الصفحة الأساسية > بديل الشباب > إطلاق سراح الطلبة المساجين أولويّة مطلقة
إطلاق سراح الطلبة المساجين أولويّة مطلقة
20 شباط (فبراير) 2010

لا يختلف اثنان في أن المهمة الرئيسية الأولى الملقاة اليوم على عاتق الحركة الطلابية هي النضال بلا هوادة من أجل إطلاق سراح الطلبة المعتقلين. ويتحمّل الاتحاد العام لطلبة تونس مسؤولية تاريخية كبرى في ذلك. والسلطة واعية تمام الوعي بذلك، وتعرف أن مناضلي الاتحاد لن يسكتوا ولن يتخلوا عن رفاقهم المعتقلين، لذلك نراها تضرب يمنة ويسرة من أجل الحيلولة دون تنظيم الطلبة وتعبئتهم من أجل الوقوف صفا واحدا في وجه القمع والتجند لإطلاق سراح زملائهم الذين زجّ بهم نظام بن علي ظلما في السجن.

إن هؤلاء الطلبة الذين يقبعون الآن في سجون "التغيير" في ظروف لاإنسانية ويتعرّضون لأشنع أنواع التنكيل ويُحرمون من حقهم في مواصلة دراستهم داخل السجن، وتتكبّد عائلاتهم الويلات من أجل زيارتهم والاطمئنان عليهم، هؤلاء الطلبة سجنوا لأنهم دافعوا عن حق زملائهم وزميلاتهم في السكن وفي حياة جامعية يتوفر فيها الحد الأدنى. والقضية التي سجنوا من أجلها لا تهم الطلبة فحسب بل تهمّ كل المجتمع بجميع فئاته. فالكل يعلم أن قضية السكن أصبحت تؤرّق الطلبة والعائلات وكل غيور على هذه البلاد بعد أن تحوّل هذا الملف إلى ميدان للسمسرة والتحرّش الجنسي، وسببا مباشرا في انقطاع العديد من الطالبات والطلبة عن الدراسة وبروز عقليات انتهازية وبتشجيع من مديري المبيتات الجامعية الذين يستغلون حاجة الطالبات للسكن للتحرّش بهن وابتزازهن.

لذلك فإنّ قضية هؤلاء الطلبة هي قضية وطنية بالأساس. ومن واجب الجميع الوقوف إلى جانبهم والمطالبة بإطلاق سراحهم دون قيد أو شرط.

ويتحمّل الاتحاد العام لطلبة تونس المسؤولية المباشرة في تعبئة الرأي العام حول هذا المطلب. ورغم الضربات الموجعة والقمع والحصار المتواصلين اللذين يتعرّض لهما، فإن الاتحاد قادر على تحقيق هذا الهدف وإفشال مخططات السلطة في قبر قضية المعتقلين وإدخالها دائرة النسيان. ولتحقيق هذا المطلب لا بدّ من ضبط برنامج نضالي، يأخذ بعين الاعتبار عوائق الواقع الموضوعي ومدى جاهزية العنصر الذاتي وقدرته على تعبئة الطلبة حول مطلب واحد وهو إطلاق سراح المعتقلين.

إن نظام بن علي يعرف أن قوّة الحركة الطلابية تكمن في وحدتها. فالاتحاد العام لطلبة تونس لا يمكنه الصمود في وجه آلة القمع الرهيبة إذا لم يكن موحّدا ومنغرسا في صفوف الطلبة. فبوليس بن علي بإمكانه اعتقال العشرات وحتى المئات من مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس ورميهم في السجون، لكن لا يمكنه اعتقال عشرات الآلاف من الجماهير الطلابية عندما تهبّ في تحرّكات جماهيرية حاشدة.

كما أن الحركة الطلابية بقيادة الاتحاد العام لطلبة تونس لا يجب أن تعزل نفسها عن باقي مكونات المجتمع المدني من أحزاب وجمعيات ونقابات وشخصيات...

إن الاهتمام بقضية الطلبة المعتقلين لم تأخذ حظها من الدعاية ومن الالتفاف حولها رغم طابعها الوطني وشرعية المطلب الذي من أجله سُجن الطلبة، ورغم ما مورس عليهم من تعذيب وما سُلـّط عليهم من أحكام قاسية وما رافق المحاكمة من انتهاكات صارخة، ورغم الصمود البطولي الذي أبداه الطلبة في مواجهة الجلادين طوال مراحل التحقيق وفي المحكمة وداخل السجن. رغم كل هذا مازال دور مكونات المجتمع المدني ضعيفا ولا يرقى إلى مستوى القضية وما تتطلبه من تعبئة شاملة ونضال متواصل من أجل فرض مطلب إطلاق السراح.

ولا يجب أن ننسى غياب الاتحاد العام التونسي للشغل عن هذه القضية. فإذا كانت البيروقراطية النقابية قد عوّدتنا باصطفافها وراء السلطة في مثل هذه القضايا فإن النقابات القطاعية المناضلة مثل نقابات التعليم التي تهمّها هذه القضية بصفة مباشرة، والاتحادات الجهوية والمحلية وكل النقابيين الأحرار قادرون على تنظيم حملة واسعة من أجل الضغط على المركزية النقابية حتى يتحوّل مطلب إطلاق سراح الطلبة المساجين إلى مطلب عام ومباشر داخل اتحاد الشغل مثلما حصل بخصوص مساجين الحوض المنجمي.

لقد أطلقت "اللجنة الوطنية للدفاع عن الطلبة المساجين" حملة يوم 15 فيفري الجاري من أجل إيقاف الهجمة الشاملة التي تشنهـا السلطة على اتحاد الطلبة ووضْعِ حدّ لمسلسل الاعتقالات والاعتداءات والمحاكمات والسجن والطرد من الدراسة الذي يتعرّض له مناضلات ومناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس. ودعت اللجنة كل القوى المناضلة في البلاد إلى مساندة هذه الحملة والانخراط فيها. كما دعت "التنسيقية الجهوية للمؤتمرين بجهة صفاقس" في بيان لها بعنوان "لا مؤتمر بدون المساجين ولا مساجين بدون مؤتمر" بتاريخ 6 فيفري 2010 إلى "ضبط برنامج نضالي للدفاع عن الطلبة المساجين والملاحقين والمطرودين على خلفية نشاطهم النقابي" واقترحت "التنسيقية" شنّ إضراب وطني عام عن الدراسة.

إننا نحيّي هذه المبادرات وندعو الجميع إلى الالتحاق بها وحشد الدعم لها. لكن لا بد من الإشارة إلى أن هذه المبادرات لن تحقق أهدافها إذا لم يقع التخطيط لها جيدا مع مراعاة متطلبات الواقع الموضوعي وحالة موازين القوى وما تفرضه من أشكال نضالية تراوح بين العلني والسري للحفاظ على الطاقات وتجنب الضربات المجانية، وتستمدّ شرعيتها وقوتها من جماهيريتها وقدرتها على تعبئة الجماهير الطلابية وقيادتها نحو الهدف المنشود، مع الربط بكل مكونات المجتمع المدني وصهرها في صف واحد يصعب على الدكتاتورية محاصرته أو ضربه في المهد.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني