الصفحة الأساسية > البديل الوطني > منطقة همّشها النظام البائد وتناستها الثورة
مكثـــر :
منطقة همّشها النظام البائد وتناستها الثورة
6 تشرين الأول (أكتوبر) 2011

معتمدية مكثر أو ما عرف عند الرومان بـ «مكتريس» هي مدينة معدومة ومنسية. لم ينصفها النظام البائد ولا تزال تنتظر من الثورة الكثير رغم الدور الكبير الذي لعبته فيها على اعتبار أنّها مثّلت منعرجا حاسما بتجاوزها الاعتصامات والمسيرات نحو استهداف مقرات السيادة ورموز النظام...

بعد قيام الثورة ورغم الزخم السياسي الكبير الذي تعيشه المدينة (أكثر من 12 حزبا و4 جمعيات...) فإنّ أريافها وما تمثله من ثقل سكّاني وعمق اقتصادي ظلّت مغيّبة تماما عن المشهد السياسي...

التقينا خليفة بن محمد وهو فلاح أصيل منطقة سوق الجمعة، أحد أرياف مكثر، فلخّص لنا أهمّ المشاكل التي تعاني منها هذه الجهة الفلاحية. فغلوّ المعدّات الفلاحية ومعاليم الحراثة والزراعة والحصاد وكذلك أسعار الأسمدة والأعلاف، هي من عوامل تفقير أغلبية فلاحي الجهة. وتنضاف إلى هذه الأسباب جملة من المظاهر الأخرى مثل المضايقات الكبيرة في سوق الدواب وغياب دعم الدولة وهي مظاهر تعود لسيطرة الفلاحين «التجمعيين» على المساعدات والقروض وكل أشكال الدعم ممّا زاد في تفقير الفقير وتداينه.

أمّا السيّد رضا وهو شاب عاطل عن العمل فقد أكّد لنا أنّ المصاعب التي يواجهها شباب الجهة دفعت بنسبة هامة منهم إلى النزوح نحو المدن الساحلية. كما حدّثنا عن التلوّث الذي يحدثه استخراج الرخام بالجهة. أضف إلى ذلك بعد نقاط توزيع المياه وتجاهل الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه مطالبات الأهالي. وأخيرا ختم بالحديث عن غياب فرص العمل وتغييب الشباب عن الحياة السياسية والثقافية.

ويشاطره الشاب مجدي نفس الموقف مؤكدا أنّ الشباب المعطل عن العمل يجده نفسه فريسة للتفقير المتواصل والتهميش الممنهج فيصعب استشراف الأمل. ويقضي أغلب شباب الجهة أيامه ولياليه في لعب الورق وشرب الشاي والقهوة.

وفي منطقة «سند الحدّاد»، حوالي 6 آلاف ساكن، على الطريق المؤدية إلى سليانة، وتحديدا بعد سبع كلم عن مكثر، التقينا بعض الشباب والفلاحين فتركز حديثهم عن عدم الثقة في الحكومة الانتقالية وبسؤالنا عن السبب أوضحوا أنّها لم تلتفت إلى مطالبهم العاجلة والحياتية ولم تف بوعودها بخصوص إنشاء مدرسة إعدادية وتوسيع المستوصف المحلي وتجهيزه كما عبّروا عن تخوفاتهم من الأحزاب السياسية التي يجهلون أغلبها ويجدون برامج البقية متشابهة.

وأكّد لنا الفلاح عمّار ولد زويتة والمتقاعد خالد بن بريكة أنّ مشاكل الجهة تعود إلى سببين:

أوّلهما سياسي، أفرزه النظام البائد ويتمثّل في غياب الكفاءات المسؤولة في الجهة وخاصة في القطاعات التنموية وعلى رأسها الفلاحة إلى جانب اعتماد السلط على الوجوه «التجمعية» التي زادت الطين بلّة بعجزها وفسادها.

أمّا السبب الثاني، وهو سبب مادي بحت. ذلك أنّه رغم وجود سدّ على وادي الظلّ بسند الحدّاد واحتوائه على مائدة مائية هامة، فإنّ عجز الفلاح عن توفير آلات وأدوات استغلاله تجعل هذه الثروة عديمة الجدوى.

وبخصوص استغلال الغابات بوصفها تمثل مصدر رزق للعديد من العائلات اشتكى مفتاح المرابطي أحد فلاحي الجهة من الترفيع في معاليم عشابة الغابة المنتجة للزقوقو التي تحوّلت من مبلغ رمزي 15 دينار إلى مزاد علني بلغ الملايين والملايين فدخل الوسطاء الميدان ووضع رجال الأعمال أيديهم على هذا النشاط.

إنّ إطلالة سريعة على منطقة لا تعتبر ريفية بالمعنى العميق للكلمة باعتبار وجودها على الطرق الكبيرة وقربها من مواطن العمران العريقة وكثافتها السكانية تجعلنا ندرك مدى خطورة الجرح الذي خلّفه النظام البائد. فبعد أكثر من 60 سنة عن خروج المستعمر يجب أن نضع نقاط استفهام حول مفهوم التنمية وخيارات الاقتصاد الوطني وأن نسائل كل من له باع وذراع عن أموال صناديق 26-26 و21-21 التي جمعت خاصة، مثل أداءات الدولة، من جيوب الفقراء وخبز أبنائهم.

أيمن ورفيق

مجدي المرابطي
الزاهي الزايدي
خليفة بن محمد


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني