الصفحة الأساسية > البديل النقابي > إضراب التعليم الثانوي: منارة أخرى على طريق النضال
إضراب التعليم الثانوي: منارة أخرى على طريق النضال
تشرين الثاني (نوفمبر) 2010

نفذ كما هو منتظر أساتذة التعليم الثانوي إضرابهم القطاعي الوطني يوم الأربعاء 27 أكتوبر 2010، وعكس ما عملت من أجله وزارة الإشراف فقد كان نجاح الإضراب عاليا وتجاوزت نسبته الـ85% وهو ما يؤكد مرة أخرى استعداد القاعدة الأستاذية للنضال والدفاع عن مطالبها ومصالحها الحيوية رغم التجند الكبير لمصالح الوزارة وشـُعب الحزب الحاكم لإفشال الإضراب بتنظيم الورشات في النزل الفاخرة بالحمامات وبالاتصال المباشر قصد الإرباك والتخويف، وشن حملة صحفية واسعة لتشويه النقابة بادعاء رفضها للحوار، وادعاء أن التفاوض سائر بشكل عادي وانتظمت حوله 20 جلسة منذ مؤتمر جانفي 2010 للنقابة العامة وغيرها من الدعاوي التي لم تعد تقنع أحدا.

إن نجاح الإضراب ونجاح التجمعات التي انتظمت يوم 27 أكتوبر سواء في بطحاء محمد علي بالعاصمة، أو في مقرات الاتحادات الجهوية والمحلية، تؤكد بشكل واضح وجليّ أن جذوة النضال لم تنطفئ وأن حالة الغضب سائرة نحو الاتساع وأن الأساتذة دائما في الموعد متى أحسنت الهياكل النقابية التوجه لهم وصاغت مطالبهم ودافعت عنها، ومشاكل قطاع الثانوي مستفحلة وكبيرة عبرت عنها اللائحة المعنية للهيئة الإدراية المنعقدة يوم 6 سبتمبر 2010 والتي دعت لإضراب 27 أكتوبر، كما لخصتها برقية الإضراب التي أطلقتها النقابة العامة، ويمكن حوصلتها في النقاط التالية:

1 – مسألة القانون الأساسي:

لا يخفى على أحد أن قطاع التعليم الثانوي هو القطاع الوحيد في الوظيفة العمومية الذي لا يملك قانونا أساسيا. والقانون الأساسي هو المرجع الأساس الذي يحدد بدقة ووضوح مهام الأستاذ، حقوقه وواجباته، والقطاع يرفع هذا المطلب منذ أكثر من 30 عاما والوزارات المتعاقبة تتلكأ وترفض هذا المطلب وذلك لسبب واضح هو أنها المستفيد الوحيد من غياب هذا المرجع بما يسعل عليها الاعتداء على حقوق الأساتذة والتصرف فيها كما تريد، وبرفضها المتواصل لهــذا المطلب هي ترفض تقنين الحقوق والمكاسب التي تهم تدقيق المهام وضبطها، سلم الترقيات، عدد ساعات العمل، سلم الأجور، سن التقاعد... ونحن نعتقد أنه آن الأوان كي ينظم القطاع معركة واسعة ومتصاعدة من أجل تحقيق هذا المطلب الذي يهم كل الأساتذة دون استثناء، فلم يعد مقبولا اليوم خاصة في ظل الانتهاكات المتكررة لحقوق الأجراء ومكتسباتهم التي حققوها بالنضال العنيد أن يواصل الأساتذة عملهم دون مرجعية قانونية تضبط وضعهم. كما أنه آن الأوان كي تعتبر بلادنا مهنة التعليم مهنة شاقة وتمتع المربين بالحق في التقاعد في سن الـ55.

2 – منحة مشقة المهنة:

لا يخفى على أحد ما يعانيه الأساتذة من مشاق ومتاعب وصعوبات من أجل تأدية واجبهم، ولا أدل على ذلك الصور التي نقلتها زيارة وفد من النقابة العام للتعليم الثانوي لمدرسة إعدادية بتالة من ولاية القصرين أين يعيش الأساتذة والتلاميذ أوضاعا مزرية خال العديد من السذج أنها انتهت، فالمدرسة لا تتوفر حتى على الماء الصالح للشراب ولا سور، والقاعات تنقصها أبسط الشروط الصحية والإدارة محرومة من أبسط الوسائل البيداغوجية، فضلا عن ذلك فإن مهنة التعليم هي المهنة الوحيدة التي لا يكتفي فيها الموظف بساعات العمل المباشر، بل هي مردوفة بساعات إضافية يومية في المنزل لإعداد الدرس وإصلاح عمل التلاميذ، فضلا عن متابعة التطورات المعرفية في مجال الاختصاص وغيره بما يرهق جيب الأستاذ بمصاريف إضافية لاقتناء الدوريات والمجلات المختصة المشطة الثمن، وللرد على هذا المطلب تتعلل الوزارة بمنحة العودة وهي منحة لا تفي بشيء وهي دون مطلب القطاع الذي طالب بجراية شهر. أما الزيادة في معاليم الإصلاح والحراسة في آخر العام الدراسي الفائت، فهي أيضا دون ما يطلبه القطاع فضلا عن كونها ذات طابع دعائي يهدف إلى تهميش النقابة وينفي دورها في التفاوض حولها شكلا ومضمونا، وفي هذا الباب لازال الأساتذة يطالبون بتعميم المنحة الجامعية (على محدوديتها) على أبناء الأساتذة، إذ أن العديد من الأساتذة مازال أبناؤهم الطلبة محرومون من المنحة الجامعية وهو ما يثقل كاهلهم ويزيد من تدهور مقدرتهم الشرائية. وكذلك تطوير الارتقاءات المهنية وإدماج أساتذة المرحلة الأولى وتغيير شروط الإحالة على العمل الإداري.

3 – الأساتذة المطرودون:

وهو مطلب قطاعي يشمل الأساتذة المطرودين لأسباب نقابية، الأساتذة محمد المومني ومعز الزغلامي وعلى الجلولي الذين أطردوا في سبتمبر 2007 لا بسبب قصور مهني أو بيداغوجي، بل بسبب التزامهم النقابي وماضيهم النضالي في الجامعة إذ كانوا إطارات في الاتحاد العام لطلبة تونس، ومناضلي الحوض المنجمي الأستاذان عادل جيار وزكية الضيفاوي، وكذلك الأمين العام للاتحاد العام لطلبة تونس، ومطرودو هذا العام من المعاونين الذين يتم إدماجهم بعد استيفاء الشروط وفيهم من يعد رسالة الدكتوراه، السيد رياض الشعيبي الذي كان يدرس بأحد معاهد زغوان. إن هذا المطلب هو من المطالب الملحة وتواصل هذه المظالم هو اعتداء على القطاع كله وعلى الحق في الشغل القار،زيادة على كونه انتهاك لحق الأساتذة في الرأي والتفكير ولا شك أن الوزارة والدولة عموما لا تحترم الرأي الحر والمعارض وهي تعمل من اجل تجفيف المنابع والقضاء على كل العناصر النيرة والمناضلة وإغراق المهنة بالأتباع والمرتزقة، وهي مستعدة من أجل ذلك أن تطرد من لا يروق لها تحت عناوين مختلفة.

4 – تطبيق اتفاقية 24 مارس 2005

هذه الاتفاقية ممضاة مع وزارة الشباب والرياضة والتي تشمل أساتذة التربية البدنية وخاصة من جهة ضبط وضعهم المهني (المهام، الارتقاء...).

هذه هي أهم المطالب التي أضرب من اجلها الأساتذة يوم 27 أكتوبر وهي مطالب عادلة ومشروعة لا خيار اليوم أمام القواعد الأستاذية وهياكلهم النقابية إلا مزيد رص الصفوف حولها من أجل تحقيقها، والوزارة اليوم تصم آذانها أمام القطاع الذي آن الأوان كي يفرض حقوقه ويسمع صوته. لقد أكد أعضاء النقابة العامة في تدخلاتهم قبل الإضراب وأثناءه أن النقابة سائرة بالنضال إلى أقصاه ولن تكتفي بالإضراب اليتيم، كما لن تدخل القطاع في لعبة "التسخين والتبريد" التي تحسنها البيروقراطية النقابية.

إن النقابة أمام اختبار: إما النضال وإما التكاسل ومن ثمة الحكم على مطالب القطاع بالبقاء في الرفوف. إن النقابة العامة اليوم لها من عناصر القوة ما يمكنها من تنظيم معارك رائدة ونضالية، فهل أحسنت التصرف فيها؟ هذا ما نتمناه وما ستؤكده الأيام أو تنفيه؟



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني