الصفحة الأساسية > البديل النقابي > ماذا بعد استقالة المكتب المحلي لاتحاد الشغل بالمكنين؟
ماذا بعد استقالة المكتب المحلي لاتحاد الشغل بالمكنين؟
25 كانون الثاني (يناير) 2010

ما تزال استقالة المكتب المحلي لاتحاد الشغل بالمكنين حديث الوسط النقابي في الجهة وخارجها.

وتعود الأسباب المباشرة لهذه الاستقالة إلى منتصف شهر أكتوبر الماضي عندما كان سعيد يوسف، الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير، يحتفل بصعوده لمجلس "النواب" قبل وقوع الانتخابات، فـ"الفوز" مضمون لأنه مرشـّح ضمن قائمة "التجمّع"..! في تلك الفترة بالذات تصاعدت وتيرة غلق المؤسسات وطرد العمال من طرف الأعراف الذين لا يخضعون للقانون ويتمتعون بـ"الحصانة" من قبل السلطة وبتواطئ من الاتحاد الجهوي بالمنستير بقيادة كاتبه العام سعيد يوسف. وكان الشغالون يواجهون هجوم الأعراف مسنودين بالنقابيين النزهاء. وفي يوم 24 أكتوبر 2009 وقبل المهزلة الانتخابية بيوم واحد قام السيد عيّاد قداوين، عضو الاتحاد المحلي للشغل بالمكنين، بزيارة إلى "مكناتاكس" بدعوة من العاملات اللاتي لاحظن أن وكيل الشركة "كمال بن حليمة" بدا بنقل الآلات ومعدّات العمل إلى مقر جديد للتخلص من النقابة ومطالبتها المتكررة باحترام حقوق العاملات والعمال (زيّ الشغل، مستحقات الضمان الاجتماعي...) وهو الذي يعمل باستمرار على مزيد مراكمة الأرباح بالضغط المستمر على تكلفة اليد العاملة، غير غابئ بأوضاع العاملات المزرية وحقوقهن القانونية على ضآلتها.

وما إن وصل عضو الاتحاد المحلي إلى المعمل المذكور حتى هاجمه وكيل الشركة مستعينا بأحد إخوته واعتدى عليه بالعنف الشديد وأسمعه كلاما جارحا ومزّق له ثيابه... وقد خلف له هذا الاعتداء رضوضا وكدمات وجروح تقدم على إثرها بشكاية رسمية إلى مصالح الأمن، وأبلغ المكتب الجهوي بالمنستير بالأمر وطالبه باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد العرف المعتدي. لكن سعيد يوسف لم يحرّك ساكنا بل إنه، وحسب ما يتداوله النقابيون في الجهة خاطب عضو الاتحاد المحلي المُعتـَدى عليه قائلا:" شبيك ديما أنت خلي واحد آخر يمشي ويضربوه!!".

وكانت هذه الحادثة بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس. فالتيار لا يمر بين الاتحاد المحلي والاتحاد الجهوي منذ مدة. لأن اتحاد المكنين ليس عل مقاس سعيد يوسف الذي حاول بكل الوسائل تهميشه وتقزيمه وتجاهله في كل الأعمال والأنشطة النقابية التي تهمّ الجهة. فلا يقع استدعاؤه عند تنظيم الندوات واللقاءات والأنشطة النقابية بمختلف أنواعها ولا يقع تشريكه في تجديد النقابات أو حتى مجرّد إعلامه... ورغم الاحتجاجات المتكررة لاتحاد المكنين والمراسلات العديدة التي بعث بها جهويا ومركزيا فإن سعيد يوسف ما فتئ يمارس سلوكا استفززايّا ويتصرّف وكأنّ المكتب المحلي بالمكنين غير موجود.

وبعد أن أيقن أعضاء المكتب المحلي بالمكنين أن لا أحد يهتم بمشكلتهم لا جهويا ولا مركزيا وأن كل احتجاجاتهم ومراسلاتهم لا تجد آذانا صاغية وأن سعيد يوسف يحظى بما يشبه "الحصانة"، قرّروا تقديم استقالة جماعية علـّهم بذلك يُوصلون صوتهم ويعبّرون عن نفاذ صبرهم.

لكن، وبعد مرور أكثر من أسبوعين على تقديم هذه الاستقالة مازال الوضع يراوح مكانه. فسعيد يوسف اكتفى بتوجيه دعوة للمكتب المحلي لشرح الموقف، والمركزية النقابية اعتبرت الاستقالة غير قانونية لأنـّها ليست فردية، وألقت باللائمة على المكتب المحلي لأنه رفض دعوة سعيد يوسف الذي حاول شقّ الصّفوف وتوجيه استدعاءات فردية.

خلاصة القول أن الاستقالة لم تخلق "الرجّة" المرجوّة وتعامل معها المكتب الجهوي بالمنستير بتجاهله المعهود وقابلتها المركزية النقابية ببرود كشف مرة أخرى التواطؤ بين البيروقراطية النقابية بقيادة عبد السلام جراد وبين المكاتب الجهوية المعادية لأبسط مقوّمات العمل النقابي بقيادة سعيد يوسف وأمثاله. والأكيد أنّ الجهات الأمنيّة ستدفع في اتجاه التخلـّص من المكتب المحلي بالمكنين و"تطهير" الجهة من كل صوت نقابي خارج عن الصفّ حتى يسهل عليها خنق أي تحرّك اجتماعي في المهد خاصة وأن تجربة المكتب المحلي بالرديف الذي أطّر وقاد انتفاضة الحوض المنجمي المجيدة لا تزال ماثلة أمام النظام. وقد بينت التجربة التنسيق الوثيق بين البيروقراطية النقابية وبين الدكتاتورية وخاصة في المجال الأمني الذي يعتبر الهاجس الأول لنظام بن علي. وبعبارة أخرى فإن السلطة ومن ورائها البيروقراطية تريد مكاتب نقابية، محلية وجهوية، طيعة ومتعاونة ومستعدة لمعاضدة قوات القمع في تصديها لنضالات العمال وضربها لحريّة العمل النقابي.

ومهما كانت النتيجة التي ستفضي إليها استقالة المكتب المحلي بالمكنين فإن المعركة ستتواصل بين شقّ نقابي مناضل يسعى إلى تأطير نضالات العاملات والعمال والدفاع بكل مبدئية عن مطالبهم المشروعة ويكون سندا للحركة الديمقراطية في نضالها ضد الاستبداد وتقديم كل التضحيات من أجل أن يكون الاتحاد العام التونسي مناضلا ومستقلا، وبين شقّ بيروقراطي، متمعّش من عرق العاملات والعمّال، يتاجر بمطالبهم ويبث الأوهام في صفوفهم، ولا يتردّد في التواطؤ مع الأعراف وتشريع استغلالهم للعمال وقمع تحركاتهم وضرب حرية العمل النقابي والاعتداء على المناضلين النقابيين.

نقابي من المكنين



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني