الصفحة الأساسية > البديل الوطني > تونس إلى أين؟
تونس إلى أين؟
7 تموز (يوليو) 2006

"البلاد وين هازينها؟" هذا هو السؤال الذي يتردد اليوم لا على ألسنة النخب التي تتابع الشأن العام فحسب، بل كذلك على ألسنة عموم الناس. وهو سؤال مشروع يعكس المخاوف التي أصبحت تساور معظم التونسيات والتونسيين من جرّاء المأزق العام الذي تتردى فيه البلاد بسبب تعنت نظام بن علي وعجزه عن الردّ على المشاكل السياسية والاجتماعية بغير الأساليب الأمنية المتخلفة وبغير الكذب والمماطلة والتسويف، كما يعكس رغبتهم في الخروج من هذا المأزق إلى وضع أفضل يحققون فيه طموحاتهم وينعمون فيه بالطمأنينة. وما من شك في أن ما جدّ في الفترة الأخيرة من قمع لأهالي قصيبة المديوني المحتجين على الكارثة البيئية التي حلت بمدينتهم ولأساتذة الثانوي الذين أرادوا التجمع أمام وزارة التربية لتأكيد تمسكهم بمطالبهم المشروعة ورفض المماطلة والتسويف في التعامل معهم، يؤكد مرة أخرى أن السلطة ليس لها أية نية في تغيير سلوكها وأنها ممعنة في سياسة الانغلاق التي كرستها على مدى الأشهر الأخيرة في تعاملها مع القضاة والمحامين والإعلاميين والحقوقيين وسائر مناضلات ومناضلي الحركة السياسية، ومع العاطلين من أصحاب الشهادات العليا وعمال عاملات "فنطازيا" وغيرهم من العاملات والعمال المطرودين. وهو ما يزيد من إلحاحية ذلك التساؤل وتلك الرغبة.

وعن التساؤل الأول نتج تساؤل ثاني: إلى متى سيواصل نظام بن علي في هذا النهج الخطير على مستقبل تونس وشعبها؟ وفي الحقيقة فإن الجواب واضح وهو أن نظام بن علي لا تهمه في شيء مصلحة البلاد والشعب حتى يتخلى عن مثل هذا النهج النابع أصلا من طبيعته الدكتاتورية والبوليسية وينفتح على مطالب الشعب وطموحاته، بل إن ما يهمّه هو ضمان بقائه وضمان مصالح الأقلية الجشعة والفاسدة التي تسنده وتنتفع منه والتي تخطت فضائحها، مع قضية "اليخت" المسروق في الآونة الأخيرة، حدود البلاد. لذلك فإنه لن يتوانى عن انتهاج سياسة القمع والانغلاق للحفاظ على الوضـع كما هو خصوصا وأنه أصبح يشعر باشتداد الخناق عليه داخليا وخارجيا ويضيق هامش المناورة الذي كان يتمتع به في السابق ويمكنه من تغليف القمع.

ولكن ما الحلّ؟ وهنا نأتي إلى لب المشكلة التي بمعالجتها يمكن فتح الطريق نحو هذا الحل، وهو أن ما سهل ويسهل على نظام بن علي الاستمرار في سياسة القبضة الأمنية وإدارة الظهر إلى مطالب الشعب وطموحاته هو ضعف حركة المعارضة السياسية التي أظهر القمع إلى حد الآن نجاعته في عرقلة نموها وفي بقائها في حدود "نخبوية". و من البديهي أن نظاما استبداديا لا يمكنه أن يتخلى عن نهج يمكنه من الحفاظ على سيطرته على المجتمع حتى وإن كانت آفاقه مسدودة.
لذلك فإنه لا يمكن التصدي للوضع الحالي دون تطوير أداء المعارضة التي لا تزال إلى حد الآن مشتتة وغير موحدة على قاعدة أرضية دنيا (رغم بعض المبادرات مثل هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات...) وعاجزة نسبيّا عن كسر الحاجز الذي أقامته السلطة بالقمع، بينها وبين الحركة الاجتماعية. وإذا كان الجانب الأول يقتضي من الحركة نبذ كل عقلية فئوية وضيقة والتفكير في مصلحة البلاد والشعب، فإن الجانب الثاني يقتضي بالإضافة إلى تمثل مطالب الشعب وطموحاته، التحلي بروح المبادرة وبالجرأة على النضال.

وإذا نظرنا اليوم إلى الواقع فإننا نجد فيه من العوامل الإيجابية ما يسمح للحركة السياسية وخصوصا لفصيلها الديمقراطي والوطني لتجاوز نقائصها والارتقاء بأدائها، ولعل أهم عامل من هذه العوامل هو النهوض الذي بدأت تشهده الحركة الاجتماعية والوعي المتنامي في صفوف مختلف فئات الشعب وهو ما يمثل أرضية مناسبة لتوسع الحركة السياسية قاعدتها الجماهيرية وتتجه نحو إحداث تغيير جذري في موازين القوى.

لذلك فإن على الحركة السياسية أن لا تفوت على نفسها وعلى الشعب التونسي هذه الفرصة وأن تعمل بجدية على استثمار هذا الوضع دون تأخير، وتلملم صفوفها وتتجاوز تشتتها وتضع خطة للنهوض.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني