الصفحة الأساسية > البديل النقابي > إضرابات ناجحة وحركة نضالية متصاعدة، ولكن.. !
التعليم الأساسي:
إضرابات ناجحة وحركة نضالية متصاعدة، ولكن.. !
أيار (مايو) 2007

نفذ نساء ورجال التعليم الأساسي إضرابا ناجحا يوم 29 ماي 2007. وقد تجمع عدد هام منهم في ساحة محمد علي بالعاصمة وحاولوا الخروج في مسيرة باتجاه وزارة التربية إلا أن قوات القمع تصدت لهم ومنعتهم. لكن زملاءهم في صفاقس وقفصة تمكنوا من كسر الطوق القمعي وخرجوا في مسيرة سرعان ما وقع التصدي لها.

ورغم التوقيت الحساس لموعد الإضراب وإصرار الدكتاتورية على إفشاله بكل الوسائل فإن نسبة النجاح كانت جيدة عموما. فقد بلغت النسبة العامة 85 بالمائة وتجاوزت الـ90 بالمائة في بعض الجهات مثل قفصة وصفاقس في حين تدنت إلى حدود 35 بالمائة في جهة زغوان. وتراوحت في باقي الجهات بين 89 بالمائة (القصرين) و55 بالمائة (المنستير).

وجدد المعلمون خلال هذا الإضراب التأكيد على تمسكهم بمطالبهم التي لا تزال السلطة تتجاهلها. ومن أهم هذه المطالب: أولا: تشريك النقابة في عملية النـُّقل والكف عن احتكارها من طرف السلطة لتوظيفها واستعمالها ورقة ضغط ضد المعلمات والمعلمين. ثانيا: تحسين ظروف العمل وخاصة العناية بالمدارس وتوفير ما يلزمها من حماية بعد أن أصبحت عرضة للسرقات والتخريب وتحولت إلى مرتع للمتسكعين. إلى جانب المطالب المزمنة الأخرى مثل ضمان الحق النقابي وتشريك النقابة في كل ما يهم هذا القطاع واحترام المعلم وعدم التدخل في عمله وتحسين قدرته الشرائية.

وللتذكير فإن هذا العام شهد تحركات هامة للمعلمين وأساتذة الثانوي والعالي كان أهمها الإضراب المشترك الذي جرى في أفريل الماضي (5أفريل للعالي و11 أفريل للأساسي والثانوي) والذي طرحت فيه بشكل وواضح ودقيق مطالب العاملين بهذه القطاعات سواء ما تعلق منها بالجانب المادي أو بالسياسة التربوية الرسمية. ولكن على أهمية هذه التحركات التي أدت إلى تحقيق بعض المطالب الجزئية في الثانوي لم ترض كافة الأطراف الفاعلة في القطاع (انظر المقال الخاص بالموضوع) لم ترتق إلى المستوى المطلوب لمواجهة التحدي المطروح. فالتعليم بشهادة كل المعنيين، عدا السلطة طبعا، يعاني أزمة عميقة ستكون لها انعكاسات خطيرة على مستقبل الشعب التونسي. ولا يوجد ما يفيد أن نظام الحكم مستعد لمراجعة هذه السياسة، بل إنه يمعن في تطبيقها ويرفض التفاوض في شأنها مع المعنيين، معلمين وأساتذة وطلبة وتلاميذ وأحزابا وجمعيات ومنظمات أهلية، إرضاء للمؤسسات لمالية الدولية (البنك الدولي، صندوق النقد الدولي..) التي تملي عليه السياسة التربوية الحالية (الخوصصة، التخفيض في نفقات الدولة، إخضاع المؤسسات التعليمية للسوق وتقلباتها..).

ومن الأكيد أن وضعا كهذا لا يمكن تغييره بتحرك يتيم أو بتحركات محدودة خلال عام دراسي بل هو يتطلب من النقابات خصوصا وضع استراتيجية نضالية موحدة تحظى بدعم التلاميذ والطلبة وقوى المجتمع المدني وتنفيذها وفق خطة تصاعدية على مدى السنوات القادمة. ففي بلدان أخرى تمكنت النقابات من فرض التراجع في مشاريع حكومية خاصة بالتعليم، وكانت نقطة قوتها تكمن في قدرتها على التعبئة وفي كسب الرأي العام إلى جانبها وخاصة التلاميذ والطلبة.

ونحن لا نعتقد أن نقابات التعليم التونسية التي تتكون من نقابين ذوي خبرة ومصداقية وتحظى بدعم الرأي العام عاجزة عن تحقيق ما حققته غيرها رغم إقرارنا بصعوبة الظروف في تونس سواء من ناحية انعدام الحريات بما في ذلك الحرية النقابية (منع الاجتماعات في المؤسسات) وحرية الإعلام (احتكار السلطة لوسائل الإعلام الخاصة وممارسة ضغوط مادية ومعنوية عليها (الإشهار خاصة) أو من ناحية العراقيل التي تضعها البيروقراطية النقابية المـاسكة بزمام الأمور في الاتحاد العام التونسي للشغل، أمام نشاط النقابات.

إن تجاوز الظروف الموضوعية الصعبة والعراقيل الداخلية ليس أمرا مستحيلا، بل إنجاح تحركات هذه السنة يبين أن ذلك ممكن، ولكن ما ينقص النقابات هو التنسيق والتشاور ووضع الخطط المشتركة والحفاظ على صلة دائمة بالقواعد واجتناب العقليات الفئوية. فهل يدرك المسؤولون النقابيون ذلك وهل يعدّون العدة بشكل مبكر عن طريق تنظيم ندوات في الصائفة مثلا؟



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني