منذ انطلاق الحملة الانتخابية في غرة أكتوبر الجاري شرع مناضلو حزب العمال وأنصاره في تعليق قائماتهم الانتخابية في وقت مبكر مقارنة ببعض القائمات الأخرى.
«صوت الشعب» التقت رئيس الحملة الانتخابية لحزب العمال الرفيق محمد مزام فكان معه الحوار التالي...
كيف انطلقت الحملة الانتخابية لحزب العمال؟
حزب العمال انطلق في حملته الانتخابية منذ الساعة صفر من الموعد الذي ضبطته الهيئة المستقلة للانتخابات وذلك بتعليق اللافتات في الأماكن المخصصة لها في شتى الدوائر الانتخابية، وقد قمنا بتنظيم اجتماعات شعبية أثناء الافتتاح خصوصا في العاصمة وقد حضرها أنصار الحزب ومناضلوه.
منذ اليوم الأول انطلق حزب العمال في خياره الأساسي وهو تكثيف الاتصال الميداني والمباشر بالمواطنين في كل الأماكن المتواجد فيها خاصة في الأحياء الشعبية وفي المناطق الصناعية وفي القرى والأرياف، ونحن نقوم منذ مدة بجولات في مختلف جهات البلاد واجتماعات شعبية نعمل على تكثيفها خلال الحملة الانتخابية، وبالتالي نحن لا نعول على البهرج الدعائي سواء بالمعلقات الضخمة أو اللجوء إلى الإشهار في وسائل الإعلام بل نعول على تفاني مناضلينا وعلى وضوحنا السياسي وذلك بالاتصال المباشر بالمواطن لتفسير برامجنا وتفصيل مقترحاتنا والتعريف بالخيارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي ندافع عنها.
ما هي الصعوبات التي يتعرض لها الحزب في حملته الانتخابية؟
الصعوبات تتعلق أساسا بالمسألة الإدارية إذ لاحظنا الكثير من التذبذب وضعف على مستوى التنسيق بين الهيئة المركزية للانتخابات والهيئات الفرعية، ويبدو واضحا أن السلطة وأجهزتها الإدارية من ولايات ومعتمديات وبلديات لا تبدي تجاوبا كبيرا مع الهيئة المستقلة للانتخابات، لذلك وكما أسلفت القول نحن نعول على تفاني مناضلينا حتى يقوموا بتذليل كل الصعوبات التي يتعرضون لها ولا نعول على التمويلات والهبات.
بخصوص التمويلات أثارت مسألة الإشهار السياسي جدلا كبيرا في الآونة الأخيرة، كيف تنظرون لهذه المسألة؟
في البداية لا بد من إدانة المال السياسي وكل ما يترتب عنه من إشهار وشراء للذمم والأصوات عن طريق الأموال الطائلة التي تنفق ولا نعرف مصدرها والهدف منها، وقد ظهرت اليوم في الساحة السياسية بعض الأحزاب التي تكونت وأصبح لها صيت بفضل رصيدها المالي المشكوك فيه والغامض في مصادره، وقد أصبح واضحا للعيان أن الإشهار السياسي أصبح يعوض، لدى هذه الأحزاب، البرامج والأفكار. ومن هذا المنطلق بات المال السياسي خطرا يهدد المسار الثوري والديمقراطي في تونس لأنه يُدخل المزيد من الغموض في أذهان المواطنين ويفتح الباب على مصراعيه أمام شراء الأصوات والذمم سواء بشكل مباشر أو عن طريق دفع مقابل مالي للأشخاص لاشتراء أصواتهم أو بأشكال غير مباشرة عن طريق تقديم الإعانات أو الخدمات الاجتماعية مثلما تفعل بعض الأحزاب. لذلك نحن نوكد أن الأحزاب عليها أن تقوم بصياغة برامج وتقدم مقترحات وحلولا لمشاكل الشعب التونسي عوض تقديم أموال تنفق في الإشهار وفي شراء الأصوات والذمم. ولذلك فإن حزبنا يعوّل على موارده الذاتية التي تتأتى من مساهمات أعضائه ومنخرطيه وأنصاره وعلى تواجدهم أيضا في الميدان وعطائهم الشخصي أثناء الاتصال بالمواطنين.
أكد الأمين العام للحزب الرفيق حمة الهمامي أثناء ظهوره في وسائل الإعلام أن المجلس التأسيسي يجب أن يصبح محطة ثورية في تاريخ الشعب التونسي، كيف له أن يكون كذلك في رأيكم؟
المجلس التأسيسي يمكن أن يصبح لحظة ثورية لو أن هذه الانتخابات تفرز مجلسا تأسيسيا تُمَثّل فيه القوى السياسية المنحازة للثورة والمدافعة عن المصالح الحيوية للشعب التونسي، وعندما يتشكل مجلس من هذا الطراز يصبح بالإمكان أن يتحول إلى مؤسسة تنفذ الأجندات التي طرحتها الثورة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي والاجتماعي. وتكون البداية بسن دستور يكرّس نظاما سياسيا ديمقراطيا مبني على احترام الحقوق والحريات ويكرس سيادة الشعب وسلطته عبر مؤسسات تمثيلية منتخبة وذات مصداقية يراقبها الشعب ويعزلها ويسحب منها الثقة إذا اقتضى الأمر وذلك عن طريق إرساء نظام برلماني وعبر مجالس جهوية ومحلية منتخبة، هذا بالإضافة إلى ضرورة بناء منظومة قضائية مستقلة وأجهزة أمنية تخضع للقانون وتخدم مصلحة المواطن لا مصلحة الحاكم، وعلاوة على هذا يجب أن ينص الدستور على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للشعب التونسي التي يجب على الدولة أن تضمنها وتوفرها. كما أن المجلس في حال تمثيله للقوى الثورية يجب أن يشرف على تشكيل حكومة جديدة تكون لها الإرادة والقدرة على الاستجابة للمطالب الحيوية التي رفعتها الثورة.
نحن نعتقد أنه في حال اضطلاع المجلس التأسيسي بهذه المهام سيصبح بالفعل محطة ثورية في تاريخ الشعب التونسي، لكن الحذر يبقى واجبا على الشعب وقواه الثورية والديمقراطية لأن أركان الاستبداد مازالت قائمة ما لم يتم تقويضها وتفكيكها نهائيا وبناء نظام جديد ديمقراطي.
لماذا اخترتم لحملتكم شعار «أعطي صوتك للثورة»؟
جاء هذا الاختيار على اعتبار أننا نطمح إلى أن يتحول المجلس التأسيسي إلى مؤسسة تعمق مسار الثورة وتنقلها إلى مرحلة جديدة، وقد بات من الواضح أن الثورة حققت بعض أهدافها لكنها لم تحقق الانتصار النهائي ولم تستكمل مهامها لذلك على الشعب التونسي أن يختار القوى المنحازة لأهداف الثورة وليست تلك التي تريد أن ترجع بتونس إلى عهد الفساد والاستبداد أو تلك التي تريد حصر الثورة في مجرد تزويق ديكور جديد بنفس المنظومة الاجتماعية والاقتصادية القائمة. وقد جاء شعار «أعطي صوتك للثورة» لتحفيز الشعب التونسي على اختيار القوى المنحازة للثورة ومنها حزب العمال.
هناك بعض المبادرات لمراقبة الانتخابات وذلك من طرف بعض المؤسسات الأجنبية التي تحوم حولها بعض الشكوك، كيف يتعاطى حزب العمال سياسيا مع هذه المبادرات؟
نحن ندرك أن أمثال هذه المؤسسات لا تريد الديمقراطية والعدالة الاجتماعية للشعب التونسي وكل ما تريده هو الدفاع عن مصالح الدوائر الرأسمالية الاستعمارية لأن نفس هذه المؤسسات هي التي أشرفت ولاحظت في انتخابات العراق وأفغانستان وغيرها من الانتخابات المفبركة على القياس، لكن في المقابل لدينا ثقة في الهيئة المستقلة للانتخابات لأنها تتكون من أشخاص يتمتعون بمصداقية وعرفوا بنضالهم ضد نظام بن علي.
أما ما يبعث على الخوف في حقيقة الأمر فهو تعاطي السلط الحالية مع مسألة الانتخابات لأن أجهزة بن علي مازالت تعمل، فالبوليس السياسي مثلا مازال يشتغل بنفس الوتيرة بل بدرجة أكبر في بعض الأحيان، وهو ما ينسحب أيضا على المؤسسة القضائية التي مازالت تحت سيطرة بقايا نظام بن علي وذلك بشهادة القضاة أنفسهم. والإعلام أيضا رغم هامش الحرية مازال يخضع لرموز الاستبداد الاعلامي الذين عاضدوا بن علي، ونفس الشيء بالنسبة للإدارة التي مازالت تحت سيطرة بقايا الدكتاتورية.
لذلك فإن الجهة التي نتخوف من تلاعبها بالانتخابات هي السلطة القائمة بكل أجهزتها لأنها في حقيقة الأمر تعتبر امتدادا لنظام بن علي لكن بوجوه مختلفة، وها نحن نلاحظ المؤشرات السلبية قد بدأت تطفو على السطح على غرار عدم التعاون مع الهيئة المستقلة للانتخابات سواء في المركز او في الجهات. ونحن نحمل مسؤولية أي إخلال بمصداقية الانتخابات للسلطة القائمة وأجهزتها القضائية والإدارية والأمنية.
حاوره ياسين النابلي