الصفحة الأساسية > البديل الوطني > مسؤولية الاستبداد والفساد
موجة غلاء الأسعار:
مسؤولية الاستبداد والفساد
25 شباط (فبراير) 2008

عمدت السلطة في الفترات الأخيرة إلى الزيادة في أسعار بعض المواد الغذائية (قفز سعر الحليب من 780 إلى 900 مليم للتر الواحد في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر بنسبة 13 بالمائة). وسعر البنزين (50 مليم في اللتر الواحد) وهي موجات ارتفاع متتالية جعلت المواطن التونسي، الفقير، غير قادر على تأمين قوت أسرته ناهيك عن ندرة توفر مادة الحليب. وكعادتها استغلت سلطة الاستغلال الطبقي والمضاربات ظرف انعقاد كأس إفريقيا للأمم لتقرر الزيادات دون سابق إعلام مثلما عمدت سابقا إلى التنقيص في وزن رغيف الخبز أو قارورة الغاز للإيهام بالمحافظة على الأسعار كما هي.

وتقدم الدعاية الرسمية التبريرات المعتادة (أزمة عالمية، ارتفاع أسعار النفط...) للتفصي من المسؤولية، لكن الكل يعلم أنه طيلة حكم الحزب (التجمع) الدستوري وحتى في صورة تحسّن الظروف العالمية أو المناخية فإن الأسعار لا تتراجع على غرار ما يحدث أحيانا في بلدان أخرى.

وفي جميع الحالات، في العسر كما في اليسر، لا تـُحمّل مسؤولية الأزمة إلا للعامل والفلاح والمعدم والعاطل عن العمل بينما تحافظ الطبقة الحاكمة على امتيازاتها وثرواتها.

إن الشعب التونسي لم يعد يصدق ما يُروّج من تبريرات، فالمسؤولية عن تدهور المقدرة الشرائية وارتفاع الأسعار والتضخم المالي وتحرير الدينار هو السلطة التابعة التي تُطبّق وصفات الصناديق النهّابة والمؤسسات الامبريالية وهو كذلك الفساد، فساد العائلة الحاكمة التي تفرط في البلاد وترهنها عبر القروض المكبلة للشعب وعبر التفويت في المؤسسات العمومية للمقربين بدون أي شفافية.
إن الاستبداد هو الذي يطلق العنان لحفنة من مصاصي الدماء لنهب الشعب وتفقيره دون محاسبة وجعل المحرومين والمضطهدين في صراع مضن مع الغلاء الفاحش في الأسعار.

إن هذه الأوضاع هي التي دفعت وتدفع بالمتظاهرين إلى شوارع الرديف والمظيلة والمتلوي وأم العرائس، وبالمعطلين عن العمل للاعتصام والإضراب عن الطعام، وبقطاعات عديدة إلى الإضراب عن العمل دفاعا عن لقمة العيش وضد التسريح القسري، فليس للجياع ما يخسرونه سوى الأغلال التي تكبلهم.

هذا هو الوضع الذي استهلت به سلطة الاستبداد والفساد سنة 2008 تطبيقا لشعاراتها الزائفة حول "التكافل الاجتماعي" والـ"العناية بالشباب" و"الحد من البطالة"... وهي من حيث تدري أو لا تدري تنضج الظروف الموضوعية لقوى التغيير والديمقراطية لتنظيم الشعب واستنهاضه لمواجهة عدوها الطبقي المستبد والفاسد وفرض التنازل عليه وعدم السماح له بتمرير الرئاسة مدى الحياة في عام 2009. وفي هذا الإطار تطرح على القوى الديمقراطية والتقدمية مسؤولية تنظيم الفئات الشعبية في جمعيات مدنية لمقاومة ارتفاع الأسعار كما تطرح على القوى النقابية النزيهة تحمّل مسؤوليتها في الدفاع عن قواعدها ورفض المفاوضات الثلاثية المهزلة واعتماد المفاوضات القطاعية والحد من الارتفاع الجنوني في الأسعار والتعويض عن تدهور المقدرة الشرائية.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني