الصفحة الأساسية > البديل النقابي > ما لم يُنشر حول اعتصام وإضراب الجوع لعمال "صوطاباكس" بسوسة
ما لم يُنشر حول اعتصام وإضراب الجوع لعمال "صوطاباكس" بسوسة
22 حزيران (يونيو) 2004

نقلت وسائل الإعلام المحلية خبر اعتصام عمال "صوطاباكس" المسرّحين (أي المطرودين) وإضراب الجوع الذي خاضوه لمدة شهر ونصف (من 12 أفريل إلى 24 ماي 2004) من أجل تطبيق بنود الاتفاق الذي تم توقيعه في 13 جويلية 2003 بكثير من التعتيم والمغالطة والتشويه لنضالاتهم. كما تعاملت البيروقراطية النقابية (وطنيا وجهويا) وبعض الفرق النقابية تعاملا انتهازيا مع هذه القضية. فجريدة "الشعب" اللسان الحال المفترض للعمال ذهبت أكثر من جريدة "الشروق" السيئة الصيت ونقلت ما حدث بدار الاتحاد الجهوي على أنه اعتداء العمال على الاتحاد والمسؤولين النقابيين:" تعرّض أعضاء من لجنة النظام وبعض موظفي الاتحاد إلى أعمال عنف إضافة إلى تهشيم أثاث ومكاتب الاتحاد الجهوي…". وتطابقت هذه الرؤية تمام التطابق مع بياني الاتحاد العام والاتحاد الجهوي. كما ذكر الأمين العام أن الاعتصام كان "بتشجيع من عناصر غير نقابية" وهي إشارة ضمنية إلى هيئة فرع الرابطة بالجهة، مضيفا أن "إضراب الجوع لا مبرر له" وكونه "ممارسة لا تدخل ضمن تقاليد النضال النقابي" كما عمد إلى التضليل المفضوح الذي حفظه عن التضليل النوفمبري قائلا: "قامت مجموعة من خارج مقر الاتحاد بالهجوم عليه وتكسير بابه الرئيسي وتهشيم البلور والاعتداء على بعض النقابيين…" إلى غير ذلك من قاموس "الشرذمة الضالة والصائدين في الماء العكر" الموروثة عن العهد البورقيبي.

أما الحقيقة التي لم تذكرها صحافة التضليل فهي تكمن في:

أولا: رسالة توضيح ولفت نظر مؤرخة في 13 أفريل 2004 موجهة إلى الأمين العام والتي يقول فيها العمال: إن الكاتب العام للاتحاد الجهوي قام بإهانة وشتم وضرب العاملات من بينهم نورة بن صالح التي نقلت إلى المستشفى وتحصلت على شهادة طبية بـ10 أيام وفحصتها الدكتورة سنية العفريت يوم 12 من نفس الشهر. كما يذكر العمال أن عمر الجدي "نعتنا بأبشع النعوت باستعمال كلام بذيء وفاحش…".

ثانيا: كما تبرز الحقيقة في رسالة ثانية مؤرخة في 17 أفريل 2004 إلى الأمين العام تعلمه بـ"قطع الماء الصالح للشراب والتيار الكهربائي عن دار الاتحاد لا لشيء إلا لوقوفنا للدفاع عن حقوقنا". ويذكر فيها العمال أيضا أنهم ذاقوا "الأمرين طوال سنتين من الخصاصة وضيق العيش وقطع الماء والتيار الكهربائي بجل منازلنا وخاصة منها الإنذارات المتجددة من طرف عدول التنفيذ لكثرة الديون المتراكمة حتى أصبح البعض منا مهددا بالخروج من منزله…".

ثالثا: وتبرز الحقيقة أيضا في تقرير بتاريخ 23 أفريل 2004 إلى الأمين العام دائما ممضى ومعرّف بالبلدية تحت رقم 1548 من طرف العامل حسين بن حسن الجيلاني صاحب بطاقة تعريف رقم 02871056 والذي جاء فيه "في ليلة ما بين 21/22 أفريل 2004 وفي حدود الساعة 11 ليلا كنت بمنزلي ببلدة أكّودة حينما أقبلت سيارة الاتحاد الجهوي بسوسة وكان بداخلها الكاتب العام محمد الجدي والهادي سلامة (عضو) ومحمد الراجحي عضو. طرق الباب السيد الهادي سلامة فخرجت صحبة زوجتي سامية جعيم وطلب مني الكاتب العام بالتوجه صحبة العامل علي سليمان إلى تونس في الصباح الباكر لنفي ما جاء بتقرير تقدّم به العامل ونفي الكلام البذيء والضرب الذي تعرضت له إحدى العاملات وذلك مقابل 500 دينار. وفي الأثناء تدخّلت زوجتي وأطردتهم…". إلى آخر التقرير الذي أعلم به الكاتب العام لنقابة "صوطاب".

رابعا: ما لم تذكره "الشروق" و"الشعب" وبيان الاتحاد الجهوي والاتحاد العام والهيئة الإدارية أيضا هو هذه الحقائق والوثائق الدامغة وهو أن 11 شخصا من ميليشيا الاتحاد المسمين زيفا "لجنة نظام" قد عنّفوا 3 نساء أغمي على بعضهن وأشبعوا الكاتب العام للنقابة سابقا محمد بوصاع ضربا. وقد روى الرواية وحيثيات الحادثة في اجتماع ندوة 15/5/2004 بفرع الرابطة حول الإعلام على مسمع من قرابة 60 حقوقيا ونقابيا وبحضور السيدة سهير بلحسن والسيد صلاح الدين الجورشي (عضوا الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان) والعربي شويخة (أستاذ جامعي). إن ما يجب أن يتأكد منه الرأي العام النقابي والديمقراطي هو قلب الحقائق رأسا على عقب من قبل الهيئات الصحفية والنقابية المذكورة. فالعمال تعرضوا للإهانة والعنف ولمحاولة الابتزاز وشراء الضمائر قبل حادثة العنف في 24 ماي 2004 وبالتالي فظروفهم المادية والمعنوية هي التي دفعتهم إلى الاعتصام وإضراب الجوع. وعندما وقع الاعتداء عليهم وجدوا بطبيعة الحال أنفسهم في حالة دفاع شرعي فهم لم يبادروا بالعنف كما لم يشجعهم أي طرف مهما كان على ذلك. ولم يعطل اعتصامهم السير العادي للمؤتمرات. لكن ما أحرج الاتحاد هو وضعه بين المطرقة والسندان، هو افتضاح تواطئه وخيانته ومساهمته في تردي أوضاع العمال وضرب العمل النقابي. ما أحرجه هو أن أصواتا جديدة تحملت مسؤولياتها وتعرضت للمضايقات والتشويه من أجل قول كلمة الحق.

إن الهيئة الإدارية الجهوية قد بحثت في شقوقها المتصدعة والمهترئة عن كبش فداء. وهي الآن تتخبط خبطة عشواء في تحميل مسؤولية الأحداث. فتارة تحمّل أحد أعضاء المكتب التنفيذي الجهوي وتارة ترمي بالكرة لفرع الرابطة وأخرى إلى عناصر يسارية أو حتى تجمعية إن لزم الأمر! وما المجلس الجهوي المرتقب أو المؤتمر الاستثنائي إلا تخريجة من تخريجات الأزمة القاتلة التي يعيشها الاتحاد الجهوي ومكتبه التنفيذي المطعون في قانونيته وشرعيته من الأصل.

لقد آن الأوان للنقابيين الصادقين والجديين والذين لا تربطهم أي صلة بالبيروقراطية أن يجمعوا قواهم المشتتة ويتجاوزوا خلافاتهم الثانوية ويقلعوا نهائيا عن التآكل والتطاحن من أجل التقدم ببديل نقابي ديمقراطي والعمل بجدية من أجل إزاحة هذه الزمرة البيروقراطية المتعفنة الجاثمة على الاتحاد الجهوي. كما على أصدقاء النقابيين من الديمقراطيين والثوريين أن يساعدوا بدورهم على تقريب وجهات النظر بين مكونات الصف النقابي النزيه.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني