الصفحة الأساسية > البديل العربي > شارون يستنجد بالنظامين المصري والأردني
شارون يستنجد بالنظامين المصري والأردني
22 حزيران (يونيو) 2004

يندرج ما يسمى بـ"الانسحاب من غزة" ضمن خطة شارون المسماة بـ"فك الارتباط" التي وضعها شارون على أساس أنه "لا يوجد شريك فلسطيني للتفاوض من أجل السلام". ويمكن تلخيص هذه الخطة في أن شارون يريد فرض مشروعه الصهيوني على الشعب الفلسطيني وكافة شعوب المنطقة بدون تفاوض مع السلطة الفلسطينية وبدون الرجوع إلى الاتفاقيات التي أُبرمت ضمن ما يسمى بـ"مسلسل السلام" مهما كانت جزئية أو شكلية، ضاربا عرض الحائط بكل المعاهدات والقوانين الدولية التي تضمن بعض الحقوق الفلسطينية. وقد بدأ شارون منذ توليه السلطة على رأس الكيان الصهيوني تنفيذ هذا المشروع من خلال استعمال أشنع أشكال القمع لإخماد الانتفاضة وتسريع وتيرة بناء المستوطنات وهدم بيوت الفلسطينيين وتهجيرهم وبناء جدار عنصري… وهو يستعد الآن لبناء خندق آخر على طول الحدود مع مصر… ويكفي هنا أن نشير إلى بعض الأرقام حول تطور عدد هدم المنازل الفلسطينية في الثلاث سنوات الأخيرة. ففي عام 2002 كان معدل تدمير المنازل 25 منزلا كل شهر. وفي عام 2003 ارتفع هذا المعدل ليصل إلى 96 منزلا كل شهر. أما في السنة الحالية فقد بلغ المعدل رقما خطيرا وهو 136 منزلا كل شهر. أي أن عصابة شارون تهدم يوميا وعلى امتداد الثلاث سنوات الأخيرة حوالي 3 منازل يوميا!! وفي شهر ماي الفارط حصد الرصاص الصهيوني أكثر من 100 شهيد وقرابة 600 جريح. ومن النتائج الاجتماعية للسياسة العنصرية الصهيونية في الأراضي المحتلة أن نسبة البطالة بين الفلسطينيين تبلغ الآن أكثر من 87% ونسبة الفقر فاقت 60%.

إن هذه الأرقام المفزعة لا تعكس في الحقيقة سوى بعض الجوانب فقط من حجم الكارثة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني الشقيق على يد عصابة شارون المدعومة من قبل عصابة بوش. وتُنفذ هذه الجرائم البشعة في ظل صمت دولي وتواطؤ من طرف الأنظمة العربية.

وقد جاء قرار شارون المتعلق بـ"الانسحاب من غزة" نتيجة عدم قدرة الكيان الصهيوني على قمع الانتفاضة رغم كل أشكال القمع التي فاقت التصور. ويبحث شارون عن مخرج من "مأزق غزة" من خلال تكليف النظامين المصري والأردني بـ"إحلال الأمن في المناطق التي ستنسحب منها إسرائيل"، أي القيام بنفس الدور الذي فشلت فيه عصابات شارون وهو قمع المقاومة وإخماد الانتفاضة. وقد استجاب هذان النظامان العميلان لطلب شارون بدون شروط. ويأتي هذا الرضوخ بعد التهديدات المباشرة وغير المباشرة التي أطلقها بوش ضد نظامي مبارك وعبد الله بقطع المساعدات والدعم عنهما بسبب عدم جديتهما في مقاومة الإرهاب وخاصة فشلهما في التصدي لـ"شبكات تهريب الأسلحة" عبر حدودهما مع الأراضي المحتلة الفلسطينية، على حد زعم الإدارة الأمريكية.

وستتولى مصر لعب دور المسؤول عن حماية أمن الكيان الصهيوني في غزة في حين ستقوم الأردن بنفس الدور في الضفة الغربية. وإذا كان الدور الأردني لم يتبلور بعدُ فإن الدور المصري بات واضحا بعد الاتفاق الذي تم بين حكومة مبارك وحكومة شارون، والذي سيتم بموجبه، حسب ما جاء في بعض الصحف العبرية، إرسال 200 عسكري وضابط ورجل مخابرات مصري "لتدريب وتأهيل الأجهزة الأمنية الفلسطينية" مع نشر 100 شرطي مصري آخر على طول الحدود مع غزة "لإحباط عمليات تهريب السلاح". كما ينص الاتفاق بين الجانبين أيضا على تجريد عرفات من صلاحياته الأمنية ونقلها إلى أحد وزرائه (قريع أو دحلان أو الرجوب…).

إن هذا الدور القذر الذي سيلعبه النظام المصري في الأراضي الفلسطينية يتم تسويقه عبر الدعاية بكون "الأشقاء المصريين سيساعدون أشقاءهم الفلسطينيين على ترتيب الأمور في المناطق التي ستنسحب منها إسرائيل من خلال حفظ الأمن وتدريب الأجهزة الأمنية الفلسطينية وتنشيط الحوار الوطني الفلسطيني… إلخ". وهي تعلات لا يمكن أن تنطلي على عاقل. فالأجهزة الأمنية الفلسطينية ينخرها الفساد والبيروقراطية ومتورطة في عمليات تعذيب وقتل ضد الفلسطينيين… ويوجد الآن صراع كتل فاسدة داخل هذه الأجهزة. وما يطالب به الشارع الفلسطيني اليوم ليس استدعاء أجهزة المخابرات المصرية وغيرها لتدريب ومساعدة الجهاز الأمني الفلسطيني على فنون جديدة من التعذيب وقمع الانتفاضة… بل مقاومة الفساد داخل هذه الأجهزة وتطهيرها من المتورطين في عمليات تعذيب وقتل ضد الفلسطينيين، ووضع الكفاءات الوطنية الصادقة في هذه الأجهزة لخدمة الوطن والشعب.

إن الدور الموكول للنظامين المصري والأردني في الأراضي المحتلة ما هو إلا بداية لإعطاء دور أكبر للأنظمة العربية في قمع المقاومة ليس في فلسطين فحسب وإنما في العراق أيضا. ويندرج هذا الدور ضمن المشروع الامبريالي الصهيوني بقيادة كل من شارون وبوش والهادف إلى إخضاع كامل منطقة الشرق الأوسط الكبير ونهب ثرواتها، خاصة وأن تحقيق هذا المشروع بات يواجه صعوبات كبيرة مع تصاعد المقاومة ضد الوجود الأمريكي في العراق وأفغانستان ومنطقة الخليج العربي، وعدم قدرة شارون على قمع الانتفاضة في فلسطين وتنامي الحركات العالمية المناهضة للامبريالية والصهيونية، وهو ما عمّق الأزمة المتعددة الجوانب التي تعيشها الامبريالية العالمية بقيادة أمريكا، فباتت تبحث عن أي شيء ينقذها من ورطتها وقد وجدت في الأنظمة التابعة وفي مقدمتها الأنظمة العربية خير خادم لسياساتها العدوانية.

إن المطروح اليوم على القوى الثورية في الوطن العربي هو فضح المؤامرات التي تحاك ضد شعوب المنطقة وفي مقدمتها الشعبان الفلسطيني والعراقي. وفي هذا الإطار لا بد من تنسيق المواقف والعمل على قيام جبهة عربية ثورية مناهضة للامبريالية والصهيونية لمواجهة المشروع البوشي الشاروني.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني