الصفحة الأساسية > البديل النقابي > وضع نقابي متعفن
بن عروس:
وضع نقابي متعفن
25 تشرين الأول (أكتوبر) 2007

إن الأزمة الداخلية التي تعصف اليوم بالاتحاد العام التونسي للشغل هي نتاج لتداعيات مؤتمر المنستير المنعقد في ديسمبر 2006 والذي اطلع على نتائجه كل متتبع للشأن النقابي، لذلك فلا غرابة أن نرى اليوم هذه الأزمة تتفاقم بمرور الأيام، خصوصا وأن الشق المتنفذ في المنظمة يصر على تصفية المناضلين الصادقين فيها وضرب مبدأ الديمقراطية والاستقلالية، خدمة لمصالحه الخاصة ولمصالح الدكتاتورية وغلاة رأس المال.

وفي الحقيقة إن حملة التجريد الأخيرة التي طالت إلى حد الآن 10 مناضلين بسبب مواقفهم النقابية التي تتعارض مع سياسة البيروقراطية التي تعمل بكل الوسائل على الحفاظ على نفوذها وعلى تمرير الاتفاقات مع الحكومة على حساب الشغالين هي الوجه البارز للأزمة المذكورة، ولكن الوجه الآخر والذي لا يبرز لعامة الناس وهو الأخطر من سابقه فيتمثل في الممارسة اليومية إن لم نقل المنهجية للإقصاء والتهميش داخل هياكل الاتحاد. وسنأخذ في هذا المقال كمثال على ذلك ما يجري في جهة بن عروس. ونحن لا نفعل ذلك من باب التجني على هذا الهيكل الجهوي ولكن فقط لإنارة الرأي العام النقابي وحثه على مواجهة هذه الانزلاقات الخطيرة التي تضر بالمنظمة الشغيلة خاصة وبالطبقة العاملة عامة.

الحالة الأولى تهم ما وصلت إليه وضعية مؤسسة "كلودال مودال" للخياطة: إقصاء النقابة الأساسية واعتبارها "غير قانونية" والحال أنها تأسست في فيفري 2006 وتحظى بالشرعية. ومحاسبة الكاتبة العامة بدعوى أنها "متنطعة"، ومساندة إدارة المؤسسة لتجاوز أزمتها على حساب مصلحة العمال الذين تدخّل البوليس لتعنيفهم أثناء الوقفة الاحتجاجية التي قاموا بها دفاعا عن حقهم في مواصلة العمل بهذه المؤسسة.

الحالة الثانية تهم ما يجري بمؤسسة "هارتو للألكترونيك" (يتحدث البعض عن وجود قرار تم اتخاذه يقضي بطرد مجموعة من النقابيين من هذه المؤسسة بعد عرضهم على مجلس التأديب) بعد الاعتداء الذي قام به مدير الشركة المعروف بشراسته وكرهه للعمال، على نقابي ملحقا ضررا كبيرا بعينه وهو ما تؤكده الشهادة الطبية. وقد عاينه أعوان الحماية المدنية والبوليس الذين تدخلوا أثناء الحادثة.

بعد كل هذا تنقلب الأمور ويصبح العامل محل اتهام ويحال على مجلس التأديب بتهمة سرقة "النحاس" من المؤسسة و"ضرب رأسه على البلور" والادعاء بالتعرض للاعتداء عند اكتشاف أمره. وقد قامت السلط الأمنية بالتعاون مع إدارة المؤسسة بتغيير الوقائع وتلفيق هذه التهم. وقد اكد هذه الرواية الكاذبة وتبناها الاتحاد الجهوي والحال أنه على علم بكل أطوار القضية منذ بدايتها ومطلع اطلاعا كاملا على كل جزئياتها.

الحالة الثالثة تتمثل في ما تتعرض له نقابة "دجنسن" للخياطة من ضغوط وما تواجهه من صعوبات في التعامل مع الاتحاد الجهوي ومع موقفه من مشاكلهم المهنية في علاقة بإدارة الشركة، وسنوافي القراء في فرصة قادمة بمعطيات دقيقة عن هذا الموضوع.

وأخيرا وليس آخرا نشير إلى المهزلة التي تمت مع النقابة الجهوية للتأطير والإرشاد: فبعد 5 أشهر من انعقاد المؤتمر (6 جوان 2007) تم توزيع المسؤوليات كما يحلو للاتحاد الجهوي والنقابة العامة للقطاع وفق أجندة اتفقا عليها. وبالرجوع إلى هذا الموضوع، هناك ملاحظتان هامتان: الأولى تهم إقصاء أغلبية التشكيلة المذكورة بكل الطرق بما فيها التعدي على فصول القانون الأساسي والنظام الداخلي للمنظمة في هذا الشأن رغم كل أشكال الاحتجاج (مراسلة النظام الداخلي بتاريخ 22/08/2007، جلسة 11/10، جلسة 14/09، جلسة) التي تمت من عرائض ومراسلات تحمل في طياتها قرائن وأدلة تفيد وتثبت هذه التجاوزات وتطالب بتطبيق القانون آخرها المراسلة التي وجهتها المجموعة المتضررة إلى كافة أعضاء المكتب التنفيذي فردا فردا بمن فيهم العضو المكلف بالنظام الداخلي. أما الملاحظة الثانية فتتعلق بما قامت به الكاتبة العامة لهذا الهيكل بعد 3 أيام فقط من توزيع المسؤوليات إذ قدمت شكوى ضد أحد زملائها مدعية أنه "اعتدى عليها" و"أهانها" و"شتمها" بنية إقصائه لا غير.

هذا هو الوجه الآخر للأزمة وهو مبعث حيرة وقلق لدى كل المناضلين، بالنظر إلى خطورة الموقف الذي لا يخدم مصالح الطبقة العاملة والشعب، وحتى إن خدم مصالح الشق البيروقراطي في الاتحاد فهو يخدم بالأساس مصلحة السلطة الفاشية، والطبقة الرأسمالية ويشجعهما على مواصلة الزحف على مكاسب العمال.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني