الصفحة الأساسية > البديل النقابي > حتّى يكون سقف المقرّ الجديد للاتّحاد من حديد وركنه من حجر
حتّى يكون سقف المقرّ الجديد للاتّحاد من حديد وركنه من حجر
14 حزيران (يونيو) 2009

انعقد أيام 17 و19 و20 ماي 2009، على التوالي المكتب التنفيذي الموسع للاتحاد العام التونسي للشغل (المكتب التنفيذي المنتخب والكتّاب العامّون للجامعات والنقابات العامة) ومجلس القطاعات (الكتّاب العامّون للجامعات والنقابات العامة) للنظر في ملفي المفاوضات الاجتماعية الجارية الآن خاصة في القطاع العمومي (الشركات والدواوين) وفي القطاع الخاص إلى جانب ملف الاستعدادات الجارية لبناء مقر مركزي جديد للاتحاد.

وللتذكير فإن الاتحاد كان اقتنى قطعة أرض بغاية إقامة مقر جديد له. ويجري الآن البحث عن مصادر التمويل اللازمة لذلك. وتعوّل القيادة في هذا الصدد على النقابيين والعمال للتبرّع لفائدة هذا المشروع. وغير خاف أن التبرعات وحدها لن تكون كافية. والحقيقة أنه إذا كان التفكير في تغيير مقر المنظمة لتمكينها لوجستيا من مواجهة حاجيات تطورها كمنظمة جماهيرية فإن تمكين المنظمة من توسيع إشعاعها وترسيخ دورها في المجتمع وفي الحياة العامة لا يمكن أن يقتصر على هذا الأمر فحسب بل يتعيّن أن تقع مراجعة أوضاع المنظمة مراجعة جذرية. ويأتي على رأس قائمة المهمات المطروحة ضمن هذه المراجعة إعادة النظر في توجهاتها ومعالجة ما صاحب تجربتها في السنوات الأخيرة من انحرافات وأخطاء على جميع الأصعدة والواجهات.

ويكاد يحصل إجماع على أن الاتحاد فقد الكثير من استقلاليته حيال نظام الحكم ومن ديمقراطية الحياة داخله ومن نضاليته في مجال تمثيل العمّال والدفاع عن مطالبهم. فالتفكير بجدية في تمكين المنظمة من مقر عصري يتماشى مع متطلبات العمل الجديدة في ظل استحقاقات الأوضاع الجديدة سيكون أمرا شكليا إذا لم يصاحبه معالجة لبقية جوانب عمله أي الخط العام النقابي للمنظمة.

ولعل طرح مسألة المفاوضات الاجتماعية بالصورة الجارية بها الآن على بساط البحث والمراجعة هو من أوكد المهمات المطروحة ضمن هذه المعالجة. فالمعروف أن الزّيادات الثلاثية (كل ثلاث سنوات) بقدر ما ساعدت على ترقيع المقدرة الشرائية أضرت بالعمل النقابي وأفرغته من حيويته وفاعليته. فهذه الزيادات أصبحت مقرونة في نظر العمال والنقابيين باستعدادات الدولة والأعراف أكثر من أي شيء آخر. ولذلك أصبح العمال يصطلحون عليها بـ"زيادة الحاكم" وأصبحت الدولة تستعملها لأغراض سياسية واجتماعية معروفة، مثل "السلم الاجتماعية" و"الاستقرار السياسي".

وبعد 6 جولات من المفاوضات الاجتماعية فقد الحراك الاجتماعي حماسته وتحولت عملية التفاوض إلى نوع من التباري التقني بين الوفود المفاوضة من جانب الاتحاد من جهة ومن جانب الحكومة والأعراف من جهة ثانية وأزيح العمال إلى حالة الفرجة عدا بعض المناسبات أو الملفات القطاعية التي تلجأ فيها النقابات إلى الإضراب والاحتجاج مثلما هو جار الآن في قطاع البريد أو في قطاع الصناديق الاجتماعية.

لذلك فإن الرّوح الانتصارية وعقلية الرّضا عن النفس التي سادت خلال مداولات المكتب التنفيذي الموسع ومجلس القطاعات الأخيرين لا ينبغي أن تحجب عن النقابيين جوهر مساوئ نمط التفاوض الاجتماعي التقليدي الذي أصبح سائدا طوال العشريتين الماضيتين. وحريّ بالمنظمة وهي تقوم بتجديد هياكلها الوطنية القطاعية والجهوية أن تستغل هذه المناسبة لتعميق النقاش حول هذه القضايا خصوصا وهي مقدمة على مجلس وطني من المنتظر أن ينعقد بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة.

إن الاستمرار في تزيين نتائج المفاوضات والاطمئنان إلى خطب المديح والثناء وغض النظر عن إخلالات وتجاوزات التسيير الداخلي ورهن المنظمة لدى السلطة والأعراف لن يساعد المنظمة على ترسيخ مقومات مناعتها وقوتها وهي مرشحة لمواجهة ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية أعقد مهما بنت من دور ومقرات ومهما دبجت من خطب في ذلك.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني