الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > عبد الرحمان منيف: الإبداع… الحرية…
عبد الرحمان منيف: الإبداع… الحرية…
1 آذار (مارس) 2004

الأدب، الفن، الإبداع… التزام؟ هل هو للشعب، للجماهير المطحونة وهي تقاتل بدمها من أجل الحرية والاستقلال والتقدم؟ أم هو لذاته، بمعنى الفن للفن، والإبداع للامتاع الصرف؟

السؤال كان يطرح نفسه كثيرا نظريا. ويسقط في الحرج حين يضع المبدع والأديب مصيره، وحياته، في كفة التضحية الفذة دفاعا عن هموم شعبه وقضايا عصره. عبد الرحمان منيف الروائي العربي صاحب "الأشجار واغتيال مرزوق" و"حين تركنا الجسر" و"سباق المسافات الطويلة" و"شرق المتوسط" و"الآن هنا" و"مدن الملح" و"أرض السواد"… عبد الرحمان منيف الذي امتزج في أدبه السؤال الوطني، والسؤال الحرية، والسؤال النضال… دفاعا عن القيم الأسمى، وعن المصير العام.. منيف يذكّرنا بالشاعر الجنوب إفريقي "إليكس لاغوما" الذي مات كمدا بعيدا عن أبناء وطنه في جنوب إفريقيا، وعاش مطاردا حتى الاغتراب القسري… عبد الرحمان منيف عاش منفيا، بلا وطن يبدأ منه أو إليه الرحيل.. سُحِبت منه الجنسية السعودية وعندما عُرضت عليه مرة أخرى بشروط رفضها وخيّر أن يعيش دونها رغم قساوة المنفى. يقول في رواية "مدن الملح" في حديث عن المنفى:" المنفى هو المكان البارد والموحش، الذي تشعر معه أنك كائن زائد وغير مرغوب فيه… حتى لحظات الفرح الصغيرة والهشة سرعان ما تتحوّل إلى حزن كاوٍ..".

في مثل هذا المناخ المليء بالغربة كانت أولى رواياته وهي "الأشجار واغتيال مرزوق" كانت أغلب أحداثها تصير في القطار وكان أهم شخوصها رجل خرج حديثا من السجن. والقطار بلا مقر فهو العابر والمعبور في آن واحد.. يقول محمود درويش:" كل قلوب الناس جنسيتي..".ويُبرز عبد الرحمان منيف في رواياته وخاصة "شرق المتوسط" و"الآن هنا.." كل هموم الناس قضيتي وأهمها قضية الحرية والديمقراطية وكرامة الإنسان".

مات عبد الرحمان منيف في منفاه في أواخر شهر جانفي الماضي ولكن كتاباته تسكن الوطن العربي وتسكن كل القلوب والعقول الإنسانية التي تطمح إلى كسر الظلم وإسقاط النظم الفاسدة التي تعشش في الدول العربية وتغسل بالملح كل بذرة بوسعها إعادة الحياة…

إن إحياء الكتاب يكون بترويجه. وترويج كتابات مثل كتابات "منيف" هو دفاع عن القيم الإنسانية وتأسيسا لعقول وأجيال بإمكانها أن تصنع الغد والحلم والحرية.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني