الصفحة الأساسية > البديل الوطني > مشروع إصلاح نظام التقاعد (3)
مشروع إصلاح نظام التقاعد (3)
5 تموز (يوليو) 2010

لقد بات من الصعب اليوم، في ظل هذه الخيارات، إيجاد حل للأزمة التي تتخبط فيها الصناديق الاجتماعية والتي تعمد لتبرير "الإصلاحات" المزعومة، بالنظر للتعقيدات التي بلغها انخرام موازين المالية. والحكومة واعية بأن هذه الأوضاع تمثل مبررات "قوية ومقنعة" ومنطقية ظاهريا لتمرير حزمة الإجراءات الترقيعية الجديدة التي ستكلف الأجراء مرة أخرى تضحيات أخرى. ويلاحظ كل متتبع لهذا الملف كيف سارعت القيادة النقابية بالإعلان عن موافقتها المبدئية على إدخال إصلاحات على نظام التقاعد مرتكزة على مبررات إفلاس الصناديق الاجتماعية. بل وذهبت القيادة إلى إعلان موافقتها المبدئية على التوجهات الكبرى التي رسمتها الحكومة لهذا الإصلاحات. ولكنها وللحفاظ على القليل من مصداقيتها ذهبت وكالعادة إلى نقد نظام التسيير القديم وطرح بعض الشروط عسى أن تتقاسم الأطراف الاجتماعية التضحيات المنجرّة عن هذه الإصلاحات، وهو ما يذكرنا بموقفها وسلوكها العام حيال برنامج إصلاح التأمين على المرض.

والحقيقة أن الحلول الجذرية لأوضاع مؤسسات الضمان الاجتماعي تستوجب الإصداع بموقف صريح جريء من الاختيارات الاقتصادية العامة المتبعة من قبل النظام، هذه الخيارات التي خرطت الاقتصاد التونسي في نظام العولمة الليبيرالية وربطت عجلته بالأسواق الخارجية وبالاستثمارات الأجنبية والمحلية الطفيلية ورهنته لمصالح الاحتكارات والمضاربين الأجانب والمحليين. لذلك نعتقد أن اتخاذ موقف من إصلاح نظام التقاعد لصالح العمال وعموم الشغالين يستوجب طرح المسألة في عمقها إذ أن أي برنامج "إصلاح" في ظل الخيارات الاقتصادية الليبيرالية المملاة على بلادنا أو المتخذة محاكاة للمشاريع المطبقة في البلدان الرأسمالية سيكون محكوما عليها بالفشل آجلا أم عاجلا. وحتى إن توصلت هذه البرامج إلى تدارك الأمور سوف لن يكون ذلك إلا تداركا مؤقتا وجزئيا وسرعان ما ستعود فيه الصناديق الاجتماعية مجددا للإفلاس والانهيار.

إن الحل الحقيقي لأزمة الصناديق الاجتماعية يكمن في اتباع سياسة اقتصادية وطنية تنبني على توسيع دائرة الإنتاج في القطاعات الأساسية الصناعية والفلاحية والخدماتية وبعث المؤسسات الموجهة للإنتاج لصالح السوق الداخلية والبنية الأساسية والاستهلاك المحلي في إطار خطة تنموية متكاملة تضمن استقلال البلاد عن أهداف ومصالح الاحتكارات دولا وشركات التي لا تبحث إلا على المردودية والربح السريع.

ومن جهة أخرى فإن خطة تنموية اقتصادية وطنية بحق ومستقلة هي وحــدها القادرة على توفير مواطن الشغل واستيعاب اليد العاملة طالبة الشغل مهما كان حجمها ونسق تزايدها. وبالتالي هي وحدها القادرة على توسيع قاعدة الانخراط في الصناديق وتمويلها وبتحسن مواردها. وعلاوة على ذلك سيكون الإطار الاقتصادي والاجتماعي مواتيا لاتباع سياسة توزيعية حقيقية مبنية على تكافل الأجيال وازدهار التضامن الاجتماعي.

غير أنه وفي انتظار أن تتطور الظروف لتوفير شروط طرح هذا المطلب كهدف للإنجاز المباشر سيكون على المتدخلين في هذا الملف، ملف "إصلاح" نظام التقاعد، وخاصة النقابات وجماهير العمال والموظفين وعموم منخرطي الصناديق الاجتماعية أن يدافعوا على الأقل ومن أجل منع تنفيذ المخطط الحكومي الموضوع، على جملة من المطالب والأهداف المباشرة ومنها على وجه الخصوص:
1- رفض مراجعة أنظمة التقاعد باتجاه إدخال أنظمة الرسملة وتحويل مدخرات الصناديق إلى سندات البورصة لتتلاعب بها أيدي السماسرة والمضاربين.
2 – مراجعة نظم التسيير والتصرف باتجاه الحد من تضخم المصاريف والتخلي عن المشاريع المفلسة ورفع الدولة يدها وسن نظم تصرف ديمقراطية تكون فيها الكلمة للمنخرطين.
3 – وضع حد لسياسة استغلال موارد الصناديق في البرامج الدعائية الرسمية الموضوعة في ما يسمى بـ"التضامن الوطني" لتزيين واجهة النظام وتمرير خطابه الزبوني المفضوح.
4 – فرض استخلاص المستحقات المستوجبة على بعض المؤسسات العمومية والخاصة لفائدة الصناديق الاجتماعية وتحمل الدولة لجملة المصاريف الناجمة عن إفلاس المؤسسات أو تشجيع الاستثمار.
5 – تكفل الدولة والأعراف بما سيقع سنه من زيادة في نسب الانخراط ومعاليمه في إطار تعديل موازين الاستفادة من منتوج عملية الإنتاج وتوزيع الثروة.
6 – فتح نقاش عام وحقيقي صلب الاتحاد العام التونسي للشغل للاستفادة من المقترحات التي ستتبلور لدى القواعد والكف عن التفاوض الفوقي وتغييب المعنيين بالأمر.
7 – التصدي لمحاولة البيروقراطية الزج بملف إصلاح نظام التقاعد ضمن الحسابات السياسية والنقابوية وتبادل الهدايا بين القيادة والسلطة ومقايضة هذا الملف بدعم التراجع في الفصل 10 من القانون الأساسي للاتحاد.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني