الصفحة الأساسية > البديل النقابي > جولة انتخابية جديدة.. وملامح خريطة نقابية جديدة
جولة انتخابية جديدة.. وملامح خريطة نقابية جديدة
15 كانون الثاني (يناير) 2006

شهدت الساحة النقابية في المدة الأخيرة جولة جديدة من المؤتمرات النقابية لعدد من الهياكل القطاعية التي لم تشملها حملة التجديد في السنة الفارطة. سلسلة هذه المؤتمرات شملت كل من جامعة الكهرباء والغاز وجامعة الفلاحة والنقابة العامة للتجهيز وجامعة المالية والنقابة العامة لعملة التربية وجامعة المياه.

وقد اكتست مؤتمرات هذه الهياكل أهمية بالغة بالنظر إلى الوزن الذي تمثله قطاعاتها من حيث عدد المنخرطين وبالتالي عدد النيابات في المناسبات الانتخابية الوطنية القادمة وخاصة المؤتمر العام سنة 2007 مثل جامعة الفلاحة أو التجهيز.

وإلى جانب ذلك فإن الكثير من هذه النقابات والجامعات يتميز بتجربة نقابية عريقة من حيث التنوع الفكري وصراع المواقف الذي ينعكس في مثل هذه المناسبات في صراع القوائم والرموز. ذلك ما جعل مؤتمراتها "ساخنة" بل ومتوترة أحيانا إلى حد كبير وهو ما استرعى أيضا انتباه كل الساحة النقابية تقريبا في المدة الأخيرة.

ولعلّ الظاهرة الأهم في هذا الجانب هو انخراط أعضاء بارزين من القيادة النقابية في هذه الصراعات بل وإدارتها والإشراف عليها أحيانا وتغذيتها. ولوحظ أن عوامل وأدوات كثيرة قديمة/جديدة قد رجعت بقوة على الساحة من أجل كسب الصراع أي كسب نتائج الانتخابات والفوز بقيادة هذه القطاعات. من الأدوات المستعملة طبعا الجهوية إذ عاد الحديث بقوة عن "القراقنة" و"القفاصة" وعن "جماعة 08" و "القوابسية" إلخ...

كما لوحظ عودة الصراع القديم الذي كان يشق الحركة النقابية قبيل مؤتمر سوسة 89 وهو الصراع بين القوائم المدعومة من " الخط العاشوري " والمرتبطة بدرجات متفاوتة بعناصر إسلامية قريبة من حركة " النهضة " وقوائم متباينة مع هذا الخط. واللافت في هذا الأمر أن نفس الرموز "العاشورية " قد عادت لتتصدر هذا القطب وتقوده تماما كما كان الأمر خلال سنوات الأزمة 85 – 88 كما أن ذات الرموز " النهضوية " التي كانت في شبه خلايا نائمة هي التي عادت لتنشط القوائم مثلما حصل في مؤتمر جامعة المالية.

ومما لوحظ أيضا من خلال هذه المحطات الانتخابية الأخيرة أن خطوط الفصل بين القطبين المتصارعين لم تنطلق من تقييمات متباينة ولم تعلن عن مشاريع متناقضة، كل ما في الأمر أن الرموز والأسماء المقدمة تختزل ضمنيا طبيعة هذه التناقضات والتباينات المفترضة والتي لم تعبّر بعد عن نفسها بوضوح أو هي – لدى البعض - لا تعبّر إلا على الحسابات الانتخابية فقط. ولا أدلّ على ذلك ترشح عنصر معروف بتشيعه لليسار بل لتيار من أقصى اليسار في مؤتمر جامعة المالية ضمن قائمة عمودها الفقري عناصر قريبة من النهضة دون حتى أن يكون هنالك أدنى أرضية توضح طبيعة الالتقاء.

فمن هذه الزاوية لم تكن المعركة إذن معركة برامج ومشاريع نقابية بقدر ما كانت معركة ولاءات محركها الأساسي حمى كسب المواقع وحسابات المؤتمر الوطني القادم للاتحاد العام التونسي للشغل.

ومما يؤكد هذا الأمر أيضا ظهور مؤشرات على ملامح تشكل تحالفات جديدة بين أطراف لم يكن أحد يتصوّر من قبل إمكانية حصولها بعلاقة بمؤتمر جامعة المياه والتطورات الأخيرة التي طرأت على تشكيلة الاتحاد الجهوي ببن عروس وخاصة التحضير لطرد عضو من أعضائه بدعوى أنه "تجمعي" و"يتعامل مع البوليس" بعد أن كان حتى الأمس القريب "مناضلا لا يرقى له الشك".

تلك هي مقتضيات التسابق "السابق لأوانه" نحو موقع في المكتب التنفيذي وتلك هي إحدى صور "الذكاء النقابي" وإلا ماذا يمكن أن يؤلف بين وجوه نقابية يعلم القاصي والداني أن لا شيء يمكن أن يؤلف بينها سوى المصالح الانتهازية الضيقة؟



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني