الصفحة الأساسية > البديل النقابي > نهوض نقابي واعد
نهوض نقابي واعد
29 كانون الأول (ديسمبر) 2010

يبدو أن الوضع النقابي للعمال ومجمل الشغالين ببلادنا يتجه بخطى متزايدة نحو تعزيز ملامح نهوض جديد يقطع مع الوهن والتفكك الذي ساد في السنوات الماضية.

فما هو حاصل حتى هذه اللحظة يعزّز مثل هذا الاعتقاد. فزيادة عن استمرار الكم الكبير من الإضرابات والاعتصامات في شركات ومؤسسات بالقطاع الخاص نفّذ بعض الأجراء المنتسبين للوظيفة العمومية بعض الإضرابات (عملة التربية.. التعليم الثانوي.. السكة الحديدية..) في حين مازال الآخرون ينتظرون دورهم.

ولعل إضرابي التعليم الأساسي والثانوي المقرّران تباعا يوم 26 جانفي و27 من نفس الشهر إن تمّا سيعطيان زخما إضافيا لحراك نقابي أكثر شمولية وقوّة في السنة الإدارية الجديدة.

ومثلما هو جلي فإن هذه الصحوة تنطلق من شروط موضوعية لا لبس حولها فالهجوم النيوليبرالي المتوحّش للدولة والأعراف بلغ أشواطا متقدمة في قضم المقدرة الشرائية للعمال والإجراء دون الحديث عن الموجات المتزايدة من التسريح الاعتباطي المقنع والمكشوف للعاملات والعمال وسط مناخ نقابي يتميز أكثر من أي وقت مضى بالتضييق على الحريات النقابية في القطاعين الخاص والعمومي.

هذا بالإضافة إلى الإضرار الجسيمة التي يستشعرها الكادحون من مشاريع السلطة القادمة سواء في جانبها المتصل بالمفاوضات الاجتماعية المتعثرة حتى في خطواتها الأولى أو فيما يتعلق بالمحتويات الكارثية كما تصفه السلطات "إصلاح منظومة التقاعد".

فكل هذه العوامل وغيرها من المسائل الخصوصية لهذا القطاع أو ذاك (منح مالية-قانون أساسي إطاري..) يمثل الوقود للحراك النقابي الذي يستفيد من اعتبارات أخرى طارئة من بينها الاستحقاقات الانتخابية لهياكل المنظمة (نقابات أساسية-اتحادات جهوية) بما فيها البيروقراطية المحمومة من أجل الالتفاف على الفصل 10 وتحويره بطرق لا يمكن أن تكون إلا غير ديمقراطية بما يسمح لرموزها التمديد والمحافظة على امتيازاتها المادية والمعنوية.

وفي كلمة فإن التصعيد النقابي إلا خير ينذر بالساعة في اتجاهات من المؤكد أنها لا تخدم أوضاع السلطة التي تعاني من مصاعب عديدة على جميع الأصعدة.

ففي المجال السياسي وفق الهدف المركزي للفريق الحاكم يمثل تعبيد الطريق أمام تمرير مسألة- التمديد والتوريث باعتبارها قضية غير قابلة للجدل لا من قريب ولا من بعيد. وهي تقتضي أكثر ما أمكن من الهدوء الاجتماعي الذي لا يقبل انتشار "فيروس" الإضرابات وعلى الأخص في القطاعات الكبرى.

ولعل ظهور الحركات الاحتجاجية الاجتماعية خارج الأطر النقابية مثلما هو الشأن حاليا بمنطقة سيدي بوزيد من العوامل الإضافية التي من الأكيد أنها ستستعملها لمزيد الضغط والتضييق على الطرف النقابي وتحديدا البيروقراطية النقابية التي غلبت على الدوام مصلحة النظام على مصلحة منظوريها من العمال والشغالين وهو ما يعطي مشروعية لتخوّفات شريحة واسعة من النقابيين. تخوفات يمكن حصرها في أسئلة عدّة من بينها:
هل الصحوة الحالية سحابة عابرة أم نهوض جدّي؟
ماهي حدود البيروقراطية النقابية في مسايرة هذه النهضة؟
ما هي إمكانات الاتحاد البشرية لخوض هذه المعركة حتى نهايتها؟

بطبيعة الحال مثل هذه الأسئلة وغيرها تقتضي التوقف عندها والبحث عن إجابات حتى ينطلق النقابيون في عراكهم بأكثر ما أمكن من الوضوح والثقة في المسارات التي يختارونها، وفي ذات الوقت تصبح الإحاطة "باللقاء الديمقراطي المناضل" وتدعيم وجوده وطنيا وجهويا من أوكد الواجبات المطروحة على النقابيين والسياسيين والإعلاميين بطبيعة الحال. "فاللقاء" منظورا إليه في عمره القصير حتى الآن مجدي للساحة النقابية وبصماته على النهوض النقابي موجودة بصفة مباشرة وغير مباشرة. كما أنه في المستقبل واحدة من الركائز الهامة لتخليص التجربة النقابية التونسية من هيمنة أفقها الإصلاحي وحتى الانتهازية الرجعية الذي تحكم فيها طويلا.

عمار عمروسية


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني