الصفحة الأساسية > البديل النقابي > هل ستبقى دار لقمان على حالها؟
هل ستبقى دار لقمان على حالها؟
10 كانون الثاني (يناير) 2004

انطلقت في الأيام القليلة الماضية حملة تجديد النقابات الأساسية بجهة قفصة. ومع بدايتها وحتى قبلها أعادت أعداد واسعة من النقابيين والشغالين عموما طرح أسئلة كثيرة، لعل أهمها سواء من حيث المضمون أو الانتشار يتمثل في: هل ستبقى الأمور على حالها؟ هل سيتغير أمر ما؟ وبقطع النظر عن الموقف أو بالأحرى الجواب عن هذا السؤال فإن مجرد الاهتمام بما يمكن أن يتغير وحتى الأمل في حدوث تبدلات في المشهد النقابي الجهوي أمر مهم. فهو من جهة يعكس التبرم من الوضع القائم ومن جهة أخرى يحمل بوادر رغبة قاعدية عريضة في بروز مضامين وتطورات نقابية مغايرة لما هو سائد.

وعلى أي حال فإن "التغير المنشود" سيظل محكوما بأمور عدة لعل أهمها على الإطلاق مدى درجة التهيؤ والاستعداد وإحكام خوض المعارك الانتخابية من قبل القوى وعلى الأخص "اليسار النقابي الديمقراطي" بالجهة.

ومن أجل الإسراع بتجاوز نقائصنا ورص الصفوف أكثر ما أمكن رأينا من الواجب تقديم الملاحظات التالية:

1 – وضع جهوي متعفن:

إن السمات الأساسية للوضع النقابي بجهة قفصة مماثلة إن لم تكن مطابقة للحالة النقابية العامة. فالركود والعزوف القاعدي عن الأنشطة هما البارزان. إضافة إلى تحوّل العمل النقابي الجماهيري إلى عمل إداري روتيني تقوم به قلة قليلة حتى من بين التشكيلات النقابية. فكل الأمور وداخل كل القطاعات تقريبا (الاستثناءات قليلة…) تدار من داخل المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي وعلى الأصح من مكتب الكاتب العام للاتحاد الجهوي وبحضوره طبعا.

وعلى هذه الشاكلة تم ليس فقط تغييب القواعد النقابية وإنما الهياكل المنتخبة. وأصبح دورها في كل المؤسسات (نقابة أساسية، جهوية، مجلس جهوي، هيئة إدارية…) مجرد ديكور لتمرير هذا الرأي أو ذاك. وبالتوازي مع ذلك تم خلق وتنشئة ميليشيات بأعداد مهمة لتسهم كما ينبغي كلما اقتضت الحاجة في إنجاح ما يطلب منها مركزيا وجهويا. ومعلوم أن هذه "الميليشيات" يقع تمويلها بالكامل من أموال المنظمة وهي تظم المسؤول النقابي والعنصر القاعدي والمتقاعد..إلخ.

والأنكى من ذلك أن "الناصر الوشام" مثلا الذي لم ينجح لا في نقابته الأساسية ولا في الفرع الجامعي ولا في الاتحاد المحلي أو الجهوي مازال يواصل تفرغه النقابي لسنوات عديدة.!!

كما أن عناصر عديدة مثل الوشام تقبض من جهتين: من أعرافها البيروقراطية ومن البوليس السياسي. والقصص كثيرة في هذا الباب. ونكتفي فقط بصاحب مشرب الاتحاد الذي وقع طرده في السنة الفارطة بعد أن افتضح أمره أمام الجميع إبان الاعتداء الوحشي الذي استهدف بعض نقابيي جهة قفصة أثناء العدوان على العراق الشقيق. إننا لا نبالغ في شيء عندما صرحنا بأن الملياردير عمارة العباسي لم يعد له من دور في الاتحاد الجهوي سوى خدمة الأعراف والسلطة.

ومن المؤسف أن "العروشية" التي أضرت أيما ضرر بالعمل النقابي منذ فترة الاستعمار المباشر (بما أن المحتل رعى عقلية "العروش" لإضعاف النضال النقابي وهو نفس الأسلوب الذي توخته البيروقراطية فيما بعد) أصبحت اليوم ليس فقط ضمن قطاعها التقليدي (عمال المناجم) وإنما طالت الوظيفة العمومية. وأي وظيفة عمومية؟ قطاع الثانوي والابتدائي…

2 – العودة جميعا إلى ثوابتنا

إن نقد الوضع القائم وتعريته كما ينبغي هو بداية السير في الطريق السليم: وكل الوقائع والمعلومات متوفرة وبالكم المطلوب. والجميع يقر بالوهن الكبير الذي أضحى عليه المشهد النقابي على جميع الأصعدة: هياكل، تصورات وأساليب عمل. والمطلوب هو القليل من الشجاعة لمواجهة رأس "التعفن" وتركيز النقد حوله وحول بعض الجماعات المرتبطة به لأسباب نفعية لا أكثر ولا أقل. والدفاع بصوت عال وبصبر كبير من أجل:
-  استقلالية الاتحاد الجهوي
-  نضالية العمل النقابي
-  ديمقراطية العمل النقابي

3 – الطاقات المتواجدة

إن اشتداد القمع من جهة واتساع رقعة المحبطين واليائسين من جهة أخرى مثّلا الفرصة الأمثل لرأس البيروقراطية النقابية الجهوية "عمارة" لتطويع الساحة النقابية وصياغتها على مقاسه. إلا أنه لاعتبارات عديدة يطول شرحها لم يتمكن من النجاح كما أحب وأحب سادته. فبعض القطاعات ظلت مناوئة له. كما أن بعض الوجوه النقابية ذات التأثير في هذا الحقل أو ذاك واصلت تباينها معه حتى في أحلك الفترات. إذا ما أضفنا لذلك اهتراء صورته واهتزازها على قاعدة تكديسه ثروة طائلة جعلته على حق من بين أكبر أثرياء الجهة الموغلين في الاستغلال الوحشي (حراسة المؤسسات مثلا). هذه كلها عوامل تمثل عناصر وهن له بالإمكان استغلالها من أجل تحجيم نفوذه في القطاعات وإفراز عناصر نيرة بعيدة عن دائرته وفلكه.

ومهما يكن فالخيار الوحيد أمام كل القوى التقدمية بالجهة يظل في ظل الأوضاع الراهنة وبموازين القوى الحالية هو: خوض معارك نقابية مشرّفة في قوائم موحدة بعيدا عن الفئوية والحسابات الضيقة، واحتلال مواقع جديدة كلما سمحت الأوضاع بذلك. ولكل حادث حديث كما يقال.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني