الصفحة الأساسية > البديل الوطني > العفو التشريعي العام (2)
العفو التشريعي العام (2)
22 نيسان (أبريل) 2006

تاريخية العفو التشريعي العام ببلادنا :

لم تشهد بلادنا عبر تاريخها السياسي الحديث الذي اتسم بالقمع والإسكات والمصادرة للأسف الشديد أي عفو تشريعي عام بالرغم من الممارسات الدكتاتورية / البوليسية الـمــستـشـرية التي عاشها شعبنا خلال هيمنة الاستعمار الفرنسي المباشر و منذ اليوم الأول لوصول بورقيبة إلى سدة الحكم حتى آخر يوم له فيها "حيث اشتغلت ماكينة القمع الذي مارسه هذا الأخير بشكل مستمر وقد حصدت في طريقها كل النزعات الفكرية والسياسية بدون استثناء إضافة إلى الحركات الاجتماعية عمالية كانت أو شبابية، موظفية أو فلاحية أو شعبية" [1].

وكان خلفه بن علي "أمينا" و أكثر لتلك المسيرة المظلمة التي عصفت ببلادنا على امتداد حقب متتالية فواصل السير على منوال سلفه في مجال ضرب الحريات و مصادرتها والاعتداء على المناضلات والمناضلين وعائلاتهم وانتهاك حرمتهم الجسدية والمعنوية بالرغم من مطالبة قطاعات واسعة من الرأي العام الوطني والعائلات السياسية وعديد المنظمات الحقوقية في الداخل والخارج منذ عدة سنوات خلت بسنّ قانون العفو التشريعي العام الذي طرح "فـي الستينات على اثر القمع الذي شمل اليساريين والقوميين وقد ردّ عليه بورقيبة بسنّ ما أسماه grâce amnistiante في أواخر 1969 على أن تشمل كل الذين يطلبوه خلال عام من صدور الأمر الخاص بها . وهو عفو رئاسي يمكن طالبه من " استرداد حقوقه ".كما طرح مطلب العفو التشريعي العام في السبعينيات بعد موجة القمع التي شملت اليساريين والقوميين ومناضلي" حركة الوحدة الشعبية "و نشطاء الحركة الطلابية ونقابيي الاتحاد العام التونسي للشغل . وقد ردّ النظام على هذا المطلب بإطلاق سراح كل المساجين السياسيين ما عدا مجموعة [منفذي العملية العسكرية] بقفصة ومكن معظمهم من العـــودة إلى عملهم أو دراستهــم ورفض سنّ العفو التشريعي العام . وأعيد طرح المطلب فــــي الثمانينات على إثر قمع الإسلاميين واليساريين ونشطاء الحركة الطلابية وعددا من النقابيين" [2]

وإثر الانقلاب الذي حصل فجر 7 نوفمبر 1987 وأطاح ببورقيبة ومكّن بن علي وفريقه من الاعتلاء إلى سدة الحكم تأكدت الحاجة الملحة إلى الـعـفـو العام تـبعا لـلازمة السياسية والاقتصادية الخانقة التي تهدد الديكتاتورية الدستورية بزعامة بورقيبة في وجودها والتي ورثها عنها "العهد الجديد" لذلك لم يكن من سبيل لاحتواء هذه الأزمة وإعادة ترتيب البيت الدستوري وصيانة المصالح العامة للبورجوازية الكبيرة ومحاولة كسب شيء من الشرعية و" طي" صفحة مظلمة امتدت أكثر من ثلاثين سنة ونيف من الحكم البورقيبي المطلق ، لم يكن بإمكان " السلطة الجديدة " إلاّ الخضوع النسبي للمطالب المنادية بالتعددية الفكرية والمتطلعة لتكريس الديمقراطية الفعلية من داخل البلاد وخارجها فتم سنّ قانون للعفو عدد98 لسنة 1988 المؤرخ في 18 أوت 1988 والقانون عدد63 لسنة 1989 المؤرخ في 3 جويلية 1989 وكان لكلاهما أبعاد محدودة حيث لم يتجاوزا في الحقيقة حدود " فسخ السوابق " دون استرداد للشغل أو الحصول على تعويضات وشمل هذان الإجراءان 5416 مناضلا من قدماء المساجين السياسيين وهي مشاريع كما أخرجت للرأي العام الداخلي والخارجي جاءت مبتورة لا تستجيب إلى عمق هذا المطلب الديمقراطي الواسع الأبعاد المليء بالدلالات.

العفو التشريعي العام مطلب ملح (1)

هوامش

[2انظر مداخلة حمه الهمامي في ندوة "مغرب عربي بدون مساجين سياسيين" 19 مارس 2005 " صوت الشعب" عدد 236 - مارس/ أفريل 2005



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني