الصفحة الأساسية > البديل الوطني > من أجل تمشّ مشترك، لمواجهة انتخابات 2009
من أجل تمشّ مشترك، لمواجهة انتخابات 2009
25 شباط (فبراير) 2008

(إجابة الرفيق حمه الهمامي على سؤال من جريدة "الطريق الجديد")

نعتبر في حزب العمال أنه لا يوجد حاليا لا مناخ سياسي ولا ضمانات قانونية لانتخابات رئاسية وتشريعية حرةّ. إن سلوك نظام الحكم القمعي والتعسّفي، سواء تجاه الحركة السياسية أو الاجتماعية، يؤكّد أنه يريد أن تكون انتخابات 2009 غير مختلفة عن سابقاتها، أي مجرّد مناسبة للتمديد للرئيس الحالي، تكريسا للرئاسة مدى الحياة، ولتجديد الديكور الديمقراطي، خدمة لمصلحة الأقلية المحظوظة التي تنتفع من واقع الاستبداد على حساب المصلحة الشعبية والوطنية.

إن هذا الوضع يقتضي، في رأينا، من المعارضة السياسية التي لها مصلحة في التغيير الديمقراطي، أن تتجنّب في هذه المرحلة بالخصوص الحسابات الضيّقة وتكتّل جهودها من أجل تغيير المناخ السياسي الحالي لفرض شروط انتخابات حرّة تقطع بشكل جدّي مع المهازل السابقة وتمكّن الشعب التونسي من ممارسة سيادته. ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلاّ، أولا ببلورة أرضية دنيا تتضمن مطالب محددة وثانيا بضبط خطّة عملية لتجسيد هذه الأرضية ميدانيا.

وفي اعتقادنا فإن انتخابات حرّة تقتضي مناخا سياسيا تتوفّر فيه الحرّية بما تعنيه من تعدّدية حزبية وإعلامية حقيقية، كما تتوفّر فيه إدارة نزيهة ومحايدة وقضاء مستقلّ. هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فإن انتخابات رئاسية حرّة تتطلب أولا وضع حد للرئاسة مدى الحياة وثانيا إقرار حرية الترشح دون إقصاء أو استثناء. وهذان الشرطان متلازمان لضمان التداول الديمقراطي على السلطة، بل حتى لا يصبح الترشّح مجرّد غطاء لتمرير الرئاسة مدى الحياة.

كما أن انتخابات تشريعية حرّة تستوجب، من ضمن ما تستوجب، مراجعة جذرية للقانون الانتخابي حتى لا يبقى التواجد في البرلمان منـّة من السلطة تمنحها حسب درجة الولاء وغطاء لتأبيد احتكار الحزب الحاكم للمؤسسات التمثيلية.

وإذا ما اتفقت المعارضة على أرضية واضحة فلن يبقى لها إلاّ ضبط الخطّة لإنجاز هذه الأرضية. ويمكن في إطار هذه الخطّة مناقشة كل المبادرات والمقترحات التي تتقدّم بها القوى السياسية. وفي كل الحالات فإن أية خطّة ينبغي أن يكون الهدف منها تعبئة أوسع الفئات الشعبية مع اعتبار همومها ومشاغلها حتى تدرك أهمية التغيير الديمقراطي في إيجاد حلول لتلك الهموم والمشاغل.

وفي ضوء تطور الأوضاع تحدد المعارضة في الوقت المناسب وبصورة مشتركة ما إذا كان من الأنسب إليها أن تشارك أو تقاطع. وفي هذا الصدد نودّ أن نلاحظ أننا في حزب العمّال ضدّ "المشاركة في كل الظروف" لأن المشاركة إذا لم تتوفّر لها الشروط لن تخدم، بقطع النظر عن النوايا، إلاّ الاستبداد. كما أننا ضدّ "المقاطعة في كل الظروف" لأن المقاطعة إذا لم تكن لها مُبَرَراتها الموضوعية تحوّلت إلى استقالة أو موقف طفولي.

وعلى فرض أن المعارضة لم تتوفق في النهاية إلى موقف عمليّ موحّد فإنها ستكون على الأقلّ قطعت شوطا مهمّا مع بعضها البعض سيكون له دور في وقت لاحق في إعادة تجميع الصفوف وتيسير عملية التقييم ورسم آفاق المستقبل.

من هذا المنطلق، وبقدر احترامنا لاستقلالية كل طرف في تقرير سياسته، فإننا مازلنا نعتقد أن خوض المعركة من أجل فرض الحق في الترشّح للرئاسية (كما للتشريعية) يكون أجدى إذا تمّ وفق خطّة تـُناقش وتـُنفّذ بصورة مشتركة. وإذا كان نقد التباطؤ وعدم الشعور بأهمية عامل الوقت مشروعا، فإن نقد التسرّع لا يقلّ مشروعية أيضا. لذلك، ندعو كل مكوّنات المعارضة السياسية إلى الجلوس في أقرب الآجال حول نفس الطاولة لمناقشة أرضية وخطّة عمل مشتركتين لمواجهة انتخابات 2009. فمن دون تمشّ مشترك، سيكون من الصّعب، إن لم نقل من المستحيل، على طرف تغيير موازين القوى بمفرده، ولن ينتفع من ذلك إلاّ الاستبداد.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني