يشهد قطاع الشؤون الاجتماعية بجميع أسلاكه منذ يوم الاثنين الموافق لـ 5 ديسمبر 2011 تنفيذ اعتصام مفتوح بكامل الجهات احتجاجا على حالة المماطلة التي تنتهجها الوزارة في الاستجابة للمطالب المشروعة لهذا القطاع.
وقد شهدت عديد الولايات في نهاية شهر نوفمبر وقفات احتجاجية على خلفية العنف الذي يتعرض له الأخصّائيون الاجتماعيون أثناء أدائهم لمهامهم وصل إلى حد الإقامة بالمستشفيات للبعض منهم ونذكر على سبيل المثال لا للحصر ولايات جندوبة وأريانة وبنزرت والكاف وسليانة ومدنين وتونس...
ومن المعلوم أن هياكل النهوض الاجتماعي كما أشرنا في مقالات سابقة تكبدت أعباء تنفيذ كل البرامج الموجهة للفئات الاجتماعية الهشة والمحرومة في آجال قياسية وبنفس الموارد البشرية ووسائل العمل التي تبقى دون حجم الخدمات المطلوبة كما أن تأثيرها مباشر على نوعية الخدمة وآجال إسدائها.
وكانت الهياكل النقابية بالقطاع لفتت انتباه الوزارة بمناسبة الجلسات الماراطونية للتفاوض إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات العملية لإيقاف هذه التداعيات وفي كل مرة يتم الاكتفاء بإشعار المكلف بنزاعات الدولة أو إشعار وزارتي الداخلية والدفاع بأهمية توفير الحماية للأخصائيين الاجتماعيين وكل العاملين معهم خاصة وأن هذا القطاع يتعامل مع مجموع الفئات التي يئست من تحسين ظروف حياتها وأصبح الإحباط هو الشعور الغالب لديها بأن الثورة لم تحقق لهم كرامة العيش وأن البرامج المعتمدة لا تستند إلى اختيارات وطنية تهدف إلى الاستجابة إلى الحاجيات الأساسية للسكان.
وقد دفع الأخصائيون الاجتماعيون ضريبة هذا الارتجال ورغم قناعتهم بأن تلك البرامج لا ترتقي لطموحات المتساكنين فقد قدموا على امتداد سنة 2011 عدة تضحيات وكان أملهم أن تتحسن ظروف عملهم وتأجيرهم كسائر القطاعات الأخرى التي استفادت من زيادات استثنائية آخرها المسندة لأعوان الوزارة الأولى.
وإلى جانب سلك الخدمة الاجتماعية كان مسار التفاوض الذي انطلق بداية شهر ماي 2011 يتناول مشاغل القطاع تباعا حيث تم إدراج مهنة الخدمة الاجتماعية ضمن الأسلاك الخصوصية وتم التفاوض في نظام أساسي جديد تم الانتهاء منه في آجال قياسية وفتح المجال لتسوية وضعيات العاملين في الجمعيات على أن تتعهد الوزارة بانتداب ما بقي من المربين المساعدين وتسوية بقية الوضعيات في إطار الاتفاقية المشتركة التي شهد التفاوض حولها تعثرا بسبب غياب الصرامة تجاه الطرف الجمعياتي الذي لا تزال تسيره ذهنية النظام البائد أما العملة والموظفون فتعلق أملهم بتحسين ظروف عملهم والترفيع في قيمة لباس الشغل وفتح الأفاق المهنية وسحب الزيادة الاستثنائية التي مررت في شأنها الوزارة مشروعا يشمل كل الأصناف والأسلاك منذ يوم 04 نوفمبر ويبدو أن مصالح الوزارة كانت متأكدة من الرفض إلا أنها تسترت على مصارحة القطاع وفي تلك الأثناء كان الرائد الرسمي يطل علينا من حين لآخر بإقرار زيادات استثنائية لعديد القطاعات.
وكان من الطبيعي أن يشعر القطاع بكل أصنافه وأسلاكه بالغبن والاحتقار وعادت الذاكرة لتستحضر كل محاولات المماطلة في شأن بقية النقاط الخاضعة للتفاوض حيث استغلت الوزارة نفوذها لفرض قرارات خاطئة على غرار تسميات الملحقين الاجتماعيين وعدم الدفع في اتجاه تحقيق مكاسب مادية للقطاع واعتبار أن أسباب عدم الاستجابة لبقية النقاط مرتبط بمواقف بالوزارة الأولى ووزارة المالية كأن هذه الوزارات ليست جزء من حكومة.
نتيجة هذه التراكمات اختار القطاع سلسلة من ردود الفعل انطلقت بالدخول في اعتصام مفتوح بداية من يوم 05 ديسمبر 2011 وقد وصل هذا الاعتصام إلى ذروته اليوم 13 ديسمبر 2011 حيث شهد شارع باب بنات حشدا جماهيريا من مختلف الأسلاك المهنية المكونة لقطاع الشؤون الاجتماعية كلهم اصرار على مواصلة النضال من أجل مطالبهم المشروعة واستعداد للدفاع عن كرامة المواطن وقد أجمع المتابعون لتفاعلات النشاط النقابي داخل هذا القطاع أن ما حدث اليوم يعتبر تحولا عميقا قد يحمل معه نسقا متصاعدا من الأشكال النضالية في ظل الأيام المعدودة للحكومة الحالية المستقيلة أو بمناسبة مباشرة الحكومة الجديدة لمهامها خاصة وأن كل النقابات الأساسية للشؤون الاجتماعية المجتمعة اليوم قررت مواصلة الاعتصام حيث تم تكوين لجنة للاعلام ولجنة تنظيمية لمتابعة هذه التحركات.
وفي هذا السياق عبر المعتصمون عن تردد الإعلام في تغطية الاعتصام وهو ما يؤكد حاجة هذا القطاع للدفاع عن خصوصية مهنته وعن حقوق الفئات الاجتماعية المحرومة في العلاج والمنح القارة والسكن والادماج والتعليم اللائق والرفاه الاجتماعي ، وليس هناك أدنى شك أن كل هذه النضالات ستساهم في تعزيز موقع الأخصائيين الاجتماعيين في تحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية المحلية إذا انزاحت عنهم تلك الصورة المشوهة نتيجة عقود من التدجين والتهميش.
شاكر السالمي