الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > أزمنة الاشتهـــاء
أزمنة الاشتهـــاء
22 حزيران (يونيو) 2004

من زمن…

تمنّيتُ لو أن وجهي لم يخني مرة

ولو أن تفاصيله غيرت شكلها.

من زمن وأنا أبحث عنِّي

كي ألاقيك في عمق الجراح القديمة.

فما الذي تغير في هذه السنوات؟!

لا شيء سوى أن الوجوه التي ترقب ظلي

صارت تلبسني

وصرت أراوغ ظلي

كي أرى في الحلم

بعض الوجوه التي تشتهي حزني

******

من زمن حطّت فراشة على كفّي

وغبتَ طويلا..

وغاب الربيع

تساءلتُ كيف افترقنا؟!

وكيف سنستقبل السنوات الجديدة؟!

وكيف سننسى؟!

نفس الشوارع..

نفس الأماني..

نفس أحلام الطفولة..

تقرع جمجمتي وتسكنني.

نفس الأزقة تخبئ سري

وترفض أن تستريح قليلا..

نفس العيون تبتسم في صمت..

تتركني وحيدة

ثم تمضي..

فما الذي قد تغير في هذه السنوات؟!

العيون الخرافية التي تقتحم غربتي

قد تصير اشتهاء؟!

الشوارع تترك عزلتها

وتصرخ: لماذا غفونا طويلا؟!

******

من زمن وأنا أبحث عن وهمٍ كي تعود

ولم تعد..

أبحث في ثنايا الحلم المهرّب

عن ذكرى لنا..

عن ابتسامة عابرة..

عن ليل يمزّق ظلمته كي أراك

ولا أحد.

من زمن..

تمنيت لو ألغي بعض التردد

وأنا أمضي إليك بلا أقنعة.

تمنيت لو صارت جميع المواعيد ما بيننا

موعدا واحدا

كي ألغي المسافة والطريق.

الشوارع تختزل أحزانها في فراغ مميت

تنتحر في صمت..

تمنحني مفاتيح صمتها

كي أفك ألغاز المدينة كلها

وكي أفتح كل أبوابها المطبقة..

فهل تطاوعني خطاي

وتفاجئني القصيدة؟!

******

من زمن..

عادت أحلام الطفولة

تطفو على سطح ذاكرتي

وعدتُ إلى طفلة السادسة:

أطفال ينامون في عري الشتاء بلا صقيع..

كل الفصول تلامس أجسادهم في حنوٍّ

وترسم البسمات إذا ما تمر..

وحين تؤوب..

كل البيوت تجتمع في واحد
تحتضن أسرارنا في صمت..

تفتح النوافذ كلها..

كي تنام الطيور الشريدة.

لماذا إذن –بمنتصف العمر-

تعودني الذكريات القديمة..

وتسكنني طفلة السادسة؟!

من زمن..

أحاول فك التناقض ما بين حلم يسافر في دمي

وبين خراب المدينة.

من زمن..

ووجهكَ لم يتغير..

وجرحكَ لم يتغير..

ما زال يحمل بعض تفاصيل حزني

وبعض الحنين إلى المدن المربكة.

ومازال خَطوُ الرفاق يعشّش في دمي

وفي دمك.

لماذا إذن غابوا طويلا

وعلقوا كل أسئلة القصيد؟!

انتصـار

أفريل 2004



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني