الصفحة الأساسية > البديل النقابي > ما ينبغي أن يدركه عمّال "ماتس" في علاقة بالطّرد والتسريح (2)
ما ينبغي أن يدركه عمّال "ماتس" في علاقة بالطّرد والتسريح (2)
30 آذار (مارس) 2009

نواصل في العدد الثاني على التوالي من "صوت الشّعب" متابعة أوضاع عاملات وعمّال "شركة الكوابل بسوسة" (ماتس سابقا) فبعد أن رفضت الشركة إعادة تجديد عقود العمل لما يزيد عن 600 عامل، ولم تجد مقاومة حقيقية من قبل العمّال ونقابتهم والاتحاد الجهوي للشغل بسوسة صعّدت الشركة من هجومها على العمّال بإحالة 15 عامل على لجنة الطّرد (11 عامل تسيير و4 عمّال تنفيذ) تتراوح أقدميّتهم بين 10 و13 سنة، وقد اختارت الإدارة قائمة المطرودين من خيرة الحزام النقابي وكانوا وراء نجاح عديد النضالات التي نفذها العمّال في السنوات الأخيرة التي حققوا بفضلها عديد المكاسب الهامّة ممّا يفضح النيّة المبيّتة للشركة من وراء هذا الطرد التعسّفي.

لقد جاء قرار إحالة الـ15 عامل على لجنة الطّرد مباشرة بعد أن قرّر العمّال في اجتماع حاشد الدخول في إضراب يومي 11 و12 فيفري 2009 دفاعا عن مطالبهم المهنيّة بهدف صرف اهتمامهم عنها وإرباكهم من ناحية، واختبار مدى تماسكهم وقدرتهم على المواجهة والصّمود من ناحية أخرى. ولقد اضطرّت النقابة في جلسة مفاوضات عسيرة بمقر الولاية عشية الإضراب إلى إلغائه مقابل تراجع الشركة عن قرار إحالة العمّال على لجنة الطرد وإدخالهم في بطالة فنيّة خالصة الأجر لمدّة شهرين (شهر بكامل الأجر وشهر بـ70% من الأجر) على أن تقوم الشركة بإعادتهم إلى العمل بعد ذلك مع المحافظة على تصنيفهم المهني القديم.

لكن الشركة "لم تقبل بنصف الانتصار ونصف الهزيمة" وقبل أن ينقضي الشهر الأوّل من البطالة الفنيّة استدعت المعنيين وأخضعتهم لتربّص بثلاثة أيام في مجال الحراسة والسلامة الصناعيّة وعيّنتهم كحرّاس في مداخل وحدات الإنتاج كإجراء انتقامي منهم بهدف إهانتهم وجعلهم في مواجهة مع بقية عمّال الإنتاج، وهو ما رفضه العمّال بقوّة وساندتهم في ذلك نقابتهم, فقرّروا الدخول في اعتصام غير معلن بمقر إدارة الشركة منذ يوم 16 مارس 2009 ورفضوا مغادرته ولا زالت الأوضاع تراوح مكانها.

إن عديد المؤشرات تؤكد بأن الشركة لم تتضرّر بعد بفعل الأزمة الاقتصادية الحالية التي يشهدها النظام الرأسمالي العالمي بل يمكن القول أنها استفادت منها بحكم قدرتها على منافسة الشركات المماثلة لها والمنتصبة في أوروبا وحتى في آسيا بفعل "العناية الموصولة" من دولة العمالة، وتدنّي الأجور (معدّل الأجور لا يتجاوز 150 أورو) وكثافة وتيرة العمل (نظام 40 ساعة، إجبار العمال على الساعات الإضافية أيام السبت والأحد، ثلاث نوبات عمل مستمرّة في اليوم). والشركة تخطط لتركيز فروع إنتاج جديدة في الكاف وقفصة والصخيرة بعد أن دخل فرعا باجة وسليانة طور الإنتاج منذ أشهر عديدة، بما يعني أن عدد العمّال الجملي في ارتفاع مستمرّ إذ هي لن تجد عمّالا مجبرين إلى النزول إلى ما يقارب مستوى العبيد بحكم ظروفهم المعيشية القاسية وجوّ القمع والإرهاب الفكري والسياسي الذي يلف. كما أن الشركة متعاقدة مع كبريات الشركات الألمانية لصنع السيارات (فلكسفاغن وأودي...) وبذلك تكون قد ضمنت سوقا هائلة لمنتوجها ولن تصيبها الأزمة الاقتصادية العالمية في العمق إلا إذا عمّ الطوفان وغرق النظام الرأسمالي كليا في أزمة طاحنة. ففائض القيمة العالي الذي يخلقه العمال بسواعدهم الجبارة يسيل لعاب الشركة، وهي لن تُقدم على خفض العدد الجملي للعمّال المسخّرين لها في مختلف فروعها في تونس بل بالعكس تخطّط للترفيع فيه، ولكنها تريد استغلال ظروف الأزمة لتحقيق عدّة أهداف أبرزها:

1) الاشتراك مع باقي قوى رأس المال، أجانب ومحليين، في الضغط على النظام واستغلال هشاشة قاعدته الاقتصادية وحاجته الملحة لتصريف أزماته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتفاقمة لإجباره على تقديم مزيد من التنازلات في شكل تشجيعات وتحفيزات مالية وتسهيلات قانونية وإجرائية، وجعل أجهزته السلطوية من بوليس وقضاء وإدارة في خدمتهم ومنحازة بالكامل وعلى المكشوف إلى جانبهم ضدّ جميع العمّال وكافة الشعب الكادح.

2) الضغط على كتلة الأجور الجملية وتكلفة الإنتاج بهدف الرفع من أرباح الشركة الخيالية. وهذا يتحقق من خلال:
- التخلص من أكثر عدد ممكن العمّال القارين وتعويضهم بآخرين وقتيين وعرضيين.
- فرض مزيد من مرونة التشغيل وإدخال العمل بالمناولة.
- التراجع عمّا حققه العمّال بنضالهم من مكاسب هامة ولكنها تبقى دون المستوى الأدنى.
- مزيد تكثيف وتيرة العمل ودهورة ظروفه.

وقد يبدو لأول وهلة بأن الشركة قد ضمنت مسبقا نتيجة المعركة لصالحها وأنها ستنجح في تحقيق أغلب أهدافها الحالية، فالنظام القائم بمختلف أجهزته يقف إلى جانبها والمنظمة النقابية في أسوأ الأحوال، قيادات نقابية وطنية وجهوية غالبيتها الساحقة متواطئة ومرتشية وفاسدة إن لم نقل خائنة لمنخرطيها ومتمعشة على حساب العمال الغلابى.

ومهما كانت الأوضاع الحالية فإن العمال قادرون على تحقيق الانتصار في هذه المعركة وفي المعارك القادمة إذا ما وعوا قوانين الصراع وتسلحوا بإرادة المقاومة الفولاذية وقاموا بفرز حقيقي بين من يدافع عنهم بمبدئية ومن يناور على مطلبهم ويستعملهم ككتلة انتخابية. وفي هذا الإطار فإن العمال مطالبون بـ:
- أن يتحلى العمال ونقابتهم بمزيد من اليقظة والحذر تجاه مناورات السلطة والأعراف وكافة رموز البيروقراطية النقابية وطنيا وجهويا.وأن لا ينساقوا وراء الوعود والتطمينات وأن يتعظوا بمصير عمال "أ.م.س" و"ستيب" و"كوفرتاكس" وغيرهم.
- التكثيف من التحركات الميدانية وتنويع أشكال الاتصال بالعمّال (عقد اجتماعات عامّة، تنظيم اجتماعات مكثفة بالحزام النقابي، كسر الحصارالاعلامي والتحرر من وصاية المكتب التنفيذي الجهوي والانفتاح على النقابات والقطاعات المناضلة).

عاشت وحدة الطبقة العاملة في نضالها ضد الاستغلال الطبقي والاضطهاد الاجتماعي.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني