الصفحة الأساسية > البديل الوطني > الخضوع أو الجوع
السلاح الجديد للقوى المضادة للثورة:
الخضوع أو الجوع
4 آب (أغسطس) 2011
صوت الشعب - العدد 10 الخميس 4 أوت 2011

يتذمّر هذه الأيّام المواطنون وخاصة أصحاب الدّخل المحدود والتجّار الصغار من تسونامي ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق إضافة إلى عدم وجود المواد الغذائيّة بالكمّيات الكافية أو عدم وجودها لدى نقاط البيع خاصة في الأحياء الشّعبيّة. الأزمة تبدو مفتعلة والغاية منها هي فرض الخضوع على الشعب بتهديده بالجوع بعدما فشلت لعبة مقايضة الأمن بالديمقراطية...

هلّ علينا رمضان بهلاله فأعادنا إلى أجواء اللمّة العائلية والعادات التونسية في الاحتفالات الليلية.. ولمّا كان الإفطار هو الميعاد الذي ينتظره الجميع على نار، فإن توفير لوازمه تبقى من أبرز مشاغل التونسي..

والمعاين لواقع الأسعار يلاحظ ارتفاعا ـ يصفه البعض بالمشط ـ في أسعار المواد الغذائية. لعل هذه الممارسات تعود بنا إلى ما كان يحدث في السنوات الفارطة عند اقتراب حلول هذا الشهر.. إذ تفقد بعض المواد وبعض الخضر من السوق لتعود فيما بعد بأسعار مرتفعة.. لكن الجديد هذه السنة أن النقص والاحتكار طال المواد الأساسية مما يطرح أسئلة حول هذه الأزمة وما إذا كانت مفتعلة بهدف الضغط على المواطن حتى يقبل بخيارات القوى المضادة للثورة التي مازالت تمسك بمفاصل الاقتصاد.

المزودون وغياب الرقابة أزّما الوضع

يقول مهدي بن عثمان، عامل بمحل تجاري: «لقد أكدت وزارة الإشراف أن لا وجود لنقص في المواد الغذائية، لكن المزودين يقولون العكس، لذلك فهم يتحملون مسؤولية غياب المواد الغذائية من السوق. أضف إلى ذلك أن المواد المفقودة حاليا من السوق لا تمثل ربحا كبيرا للتاجر. ولذلك لا يضره في شيء عدم توفرها ولا يسعى إلى البحث عنها، ففي الواقع يعتبر التاجر خاسرا في مادة السكر مثلا. وبالتالي يعمل على بيع تلك الأغذية إلى زبائنه المعتادين إلى أن يقع الإفراج عن تجارتها..».

وعن غلاء الأسعار واختلافها من منطقة إلى أخرى يقول مهدي إن الباعة عندما يشترون البضاعة بأسعار مرتفعة يبيعونها حتما بأسعار مرتفعة. ويؤكد أن غياب المراقبة هي التي فتحت الباب أمام ارتفاع الأسعار وغياب بعض المواد الاستهلاكية والبيع المشروط.

وفي المقابل يرى حمدي بلحسن صاحب نقطة بيع مياه غازية ومعدنية بالجملة أن لهفة المواطن هي التي أدت إلى مثل هذا الوضع، فبقدر إسراعه لاقتناء كميات أكبر من طاقة استهلاكه يقل وجود الأغذية في السوق خاصة في مثل هذه الظرفية. لقد كنا نحقق الاكتفاء لـ10 ملايين مواطن والآن أصبحنا نوفر الأغذية لما يقارب 16 مليونا بعد قدوم الأشقاء الليبيين ـ على حد قوله ـ.

ويضيف حمدي: «المعامل هي التي ترفع الأسعار. ثم إن أسعار النقل في تزايد متواصل، ونحن بذلك نصبح أكبر المتضررين فنضطر إلى طرد بعض العمال لسد الفارق».

ازدواجية الخطاب والواقع

يؤكد فتحي الفضلي مدير الأبحاث الاقتصادية بوزارة التجارة والسياحة في لقاء إعلامي بمقر الوزارة الأولى، أن سلط الإشراف شرعت في الاستعداد لرمضان منذ جانفي 2011 وأنها وفرت مخزونات من المواد الاستهلاكية التي يكثر عليها الطلب وضبطت برامج لإنتاج هذه المواد خلال نفس الشهر.

وأضاف أن «المخزونات المتوفرة حاليا من السكر والزيوت النباتية والمياه المعدنية كافية لتغطية حاجيات الاستهلاك الوطني لشهرين اثنين على الأقل» .

وفي المقابل أقر الفضلي بتسجيل نقص في السكر والزيوت النباتية والمياه المعدنية وارتفاع أسعارها خلال الفترة الأخيرة جراء «السلوك غير المنضبط لبعض المتعاملين الاقتصاديين» و «لهفة المستهلكين».

فهل اتخذت الدولة التدابير اللازمة أمام علمها بالموضوع؟ ولئن كانت منظمة الدفاع عن المستهلك تضطلع برسالة أساسية تتمثل في التدخل لفائدة لمستهلك... فأي دور لعبته في هذا الموضوع خصوصا

وقد وقع تداوله أكثر من مرة واعترفت به حتى السلط الرسمية؟

إن أسلوب الابتزاز والمقايضة هو الذي يحكم علاقة الحكومة بالشعب.. فقد عملت ـ منذ توليها مهام الدولة ـ على مقايضة الأمن بالديمقراطية. ولئن فشلت في ذلك أمام إصرار أبناء الشعب على تطهير البلاد من الرشاوى بمختلف أغلفتها وأيا كانت المنافع التي قد تعود عليهم جراءها، فقد غيـّرت المعادلة ليصبح جوع الناس خيارا واستراتيجية لإخضاعهم لقراراتها واعترافهم بشرعية وجودها.

سارة بن الغول



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني