الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > إذاعة ثقافية بلا ثقافة ولا مثقفين
إذاعة ثقافية بلا ثقافة ولا مثقفين
18 شباط (فبراير) 2006

جعجعة كبيرة افتعلتها وسائل إعلام السلطة مؤخرا حول ما سموه بـ"الإذاعة الثقافية" واعتبروه إنجازا يضاف إلى "إنجازات السابع" وقدموه كمنة من المنن الراجعة باليمن والبركات على الثقافة والمثقفين. ولا يملك المرء إلا أن يضحك أمام مسلسل المهازل الذي لا تنتهي حلقاته منذ أن تربعت الطغمة النوفمبرية على عرش الحكم وأمعنت في سياسة التفقير المادي والمعنوي للشعب التونسي، وقضت على الفكر والثقافة والإبداع بالتصحر، وهو أخطر وأدهى من التصحر الذي يصيب الطبيعة والتربة. قضت على الحراك الثقافي والنقاش الفكري والنشاط النقدي بما فرضته من مناخ المصادرات والرقابة والمنع والإقصاء والمحاصرة وتحكيم "الأمن" في الشأن الإبداعي، الأمر الذي حمل العديد من المثقفين الأحرار والطاقات المبدعة وذوي الفكر النير على مغادرة البلاد أو ترك الساحة إيثارا للسلامة وتحاشيا للإهانة البوليسية وبحثا عن الأمان. وهذا ليس بالحل طبعا حتى وإن وجدنا عذرا لأصحابه وتفهمنا دواعي موقفهم. الحـل يكمن في مواجهة الآفة والتصدي للخطر على غرار ما اضطلع به السلف المثقف قطريا وقوميا وعالميا. إن المثقف المسكون بهاجس الحرية المصمّم في قرارة نفسه على رؤية الصباح الجديد لا ينسحب من المعركة سواء داخل فئة إبداعه أو خارج الوطن.

المضمون الثقافي للإذاعة "الوطنية" والإذاعات الجهوية، ولمختلف وسائل الإعلام التي تسيطر عليها السلطة يعطي صورة عما سيكون عليه مضمون "الإذاعة الثقافية". كما أن جمعية واحدة من الـ7000 التي يسيطر عليها الحكم تعطي فكرة عن مضمون بقية الجمعيات. ومتى ما صادف أن خرجت حصة إذاعية أو تلفزية واحدة ولو خروجا طفيفا عن "النص" فالويل لمن تجرّأ! أما من تحدثه نفسه بـ"الاستقلال" وممارسة حق الحرية الإعلامية أو التنظيمية أو الفكرية فالمحاصرة والمنع والضرب والحبس في انتظاره!

بهتان ما بعده بهتان ضجيجهم حول الإذاعة الثقافية وكأن العلاج يكمن في الإكثار من "الشقف" لا في تحرير السياسة وتغيير الأسلوب ورفع الحصار ووضع حد للتهميش والإقصاء!



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني