الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > واقع السينما التونسية
واقع السينما التونسية
شباط (فبراير) 2008

"كفوا عن تصوير الأشياء ولكن صوروا ما بين الأشياء". هذا هو واقع السينما التونسية منذ أواخر الثمانينات حتى اليوم وهي تعيش تلك الحلقة الواحدة من الأحداث حلقة تسقط في التكرارية المملة، انشغالا بنفس القضية ونفس النسق، "قضية الجسد". وكأن التونسي لا قضايا لديه سوى الجسد. فمعظم الأعمال السينمائية تقريبا تعالج نفس الطرح وتطرح نفس السؤال من "صيف حلق الوادي" إلى الحلفاوين وصولا "الباب العرش" و"عرس الذيب". السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل واكبت السينما التونسية تطلعات المواطن التونسي بعد أن استحالت للذكريات وطمست الرغبات المدفونة؟ ما العوائق التي جعلت السينما التونسية تسير في نفس النسق؟ هل هذه العوائق متعلقة بالحريات أم بالتمويل؟

انعدام الحريات له صلة كبيرة بواقع السينما، فكيف يمكننا التحدث عن الفن والسينما إن لم يتحرر من قيود الرقابة السياسية؟ فانغلاق وانشغال الفن والسينما بنفس القضايا تقريبا له صلة كبيرة بالانغلاق السياسي وانعدام حرية التعبير في ظل الحكم الفردي.

هذه الانغلاقية ربما كانت سببا مباشرا في ابتعاد الصورة السينمائية عن القضايا السياسية خاصة، إضافة إلى صعوبة التمويل والانشغال ببعض الميادين الأخرى على حساب السينما وبقية الفنون. والأخطر من هذا كله، هو ما نشاهده اليوم من تراجع لعدد قاعات السينما في البلاد، فكان هذا متعلقا ربما بقلة الإنتاج أو بالقرصنة التي تمارس على الإنتاج السينمائي باعتبار التونسي اليوم ابتعد تدريجيا عن قاعات السينما نتيجة ما يتوفر له من أعمال خارج القاعات، أعمال سينمائية ضخمة في فنادق القرصنة، بأسعار رمزية، ولكن ذلك كان عائقا مباشرا أمام القاعات السينمائية وأمام انشغاله بالأعمال المحلية. هل أن هذا الانشغال كان نتيجة تلك التداعيات الذاتية والنرجسية التي لا تطرح أي سؤال لدى المتلقي أم نتيجة القرصنة التي تمارس على السينما؟السؤال الذي يطرح هنا كيف يمكن للسينما اليوم أن تساعد الإنسان على مواجهة صورته المهمشة دون خجل أو نفاق؟ إلى متى سنتمادى في التصنّع بأخلاقيات مزيفة؟ كيف سنكسب رهان الصورة في حين أننا لم نتحرر حتى الآن من تلك العقد الرجعية؟ كل هذه الأسئلة لن تجيب عنها الصورة السينمائية إلا إذا تحررت من قيود الهيمنة الفردية.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني