما بينها وتتنافس، في مدرسة رائعة للديمقراطية، التي سينخرط فيها، ليس فقط حفنة من المتبجحين، بل ملايين الأشخاص. وستنبع من ذلك ثقافة جديدة ومتفوقة على كل ما وُجد حتى الآن.

من أجل هذا المستقبل نناضل. وفي هذا النضال يجب على الفنانين المعاصرين أن يحتلوا مكانهم: على جبهة النضال من أجل الاشتراكية.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني