الصفحة الأساسية > البديل الوطني > الحق في الشغل، حق مقدس
الحق في الشغل، حق مقدس
18 تشرين الأول (أكتوبر) 2006

تعددت منذ العودة المدرسية والجامعية تحركات أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل المنظمين سواء في "الاتحاد" أو في لجان جهوية. وشملت هذه التحركات ولايات تونس وقفصة والقيروان. وأخذت أشكالا عدّة: اعتصامات وتجمعات في الشارع وعرائض وتوزيع بيانات إلخ.. ومن الواضح أن هذه التحركات مرشحة إلى التطور كمّا وكيفا.

ويطالب المحتجون بحقهم في الشغل، علما وأن من بينهم من قضّى الآن بين 5 و10 سنوات في حالة عطالة منذ تحرجه. وقد واجه نظام بن علي احتجاجاتهم بقوة البوليس الغاشمة مما ألحق أضرارا بدنية جسيمة بالبعض منهم. ولكن العنف الهمجي لم يفتّ في عزيمتهم واستمروا في نضالهم مستعملين أشكالا وأساليب متنوعة.

إن بطالة أصحاب الشهائد العليا تمثل علامة بارزة لتفاقم معضلة البطالة في بلادنا التي تحكم على مئات الآلاف من أبناء الشعب، رجالا ونساء، بالجوع والتهميش. وهي كذلك شاهد على الفشل الذريع لسياسة نظام بن علي الاقتصادية والاجتماعية المملاة عليه من الدوائر المالية الامبريالية والتي تسببت إلى جانب تفاقم البطالة، في مزيد تدهور المقدرة الشرائية للكادحين وتردي الخدمات الاجتماعية وتفشي الجريمة وتعمق الفوارق الطبقية.

كما أن التعاطي الأمني مع احتجاجات أصحاب الشهائد العاطلين على العمل يؤكد عجز نظام بن علي عن إيجاد حلول ملموسة ومرضية لمطالبهم المشروعة ويبين الطابع الدعائي والديماغوجي لـ"برامج تشغيل الشباب". إن الرسالة التي يريد هذا النظام تبليغها،من خلال سياسة القبضة الأمنية، إلى عشرات الآلاف من الشبان والشابات هي التالية: أقبلوا البطالة دون احتجاج! جوعوا واصمتوا! وإذا رفضتم فالعصا في انتظاركم.

ولكن هل أنه لا توجد حقا حلول لمعضلة خريجي الجامعات المعطلين عن العمل؟ وهل لا حول ولا قوة لنظام بن علي على البطالة بشكل عام؟ الجواب هو بالنفي طبعا، فالحلول موجودة، المباشرة منها والجذري. ولكن المسؤولية هي مسؤولية نظام بن علي الذي يخدم مصلحة أقلية بورجوازية عميلة وفاسدة على حساب مصالح الأغلبية من أبناء الشعب وبناته. إن المباشر من الحلول، ونحن لا نتحدث هنا إلا عن أصحاب الشهائد العليا، طرحه هؤلاء أكثر من مرة كما طرحته نقابات التعليم وهو يتمثل في الإجراءات التالية:

-  إلغاء مناظرة "الكاباس" التي تحولت إلى مجال للرشوة والتصفية السياسية.
-  تخفيض سن تقاعد أساتذة الثانوي إلى 55 سنة.
-  إلغاء نظام الساعات الزائدة
-  الحد من الاكتظاظ في الأقسام.

إن هذه الإجراءات وإن كانت غير كافية لحل مشكلة بطالة أصحاب الشهائد العليا حلا جذريا فهي على الأقل قادرة على التخفيف من حدّة معضلتهم واستيعاب عدد كبير منهم. ولكن نظام بن علي يرفض تنفيذ هذه الإجراءات لأن السياسة التي يطبقها تقضي بتخلي الدولة عن دورها الاجتماعي وتوجيه الدعم لأصحاب رأس المال المحليين والأجانب على حساب عموم الشعب.

أما الجذري من تلك الحلول فهو موجود أيضا، ولكنه يقتضي تغيير الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية تغييرا جوهريا يجعل الاقتصاد في خدمة مصالح الشعب والوطن مما يعني أولا وقبل كل شيء التخلي عن "برنامج الإصلاح الهيكلي" وتوابعه الذي فاقم معضلات تونس الاقتصادية واجتماعية ولم تنتفع منه سوى الدول والشركات والمؤسسات المالية الأجنبية وأقلية من النهابين المحليين. ولكن نظام الحكم غير قادر على خطوة كهذه لارتباطه عضويا بمصالح هذه الأطراف التي يسهر على حمايتها. وهو ما يفسر مواجهته لمطالب أصحاب الشهائد العليا العاطلين عن العمل بالقمع ورفضه إجراء أي حوار جدي معهم.

وإذا كان نظام بن علي لا هو قابل بالبحث عن حلول مباشرة لأصحاب الشهائد العليا العاطلين عن العمل ولا هو قادر على إيجاد حلول جذرية لهم وللبطالة عامة، فإنه ليس أمامهم سوى مواصلة النضال بكل جرأة وكفاحية للدفاع عن مطالبهم، وهو ما يقتضي منهم توحيد صفوفهم وتحويل حركتهم إلى حركة وطنية شاملة تؤطر عموم العاطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا. ونحن لا نشك في أن حركة كهذه ستكون قادرة على الأقل على فرض حد أدنى من الحلول المباشرة والعاجلة وتشكل قاطرة نضال عموم العاطلين عن العمل من أجل حل جذري للمعضلة التي تنخر مجتمعنا.

إن حزب العمال يساند بكل قوة نضال أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل لأنه نضال مشروع من أجل حق مقدس، به ترتبط كرامة البشر وتوازنه. وهو يدعو كافة القوى الديمقراطية والتقدمية وخاصة النقابات إلى الوقوف إلى جانبهم وتأييد مطالبهم.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني