الصفحة الأساسية > البديل الوطني > مظهر من مظاهر المال السياسي المشبوه
الحملات الانتخابية السّابقة لأوانها:
مظهر من مظاهر المال السياسي المشبوه
4 آب (أغسطس) 2011
صوت الشعب - العدد 10 الخميس 4 أوت 2011

سارعت عديد الأحزاب السياسية منذ الأيام الأولى للثورة إلى الدخول في صراع الحملات الانتخابية وصل حد استقالة العشرات من مناضلي الأحزاب بسبب حياد هذه الأحزاب عن المبدأ و «استبسالها» في اللهث وراء خلافة الحزب المنحل «التجمع الدستوري الديمقراطي» وذلك بالإشهار للبرامج الانتخابية وتعليق الصور العملاقة لأمناء ورؤساء الأحزاب... لافتات تعود بنا إلى العهد البائد عندما كانت تطبع وتعلق الملايين من اللافتات وتصرف عليها مليارات المليمات من المال العام في حين يعيش أبناء الشعب تحت خط الفقر.

نفس المشهد يتكرر اليوم بنفس الإمكانيات المادية، بنفس التحدي لآلام وانتظارات الشعب الذي دفع الكثير من أبنائه شهداء لثورة الكرامة من أجل التخلص من براثن الدكتاتورية التي مازالت تعشش في كل شبر من التراب التونسي وسط حالة من اللامبالاة لأحزاب ركزت مجهوداتها وكافة إمكانياتها المادية والبشرية على الانقضاض على السلطة وهو ما يعكس الإقبال الضعيف على التسجيل بالقائمات الانتخابية لعدم ثقة المواطن في الأحزاب التي اقتصر حضورها في الإعلانات على واجهات الحافلات وعلى أغلفة الجرائد.

فما هو موقف الأحزاب من الحملات الانتخابية السابقة لأوانها؟ وهل يمكننا الحديث عن انتخابات ديمقراطية في ظل مواصلة سيطرة رموز الفساد على المؤسسات القضائية والإعلامية والأمنية؟

«صوت الشعب» رصدت أهم مواقف الأحزاب السياسية وآراء المواطنين من الحملات الانتخابية في الفترة الانتقالية التي تمر بها البلاد فكانت وجهات النظر التالية:

الخلط بين التعريف بالأحزاب والحملات الانتخابية

أكد عضو القيادة الوطنية لحزب العمال الشيوعي التونسي عبد الجبار المدوري أنه من الضروري الفصل بين التعريف ببرامج الأحزاب وتوجهاتها وبين الحملات الانتخابية السابقة لأوانها وغير المشروعة خاصة إذا تعلق الأمر باستغلال وسائل الإعلام العمومية التي تعتبر ملكا للمجموعة الوطنية ومن المفروض أن تكون محايدة. والملاحظ اليوم أن بعض الأحزاب تدفع الأموال الطائلة لوسائل الإعلام للقيام بالدعاية لحملاتها الانتخابية وتستغل الفضاءات العمومية والساحات لتعليق صورها العملاقة. وتساءل عبد الجبار كيف يمكن لوسائل إعلام تدعي الاستقلالية أن تقوم بالترويج للأحزاب كما تروج للسلع التجارية؟

وأضاف المدوري أن من حق المواطن أن يعرف مصادر تمويل الأحزاب خاصة وأن الحملات الانتخابية تستوجب المليارات من المليمات التونسية، مؤكدا أن حزب العمال الشيوعي التونسي يطالب بتشكيل لجنة مستقلة لتنظيم الحملات الانتخابية وتجريم أي تجاوزات، كما طالب بتدخل نقابة الصحفيين للحد من تكالب بعض وسائل الإعلام على الربح بطرق غير مشروعة من خلال الدّعاية للأحزاب.

على المواطن أن يكون يقظا...

ومن جهته أكد الأمين العام للحزب الشعبي للحرية والتقدم جلول عزونة أن هناك مظاهر عديدة للتسيب في تونس بعد 14 جانفي من انفلات أمني وظهور المال السياسي واعتصامات اجتماعية بمبرر وبدونه كما طفت على السطح الحملات الدعائية السابقة لأوانها والتي اتخذت شكل معلقات إشهارية في الشوارع وعلى صفحات الجرائد وعلى القنوات التلفزية والإذاعية، وقد كان من المفروض أن تراقب الهيئة العليا للإعلام جميع هذه الأنشطة. والحملة الانتخابية السابقة لأوانها لا تخدم إلا أحزابا تملك المال السياسي مجهول المصدر رغم ادعاء أصحابها شفافية المصادر وكل هذا يمثل خطرا على مستقبل تونس والتعددية. وعلى المواطن أن يكون يقظا تجاه كل هذه المؤامرات خاصة وأن فقاقيع التجمع تريد العودة بواسطة الرشاوي والمال السياسي المشبوه تحت مسميات كثيرة.

مظهر من مظاهر الفوضى السياسية...

واعتبر الناطق الرسمي لحزب العمل الوطني الديمقراطي عبد الرزاق الهمامي أن الحملات الانتخابية السابقة لأوانها هي مظهر من مظاهر الفوضى السياسية، والأحزاب من حقها التعريف ببرامجها في أطر متعارف عليها من اجتماعات شعبية وإقامة محاضرات ليتمكن المواطن من معرفة الخطط والبرامج لاقتراح حلول لمشاكل المجتمع لكن ما يحصل اليوم من طوفان الإشهار لأسماء أو رموز ودعوة الناس للتصويت لها يؤدي إلى إرباك المواطن الذي يعجز عن التمييز بين الفترة الانتقالية والانتخابية كما يدعم هذا السلوك مظاهر انعدام الحظوظ المتساوية أمام الأحزاب.

وأشار أن حزب العمل الوطني الديمقراطي طرح منذ البداية على الهيئة المستقلة ضرورة اتخاذ موقف لضبط الأمور والحيلولة دون انتشار الحملات الانتخابية السابقة لأوانها والتي ساهمت في تعطيل مسار الثورة. فالأحزاب التي دخلت المنافسة الانتخابية قبل أوانها تملك إمكانيات مادية طائلة على حساب أحزاب تعيش على الكفاف من مساهمات مناضليها.

أولوية الانتخابات على تطهير الإدارات

وأشار عضو الحزب الديمقراطي التقدمي أحمد بوعزي أن من حق جميع الأحزاب التعريف ببرامجها باعتبار أن تونس كانت تعرف حزبا واحدا هو التجمع الدستوري الديمقراطي و أن أغلب الأحزاب مازالت مجهولة لدى جزء كبير من الشعب وأن اللافتات التي وقع تعليقها كانت ضمن استراتيجية الاتصال التي وضعها الحزب، مشيرا أن السياسي المحنك هو الذي يتلاءم مع كل الظروف للوصول إلى السلطة وهذا لا يتم إلا عبر توفير المال اللازم خاصة وأن البلاد تعيش فترة انتقالية وفاقية في انتظار الموعد التاريخي الموافق ليوم 23 أكتوبر لانتخابات شفافة وديمقراطية.

وعن علاقة الحملات الانتخابية السابقة لأوانها بعزوف المواطنين عن التسجيل للانتخابات وإمكانية الحديث عن انتخابات ديمقراطية في ظل مواصلة رموز الفساد السيطرة على الإدارات، أجاب السيد بوعزي أن هدف الأحزاب هو النجاح في الانتخابات فالذي يحكم – حسب رأيه – هو الذي يطهر الإدارة فالانتخابات تحظى بالأولوية داخل الحزب الديمقراطي التقدمي الذي تتأتى مداخيله حسب السيد بوعزي من مساهمة آلاف منخرطيه.

الصحفي يتحول الى كاتب عمومي

أكد عضو نقابة الصحفيين أيمن الرزقي أن وسائل الإعلام الخاصة التجارية تفتقر لثوابت أخلاق المهنة الصحفية ولخط تحريري واضح تلتزم به تجاه كافة الأحزاب وهو ما ساهم في سيطرة قانون الغاب على الساحة الإعلامية فمن يدفع أكثر يحظى بعناية خاصة من وسائل الإعلام التي تمرر البرامج وتغطي الندوات الحزبية لأحزاب على حساب غيرها التي لا تبقى تنتظر الفترة الانتخابية للتمويل العمومي للانتخابات.

وأضاف الرزقي بأن غياب الخط التحريري لوسائل الإعلام الخاصة أدى الى استعمالها الإشهار والدعاية لرموز وبرامج الأحزاب المقنّعة بالتغطيات اليومية لنشاطات أحزاب دون غيرها وهو ما أدى إلى تحول الصحفيين الى كتبة عموميين وهو راجع إلى نقص خبرتهم في التعامل مع وضع سياسي مماثل ومحاولتهم التكفير عن ذنبهم بانحيازهم السابق لتوجهات النظام البائد مما ساهم في وقوعهم في العديد من الأخطاء المهنية، مؤكدا أن النقابة نسّقت مع هيئة كمال العبيدي لإصلاح الإعلام لحصر هذه الظاهرة.

قناة حنبعل تعتدي على المشاعر الدينية للتونسيين

كما أخذت النقابة موقفا من الانتهاك الواضح والانحياز المفضوح لقناة حنبعل التي استدعت السياسي بحركة النهضة عبد الفتاح مورو لتأثيث البرامج الدينية في شهر رمضان وهو ما يمثل اعتداء ولعبا على المشاعر الدينية للشعب.

وفي الوقت الذي تشهد فيه أغلب مناطق البلاد احتجاجات واعتصامات للمطالبة باستكمال مهام الثورة وفاء لدماء الشهداء الذين رحلوا وهم مطمئنين على مواصلة ما بدأوه من أجل غد أفضل للشعب التونسي لا مجال فيه للإقصاء والتهميش، نجد أحزابا همّها الوحيد الصراع من أجل الاستحواذ على أكبر قدر من الكعكة الانتخابية وسط غياب ممنهج للرقابة القانونية.

آمال علوي



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني