الصفحة الأساسية > البديل النقابي > قطاع البريد ينهض من جديد
قطاع البريد ينهض من جديد
18 شباط (فبراير) 2006

شن أعوان البريد كما هو معلوم وكما سبق أن أعلنا في العدد الفارط من جريدتنا إضرابا عاما يوم 25 جانفي الماضي شمل كل الجهات وبنسب نجاح عالية بلغ معدلها أكثر من 87%. ويأتي هذا الإضراب بعد الإضراب الذي شنه أعوان "الاتصالات" استجابة لقرار الهيئة الإدارية المنعقدة يوم 21 نوفمبر 2005. وقد اتخذت الهيئة الإدارية هذا القرار للاحتجاج على إصرار إدارة الديوان على العمل بالمناولة وعلى عدم الاستجابة لجملة من المطالب المادية والاجتماعية الأخرى.

وكان ساد قبل الإضراب تخوف كبير من فشل التحرك بالنظر إلى أن مطلب "إيقاف العمل بالمناولة" ليس مطلبا تعبويا وقد لا يلقى التجند اللازم لدى القواعد البريدية، وبالنظر أيضا إلى الحملة المضادة التي شنتها إدارة الديوان مستعينة بالشعب المهنية والسلط المحلية والجهوية ومن أعوان البوليس خصوصا وأن هذه الحملة ارتكزت على اتفاقيات سابقة كانت جامعة البريد السابقة أمضتها وقبلت ضمنها بالمناولة في خدمات ومصالح "الشحن والترحيل" مثلا.

غير أن الهياكل النقابية الأساسية والجهوية وكافة المناضلين النقابيين الذين عقدوا سلسلة من الاجتماعات العامة الناجحة سفهت أحلام إدارة الديوان وجندت القواعد للتحرك وإنجاح الإضراب بنسب عالية.

ولعل ما يفسر هذا النجاح سياسة التصلب التي اتبعها الطرف الإداري في التعامل مع مطالب البريديين طوال جلسات التفاوض فبقيت مقترحاتهم بخصوص الزيادة العامة في الأجور دون المأمول إضافة إلى رفض مطالب منحة الجودة ورفض تعميم تذاكر الأكل وعدم القبول بالزيادة في منحة الإنتاج ورفض بعث صندوق اجتماعي على غرار كل المؤسسات العمومية وشركة الاتصالات وبطبيعة الحال الإصرار على التمادي في التشغيل بالمناولة في كل المصالح ومواقع العمل تقريبا.

هذا التصلب وفر للهياكل النقابية الفرصة والمادة الإعلامية والدعائية اللازمة للاجتماعات العامــة الناجحة في مختلف الجهات وخلق حافزا قويا لدى القواعد للدخول في الإضراب رافضة بذلك منطق التصلب والمماطلة. وقد سجلت بعض الاجتماعات مثل ما حصل في قفصة وبن عروس وتونس نجاحا منقطع النظير لم يشهده قطاع البريد منذ سنوات وبشكل يذكرنا بنضالات البريديين خلال التسعينات.

وللالتفاف على هذا التجند دعت وزارة الشؤون الاجتماعية الطرفين النقابي والإداري إلى جلسة صلحية يوم السبت 21/01/2006 لتقريب وجهات النظر ولتلافي الإضراب. وقد دامت الجلسة أكثر من 8 ساعات انتهت بالتمسك بقرار الإضراب وراح إثرها كل من الطرفين يعمل من أجل كسب السباق: الإدارة من أجل الضغط على الأعوان والتشكيك في المطالب والتهديد بالانتقام بكل الأشكال، والهياكل النقابية من أجل تحقيق أعلى نسبة نجاح لإرغام الطرف المقابل على التخلي عن التصلب.

وكان يوم 25 جانفي موعد الإضراب، أقبلت القواعد البريدية على بطحاء محمد علي بتونس العاصمة وبدور الاتحاد في الجهات ملبية نداء النضال وواجب الدفاع عن الحقوق. وقد شهدت دار الاتحاد بتونس واحدا من أضخم التجمعات التي لم يعرفها الاتحاد منذ سنوات وأكد البريديون أن معين النضال لم ينضب وأن عزيمة الصمود لم تفتر وعادت إلى الأذهان شعارات البريديين التي رفعوها في إضراب الأيام العشرة في شهر فيفري 1984 مثل "صف البريد واحد" و"نحن على حق حق، والإدارة ظالمة". وتزينت بطحاء محمد علي باللافتات الرافضة للمناولة والمتمسكة بالمطالب المادية والمعنوية للبريديين. وقد زادت تدخلات النقابيين حماس القواعد حرارة وإصرارا. كما كانت نسب الإضراب في باقي الجهات والمتراوحة بين 50% و97% وكذلك برقيات المساندة من العوامل التي جعلت نساء ورجال البريد يهتفون معلنين أنهم مستعدون لتكرار ملحمة إضراب العشرة أيام.

إذن انتهت المحطة الأولى وخرج البريديون باستنتاج هام جدا ألا وهو أن النضال من أجل الحقوق والدفاع عن المكتسبات ممكن طالما وجدت قيادة نقابية مناضلة قادرة على قيادة الشغالين بثبات نحو كسر شوكة الطغمة الرأسمالية المستكرشة.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني