الصفحة الأساسية > البديل الوطني > هل من حلّ لمشكلة البطالة في قفصة؟
هل من حلّ لمشكلة البطالة في قفصة؟
15 أيار (مايو) 2004

لم يعد خافيا على أحد تصدّر جهة قفصة قائمة المناطق الأكثر تضررا من آفة البطالة حتى أن الدوائر الرسمية نفسها جهويا ووطنيا وعلى امتداد السّنوات الماضية كثيرا ما أطنبت في الحديث عن هذه المعضلة. وكما توقعنا وتوقّع الكثيرون لم تنفع كل مساعي سلطة 7 نوفمبر للحد من البطالة وتأثيراتها المدمرة في قطاعات واسعة من أبناء شعبنا وعلى الأخص الشبان منهم مما أدى إلى استفحالها وبلوغها حدا لم يعد بالإمكان تحمّله أو السكوت عنه.

واعتبارا لفشل السلطة الذريع في إيجاد الحلول الجذرية لهذه الآفة أو على الأقل التخفيف منها مما حوّلها إلى قنبلة موقوتة يتوقّع انفجارها في أي لحظة ، ناهيك أنها أصبحت تشمل حوالي نصف متساكني الجهة ذكورا وإناثا، فإن واجبنا يحتم علينا الخوض في هذه المسألة:

1 – البطالة في عيون السلطة:

لم يخرج نظام بن علي في تناوله لهذه المسألة عن السياق العام لتناول مجمل القضايا الوطنية. وهو تناول يراوح بين المغالطة والاهتمام الأمني البوليسي الصرف.

ففي الجانب الأول كثيرا ما قُدّمت البطالة على أنها موروث للحكم البورقيبي يعود تحديدا بجهة قفصة إلى "اختلال التنمية الجهوية" المتصلة بسياسة التمييز الجهوي (شمال/جنوب). أما في الجانب الثاني فهي مصدر انشغال وخوف من الهزّات الاجتماعية وهو ما يفسر تكثيف الوجود البوليسي وتطوير معداته القمعية إضافة إلى الإكثار من المجالس الجهوية والوزارية وندوات المستثمرين..إلخ طوال الـ17 سنة الماضية بدعوى البحث عن حلول. إلا أن نسبة البطالة ظلت في ارتفاع متزايد (ما يقارب 44% من السكان النشيطين بالجهة).

2 – معالجات سقيمة:

منذ الأشهر الأولى من انقلاب 7 نوفمبر وفي الموجة العامة لإغراق البلاد والعباد في الأوهام والوعود الكاذبة، تم تناول آفة البطالة بجهة قفصة. وتم أيامها التبشير بخلق موارد الرزق الجديدة وانتشال العاطلين من ضنك العيش ولكن دون جدوى حتى وصل الحال إلى ما عليه ناهيك أن البعض أضحى يشبّه هذه المنطقة بقطاع غزة والضفة الغربية! وتأكد الجميع من إفلاس كل محاولات السلطة لتطويق البطالة. وهو أمر منطقي يعود في اعتقادنا أولا وقبل كل شيء إلى الطبيعة الطبقية للنظام القائم وإلى سياساته المعادية للفئات الشعبية إضافة إلى أن التشخيص الخاطئ للمعضلات الاجتماعية يقود بالضرورة إلى المعالجات الخاطئة. فالبطالة هي في جانب منها موروث للحكم البورقيبي بهذه الجهة وهي بالأساس نتاج لاختيارات اجتماعية وسياسية لا شعبية قائمة على التمييز الجهوي. لكن بقاءها واستفحالها الآن يؤكّد بما لا يدع مجالا للشك أن حكم بن علي لا يعدو أن يكون تواصلا لسابقه ليس فقط من زاوية ما هو عام: طبقي وسياسي، وإنما جهويا أيضا. فالإستثمارات تذهب أساسا إلى المناطق الساحلية لما توفره من ربح أكبر ولأنها مركز الثقل السياسي للسلطة التي ينتمي كبار المسؤولين فيها إلى تلك المناطق.

عامة الناس في منطقة قفصة يعلمون خور كل مشاريع التنمية بالجهة وعجزها التام عن خلق ديناميكية اقتصادية من شأنها استيعاب مئات الآلاف من العاطلين. كما أن عامة الناس يعلمون جيدا بأن لا "بنك التضامن" ولا "صندوق 26-26" ولا "صندوق 21-21" ولا مشاريع المناولة قادرة على تغيير الأوضاع ولو جزئيا. فصفوف العاطلين ما انفكت يوميا تتزايد وأضحى الحصول على شغل مهما كان بسيطا ومتواضعا حلما صعب المنال خصوصا بعد دخول فئة جديدة مجال المنافسة على ذلك الحلم وهي فئة أصحاب الشهائد العليا.

3 – الشغل مقدس والنضال واجب:

إن حق الشغل مقدس مهما كان الجنس واللون والجهة… وهو المدخل للحياة الكريمة والمواطنة الحقة. ومن الطبيعي أن يكون ضمان هذا الحق موكولا إلى نظام الحكم لأنه هو الذي يسطر الاختيارات العامة للبلاد ! ولكن نظام الحكم هذا ينتهك اليوم هذا الحق لأن اختياراته معادية لمصالح الشعب، لذلك فإن الواقع الحالي يجعلنا نربط ضمان الحق في الشغل بالنضال الجماعي ضد نظام الحكم الفاسد. وعليه فإن أبناء جهة قفصة ذكورا وإناثا وعلى اختلاف مستوياتهم التعليمية مدعوون أكثر من ذي قبل إلى الخروج عن دائرة الصمت والانتظار وشق طريق الاحتجاج والنضال، تماما مثلما فعل الكثيرون في المتلوي والرديف في الثمانينات زمن بورقيبة، أو ما قام به البعض في السنوات والأشهر الماضية من حكم بن علي (نضالات سكان المظيلة مثلا). علينا أن نناضل ضد التمييز الجهوي. وأن نطالب ببعث مشاريع تنهض بالجهة وتوفر الشغل لبناتها وأبنائها.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني