الصفحة الأساسية > البديل الوطني > المعارضة الديمقراطية قادرة على أن تكون فاعلة
المعارضة الديمقراطية قادرة على أن تكون فاعلة
22 حزيران (يونيو) 2004

مع اقتراب المهزلة الانتخابية الرئاسية والتشريعية المبرمجة لشهر أكتوبر القادم ما انفكت أشكال الضغط التي تمارسها الدكتاتورية النوفمبرية على مختلف فصائل المعارضة الديمقراطية القانونية وغير القانونية، الحزبية والجمعياتية، تتعدّد: اعتداءات، منع اجتماعات، محاصرة إعلامية، تحذيرات وتهديدات، افتعال قضايا إلخ.. ومن المرجح أن تتكثف هذه الضغوط كلما ازداد الموعد اقترابا. فبن علي وفريقه يعملان على سد كل متنفس يمكّن المعارضة الديمقراطية من فضح المهزلة ودعوة الشعب التونسي إلى التصدي لها دفاعا عن حقه في انتخابات حرة ونزيهة يمارس عبرها سيادته ويختار من ينوبه أو من يحكمه. إن ما يهمهما هو أن يبقيا في الحكم ويمنعا ظهور أي بديل لنظامهما الدكتاتوري العميل والفاسد.

وما من شك في أن وضعا كهذا يضع مختلف فصائل المعارضة الديمقراطية أمام تحدّ كبير: هل ستتمكن رغم اختلال موازين القوى في الوقت الراهن لصالح الطغمة النوفمبرية من كسب نقاط على حسابها تساعدها لاحقا على القدح في نتائج المهزلة من موقع أفضل وعلى مواصلة مراكمة عناصر القوة إلى أن تصبح في يوم من الأيام، وبالأحرى على المدى المتوسط على الأقل، قادرة على طرح مسألة تغيير نظام الحكم كمهمة مباشرة للإنجاز؟ أم هل أن الطغمة النوفمبرية ستتمكن من "تحييدها" بالضغط والقمع والمناورة وبالتالي من تمرير المهزلة حسب السيناريو المحدد لها ومواصلة الادعاء أمام الرأي العام الداخلي والخارجي بأن "لا بديل عنها" وبأنها تحظى بـ"دعم شعبي منقطع النظير" وبأنه "لا وجود لمعارضة ذات أهمية في البلاد"؟

نحن، في حزب العمال، نعتقد أن المعارضة الديمقراطيــة قادرة هذه المرة خصوصا على استبعاد هذه الفرضية الثانية التي لا يمكن لأحد أن ينكر ما سيكون لها، إن حصلت، من انعكاسات سلبية، محبطة على أنصار هذه المعارضة وعلى فئات الشعب المهتمة أكثر فأكثر بالشأن العام والباحثة عن قيادة وبديل مقنعين. ونحن نؤسس موقفنا هذا على عاملين، موضوعي وذاتي. ويتمثل الأول في كون الطغمة النوفمبرية تعيش حالة من التراجع مقارنة بما كانت عليه في التسعينات بحكم افتضاحها داخليا وخارجيا وكذلك بحكم الضغوط المسلطة عليها دوليا مما يجعلها في شبه مأزق إذ أن ممارساتها بما فيها المهزلة الانتخابية المقبلة تتناقض بشكل صارخ مع محاولاتها الظهور بمظهر "رائد الإصلاح السياسي في المنطقة".

أما العامل الثاني فيتمثل في ما حققته المعارضة الديمقراطية خلال السنوات الأخيرة من تقدم نسبي وهو يتجسم في تجذر خطابها ومواقفها ومقترحاتها مقارنة مع ما كانت عليه جل فصائلها في السابق وفي نزوعها إلى العمل المشترك إدراكا منها لأهمية بعث جبهة ديمقراطية واسعة ضد الدكتاتورية في مثل هذه المرحلة. وقد أثبتت التجربة أن المعارضة الديمقراطية قادرة من خلال عملها المشترك على تحقيق بعض المكاسب (المسيرة المساندة للعراق وفلسطين، عقد بعض الاجتماعات العمومية ...). ونحن على يقين من أن هذه المعارضة إذا عرفت كيف تستغل ما عليه الدكتاتورية النوفمبرية من تراجع مهما كان نسبيا ومحدودا، من جهة وما هي عليه من نهوض، هو أيضا لا يزال نسبيا ومحدودا، لتمكنت من توسيع رقعة نهوضها مقابل تعميق تراجع الدكتاتورية.

إن تحقيق هذا الهدف يتطلب علاوة على التحلي بالجرأة وروح المبادرة والاستعداد للتضحية، أن تبذل المعارضة الديمقراطية مزيدا من الجهد حتى تواجه المهزلة الانتخابية بصفوف موحدة. وإن لم تتمكن من تحقيق هذه الوحدة بالكامل فلتكن وحدة على الأقل في الموقف من مهزلة الرئاسية بالنظر إلى طبيعة الحكم في بلادنا. فالمواقف من هذه المهزلة متقاربة جدا ولا خلاف إلا في توقيت إعلان مقاطعتها. إن الإسراع بإعلان الموقف الموحد من شأنه أن يربح المعارضة الديمقراطية وقتا تستغله في فضح المهزلة والتشهير بها والتعريف بمقترحاتها وتوضيح خطتها المستقبلية. وإذا ما انتهت الأطراف الداعية إلى المشاركة في الانتخابات التشريعة من باب التشهير والاحتجاج وليس من باب الطمع في كراسي في البرلمان، إلى مقاطعة هذه المهزلة أيضا في مرحلة من مراحل الحملة فلن يزيد ذلك المعارضة الديمقراطية إلا لحمة وقدرة على مواجهة مرحلة ما بعد أكتوبر 2004.

إن حزب العمال، إدراكا منه لخطورة الأوضاع التي يعيشها الشعب التونسي على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولأهمية وحدة قوى المعارضة الديمقراطية في التصدي لهذه الأوضاع لتغييرها أو على الأقل لتحسينها لن يدخر أي جهد في تذليل مختلف العراقيل التي تقف أما تحقيق هذه الوحدة وكل ما يأمله أن تتحلى كافة الفصائل والشخصيات الديمقراطية بنفس الروح حتى تتخلص بلادنا بشكل جذري وأبدي من الدكتاتورية الغاشمة.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني