الصفحة الأساسية > البديل النقابي > وانطلقت حمـّى الحملة الانتخابية مبكرا
وجهة نظـــر:
وانطلقت حمـّى الحملة الانتخابية مبكرا
تشرين الثاني (نوفمبر) 2010

كثيرا ما يشدد أعضاء المكتب التنفيذي على أن الأجواء في داخل الاتحاد عموما وداخل الفريق القيادي سليمة بل جيدة وأن الاتحاد يواصل نشاطه وينغمس في معالجة ملفات قواعده في كنف الانسجام. ولكن وفي اتجاه معاكس لذلك تماما ما أكثر ما يتداوله النقابيون من أخبار وتحاليل هو حقيقة ما يسود داخل الاتحاد عامة وداخل المكتب التنفيذي بالذات من صراعات تصل أحيانا درجات من الاحتقان يقع طمسه لصون الصورة المعلنة عن الوضع في المنظمة.

ومن المعروف أن هذه الحالات من الصراع المحتدم عامة ما تحدث إما في علاقة بالمحطات الانتخابية خاصة لأن الصراع عادة ما ينشأ ويحتد حول المواقع.

فكل يعمل من أجل تدعيم صفوفه بأكثر ما يمكن من الموالين تحسبا لحسم صراعات لاحقة تخص مواقع قطاعية أو جهوية أو وطنية أهم.

وبطبيعة الحال تبلغ هذه الصراعات، بصورة غير معلنة أحيانا وبصورة مكشوفة أحيانا أخرى بحسب الأجندة المطروحة، قبيل المؤتمر الوطني للاتحاد حيث تتكثف الصراعات حول المواقع في المكتب التنفيذي الوطني، الإطار الأرقى والأخطر والأهم. هذه الحالة يبدو أنها آخذة اليوم في البروز كواحدة من أهم ما يميّز الحياة داخل القيادة بما أن الأجندة الحالية تتضمن محطات نقابية ضخمة ستتوج مسارا طويلا ومعقدا انطلق منذ مؤتمر المنستير حول مصير كل عضو من أعضاء القيادة بانتهاء المدة النيابية الجارية.

ويذكر النقابيون الصراعات التي جدت داخل المكتب التنفيذي إبان مؤتمر المنستير سواء داخله أو في الهياكل التمثيلية الأخرى (الهيئة الإدارية الوطنية) أو خلال المؤتمرات التي شهدتها القطاعات والجهات. فقد عاش المكتب التنفيذي على وقع استقطاب ثنائي بين قطبي الموالين للأمين العام وعضده الملكف بالنظام الداخلي وحولهما غالبية المكتب من جهة وبين ما تبقى من الحلف المعارض الثنائي بوزريبة واليعقوبي يدعمهما من حين لآخر الجندوبي. وتمظهرت الصراعات حول قضايا نقابيـة داخلية كثيرة مثل ملف بنزرت ونابل وتونس ومكتب الشباب والإشراف على الهيئات الإدارية وحملات التجميد التي أطلقها مكلف النظام الداخلي على إثر حركات احتجاجية داخلية في تونس والقصرين وقفصة وصفاقس وغيرها من الجهات والقطاعات.

كما عاشت الهيئة الإدارية صراعات على خلفية هذا الاستقطاب حول ملفات كثيرة أيضا منها لجنة المراقبة المالية وتنقيح النظام الداخلي بعيد مؤتمر المنستير وغيرها. أما في علاقة بالمؤتمرات فقد كانت صورة الصراعات أجلى وأشد واحتدمت في كل المؤتمرات بدءا من مؤتمر الاتحاد الجهوي بالكاف (جانفي 2007) وصولا إلى آخر المؤتمرات القطاعية (التكوين المهني). ولعل النقابيين يذكرون ما حصل بمؤتمرات الأساسي والثانوي والقصرين والفلاحة وجندوبة وسوسة والقائمة طويلة.

لكن وما أن انتهى السباق نحو السيطرة على تشكيلات المكاتب التنفيذية القطاعية والجهوية حتى اتجهت الأنظار نحو النقابات الجهوية والفروع الجامعية والاتحادات المحلية لأهميتها في المجلس الوطني المرتقب. وها قد حانت ساعة مراجعة الحسابات للتثبت من حقيقة موازين القوى في أفق السيناريوهات الجاري إعدادها للمؤتمر القادم. لذلك خفتت نسبيا حدة الصراعات الداخلية. ومما لا شك فيه أيضا أن ظهور اللقاء النقابي الديمقراطي قد ساعد على استعادة الوئام في صفوف القيادة، ولو بصورة نسبية، لمواجهة "الخطر المشترك" لذلك غاب الحديث عمّا كان يميز علاقة أعضاء المكتب التنفيذي ببعضهم من انتقاد ونقد في الظهر بل بالعكس من ذلك ظهرت ملامح تقارب بين مجموعة علي رمضان ومنصف اليعقوبي مثلا واتضح أن علاقة بوزريبة بكل من الأمين العام وعلي رمضان قد تحسنت كثيرا. وتدعمت الفكرة الرائجة حول وجود قطب يؤلفه محمد سعد وعلي رمضان من جهة مع عناصر جديدة في المكتب التنفيذي مثل حسين العباسي وبلقاسم العياري من جهة. وهو قطب يحاول تجاوز الخلافات داخله والتوحد حول حد أدنى.

ويجري الحديث اليوم حول نوع الغربلة الجارية داخل أعضاء المكتب التنفيذي ذلك أن الأمين العام قد اصطفى خمسة من المقربين من بين أعضاء المكتب التنفيذي واستبعد البقية، الزاهي وشندول بصفتهما لا ينويان الترشح واليعقوبي ورضا بوزريبة لحقد دفين وعبيد البريكي نظرا لاعتراض علي رمضان عليه (عداوة تعود لمؤتمر الكرم الأول 1993 زمن كان عبيد، وقد كلفه السحباني بقيادة جوقة دعاية تتحدث عن ضرورة تصفية اليمين الديني من القيادة). وقد شرع السداسي المؤلف من الأمين العام وعلي رمضان ومحمد سعد كثلاثي يصطلح عليهم بالنواة الصلبة معززة بكل من بلقاسم العياري والسحيمي والعباسي في إدارة الأمور للتحضير لا فقط المجلس الوطني ولكن أيضا استتباعاته اللاحقة، لوائحه وتوصياه وبالخصوص ملامح الفريق القيادي القادم الواجب تنقيته من الآن.

وبناء على ذلك وفي ضوء ما يشاع حول توسيع عدد أعضاء المكتب التنفيذي الوطني القادم حسبما ما تم إعداده في مشروع إعادة الهيكلة، فإن النواة الصلبة الملتفة حول الأمين العام الحالي (السداسي المذكور وربما يضاف إليهم عبيد البريكي في وقت لاحق نظرا لتشبث جراد به) فإنه سيتعين البحث عن أضمن العناصر لتعويض الذاهبين لحال سبيلهم والذين سيقع التخلص منهم. ولا تبدو المهمة سهلة في ظل كثرة الراغبين في الالتحاق بالمكتب التنفيذي من جهة والصعوبات الأخرى بعلاقة بالمعارضة النقابية.

ولهذه الأسباب على ما يبدو بدأت حمى الحملة الانتخابية وإن كان حتى الآن بصورة غير مكشوفة بالنظر للرهانات الأخرى المباشرة التي ما تزال في أولويات أجندة القيادة وتحديدا الأمين العام.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني