الصفحة الأساسية > البديل الوطني > ارتفاع مهول في الأسعار خلال شهر رمضان
ارتفاع مهول في الأسعار خلال شهر رمضان
20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2003

جاء رمضان هذه السنة بعد فترة تميزت بالأمطار الغزيرة فاستبشر أبناء الشعب وخاصة الفقراء منهم، لأنهم ذاقوا الأمرين زمن الجفاف… لكن العكس تماما هو الذي حصل. فيضانات أودت بحياة عديد المواطنين وجرفت ممتلكاتهم وخربت بيوتهم، وبالمقابل ارتفعت الأسعار بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ البلاد.

كان المواطن التونسي يعتقد أن الزيادات الصيفية المعتادة في الأسعار (نقل، أدوات مدرسية، مواد غذائية، عجين.. إلخ) كافية لملء جيوب البرجوازية. لكن مسلسل ارتفاع الأسعار تواصل بشكل مستمر ومتصاعد وشمل كل شيء، بما في ذلك الأشياء التي اعتاد الفقراء سد الرمق بها مثل الجزر واللفت والبصل والسلق والبيض والدجاج والسردينة..إلخ. ولم يكن الارتفاع هذه السنة عاديا، إذ أن أسعار بعض المواد (خاصة الخضر) تضاعفت ثلاث وأحيانا أربع مرات. مثل البصل والبطاطا والطماطم (1د)، والجلبانة (1,6د) والقنارية (3د) والكرافس والمعدنوس والفجل واللفت والجزر والسلق… (أكثر من 0,6د). أما أسعار الغلال فهي كلها (ما عدى الرمان) في حدود 2د للكلغ الواحد. اللحوم أيضا طارت أسعارها ولم يعد باستطاعة المواطن ذو الدخل الضعيف وحتى المتوسط اللحاق بها. فمن كان يأكل العلوش (12د) نزل إلى البقري (10د). ومن كان يأكل البقري نزل إلى الدجاج (4د). ومن كان يأكل الدجاج اكتفى بالسردينة (1,5د). ومن كان يأكل السردينة تخلى تماما عن أكل اللحوم. كما أن بعض المواد التي اعتاد المواطن الفقير "تعمير" قفته بها تكاد تكون مفقودة من السوق.

كل فئات المجتمع من عمال وفلاحين وعاطلين… لا حديث لهم هذه الأيام إلا عن الغلاء المشط في الأسعار وعن البون الشاسع بين الحقيقة الماثلة أما أعينهم وبين ما يسمعونه في وسائل الإعلام الرسمية من أن "السلطة اتخذت جميع الإجراءات والاحتياطات لتوفير السلع الضرورية والتصدي للاحتكار والتلاعب بالأسعار…". وأمام الكذب المكشوف الذي تمارسه وسائل إعلام السلطة يبقى المواطن في حيرة من أمره حول الأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذه الوضعية، خاصة والعام ممطر والأراضي الصالحة للزراعة وتربية الماشية والدواجن متوفرة بما فيه الكفاية.

التجار يقولون أن السلع، زيادة على غلاء أسعارها، فهي غير متوفرة في أسواق الجملة. والفلاحون يقولون أنهم لم يزرعوا كل المساحات المتوفرة لأن التكاليف باهظة وتعود عليهم بالخسارة، خاصة أسعار الماء والأسمدة والبذور والأعلاف وتكاليف النقل والخزن. زيادة على ارتفاع الضرائب والابتزازات (26/26...).

ويتردد كلام بين المواطنين حول عمليات الاحتكار التي شملت حتى المواد التي تقول السلطة أنها استوردتها لتغطية النقص الحاصل في الأسواق. ومن بين المتورطين في هذه العمليات العائلات المرتبطة بالسلطة وبكبار المسؤولين في الحكومة وفي الحزب الحاكم (التجمع).

إن السبب الرئيسي في غلاء الأسعار هو في طبيعة النظام القائم الذي يعمل باستمرار على الحفاظ على مصالح الأقلية الثرية على حساب قوت الشعب. فهو يسعى إلى إلغاء صندوق التعويض استجابة لتعليمات مؤسسات النهب الدولية. وهو يعمل أيضا على إلغاء كل الخدمات الاجتماعية من نقل وصحة وتعليم وتحويلها إلى خدمات مخوصصة تدر الأرباح على أصحاب رؤوس الأموال المحليين والأجانب. وهو الذي يشجع الاحتكار ويحمي المحتكرين ويترك أسعار المواد غير الخاضعة للمراقبة لعبة في يد السماسرة والمتلاعبين بلقمة الشعب. وهو الذي يفتح أسواق البلاد أمام السلع الأجنبية ليقضي على المنتوج التونسي. وهو الذي يرفع أسعار المواد الأولية الفلاحية لإثقال كاهل الفلاحين الفقراء بالديون حتى أصبحوا غير قادرين على غراسة المساحات الصغيرة التي يملكونها.

- جميعا ضد الزيادات في الأسعار
- جميعا مع الزيادة في الأجور
- جميعا من أجل إسقاط برنامج الإصلاح الهيكلي



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني