الصفحة الأساسية > البديل الوطني > ماذا يحدث في منطقة العويّات؟
ماذا يحدث في منطقة العويّات؟
4 تموز (يوليو) 2010

تقع منطقة العويّات جنوب وادي الشعبوني على امتداد 6 كيلومترات بموازاة طريق منزل شاكر. ورغم قربها من وسط مدينة صفاقس إلا أنها منطقة شبه فلاحية وشهدت في السنوات الأخيرة زحفا عمرانيا متواصلا. وتعدّ المنطقة أكثر من ستة آلاف ساكن يتوزعون على أربع أحياء (السدّ، سيدي خليفة، أولاد عمارة، العلوي)، وتتبع العويّات إداريا عمادة الخزفات من معتمدية صفاقس الجنوبية.

تعاني المنطقة كمجمل المناطق الشعبية في تونس التهميش، إذ رغم التزايد المتسارع لعدد السكان فإنها ما تزال متخلفة من حيث البنية التحتية وتفتقر إلى الطريق المعبدة والنقل والتنوير العمومي. والتنقل إلى العويّات يقطع خلاله الفرد مسافات طويلة باتجاه طريق منزل شاكر الذي تصله بالمنطقة أربع مداخل رئيسية، ويبلغ طول كل مدخل كيلومترين، وهو ما يمثل إرهاقا خاصة بالنسبة للتلاميذ ولكبار السن نظرا لبعد الخدمات الضرورية كالتعليم والصحة.

ويمثل وادي الشعبوني الهاجس الأساسي للسكان فهو الحاجز الطبيعي الأول الذي يفصلهم عن المجال الحضري لمدينة صفاقس فغالبا ما يفيض خلال موسم الأمطار (شهر سبتمبر) ويحرم المواطنين من الدخول والخروج ويحرم التلاميذ من الالتحاق بمعاهدهم وتتوقف حركة المرور نحو المستشفيات كما تشل الحركة الاقتصادية فتنقطع طرق التزوّد بالمواد الأساسية ويحرم الأهالي حتى من أبسط المستلزمات كالخبز...

إن هامشية المنطقة تتجسد كذلك في عدم انتمائها إلى أيّ مجال بلدي وانعدام خدمات التنظيف العمومي ممّا ساهم في تراكم النفايات أدّى إلى تكاثر الناموس والذباب. وما زاد الطين بلة هو الفضلات التي تلقيها المصانع بالمنطقة الصناعية وادي الشعبوني طريق المطار كلم 5 في الوادي دون أي رقابة أو محاسبة وهي غالبا ما تكون كيميائية وذات روائح كريهة وسامة مسببة حالات إغماء خاصة خلال فصل الصيف...

أمام هذا الوضع المتردي ارتفعت أصوات الأهالي منادية بالمساواة والحق في العيش الكريم والمقومات الإنسانية لحياة الفرد بحقهم في طريق عمومي وقنطرة تقيهم معاناة الوادي وتنوير عمومي وكذلك بحقهم في النقل العمومي وتجنيبهم مشقة الخروج على طريق منزل شاكر إلى جانب مطالباتهم كذلك بمركز استشفائي حيث أن أقرب مركز استشفائي (مستوصف) يبعد ستة كيلومترات. ومجمل هذه المطالب دائما ما تجابه بالتجاهل من قبـل سلطات الإشراف. أمام تزايد وتيرة غضب الأهالي في السنوات الأخيرة التجأت السلطة إلى التسويف من خلال إرسال ممثلي الحزب الحاكم لامتصاص الغضب وإعطاء وعود زائفة مستغلين جهل الناس وتخلف وعيهم.

أرقام ودلالات في العويّات
- نسبة الأمية بين كبار السن تتجاوز 80%. والانقطاع المبكر عن الدراسة في تزايد، فمن أصل 7 آلاف نسمة لم يتمكن من الوصول إلى المرحلة الجامعية إلا 35 تلميذا فقط سنة 2009/2010.
- تفشي الجريمة والكحولية والإدمان على المخدرات بين صفوف الشباب ممّا أدى إلى تصنيفها كمنطقة سوداء. فخلال سنة 2009 فقط شهدت أكثر من مرة إغلاق المداخل وحظر الجولان ليلا بحثا عن مطلوبين أو فارين. كما شهدت المنطقة خلال نفس السنة أكثر من أربع جرائم قتل ثلاثة منها بدافع السرقة.
- معاناة متزايدة بالنسبة للمرأة بسبب التمييز والاستغلال. فالنسبة الأكبر من المنقطعين عن الدراسة في سن مبكرة هم من الفتيات وانتقالهن للعمل في مصانع النسيج بأجور متدنية (150 دينار) دون أدنى ضمانات اجتماعية أو صحية كما يقعن ضحية الاستغلال الجنسي من قبل أعرافهن وهو ما يعرضهن أيضا لعنف أهاليهم الذي يصل إلى حد القتل. وقد سجلت المنطقة خلال الأربع سنوات الأخيرة أكثر من ثلاثة عمليات قتل لفتيات على يد أقربائهن لأسباب "أخلاقية".

إن ما تعيشه منطقة العويّات ليس إلا جزءا من مشاكل الشعب التونسي والفئات الفقيرة والمهمشة، وهو يعود بالأساس إلى التوجهات اللاوطنية واللاشعبية لنظام بن علي. فوضعية العويّات شبيهة بمناطق أخرى مع اختلاف الظروف كحي الحزنات وحي الحفارة وحي درابك بصفاقس والسيجومي والملاحة بتونس العاصمة.

إن الخروج من هذه المعاناة لن يكون إلا بتوخي حلول جذرية ترتقي بهذه المناطق إلى مستوى المساهمة الاقتصادية والاجتماعية في النسيج الوطني. لذلك فعلى الجماهير الشعبية أن تعي بأنه لا سبيل لتحقيق مطالبها إلا بالنضال فلن يكلفها النضال أكثر ممّا كلفها الصمت من إذلال وحرمان من أبسط حقوقها وأبسط مقوّمات حياتها الكريمة ومن أجل الخبز والحرية والكرامة الوطنية.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني